تصدر الذهب المشهد الاستثماري في 2011، حيث حقق ارتفاعات كبيرة جعلته الملاذ الآمن في عام شهد العديد من الاضطرابات السياسية والاقتصادية في المنطقة والعالم، مما أثر بشكل كبير على كل القطاعات الاستثمارية من بورصة وعقار وخدمات.
وتوقع خبراء أن يواصل الذهب الاستحواذ على مركز الريادة في الاستثمار خلال 2012 أيضاً، خاصة مع استمرار العوامل التي أدت إلى ارتفاعه، موضحين أن تفاقم الأوضاع الاقتصادية العالمية في العام الماضي، لاسيما مشكلة الديون السيادية وأزمة منطقة اليورو، إضافة إلى الأوضاع السياسية المتوترة في الخليج، التي قد تنذر بوقوع حرب في المنطقة، من أهم الأسباب التي ستدفع المستثمرين في المنطقة إلى الاستثمار في الذهب.
وقال الخبراء، في حوار مع «الجريدة»، إن العقار يأتي بعد الذهب في عوائده الجيدة والآمنة، خاصة «الاستثماري»، الذي يتميز بقدرة على النمو بسبب عدة عوامل ايجابية تزيد الطلب عليه محلياً، مؤكدين أنه لا توجد قنوات استثمار حقيقية في الكويت إلا الذهب والعقار، خاصة مع القيود التي وضعتها الدولة على الشركات، مما دفعها إلى الاستثمار في الخارج، إضافة إلى الانخفاضات الكبيرة التي شهدتها البورصة، والتي يتوقع أن تستمر خلال العام الحالي.
وأضافوا أن الاستثمار في السندات السيادية الحكومية، التي تصدرها الدولة سواء في الكويت أو في دول الخليج، قد يكون جيداً، لاسيما انه يعد استثمارا آمنا بدون مخاطر، وذا عوائد جيدة تغني عن المخاطرة في الاسواق المالية، مشيرين إلى أن قطاع الأغذية يعد قطاعا جذابا، خاصة أن الطلب على الموارد الغذائية لا ينخفض رغم ارتفاع بعض أسعارها، وهو الأمر الذي يساهم في زيادة ربحية المستثمرين في هذا القطاع التشغيلي، وفي ما يلي التفاصيل.
قال عضو غرفة التجارة والصناعة طارق بدر السالم المطوع إن النفط والذهب سيكونان من أهم السلع التي سيواصل المستثمرون الكويتيون التوجه إليها خلال عام 2012، موضحاً أنه لا توجد قنوات استثمارات حقيقية في الكويت إلا هاتين السلعتين، خاصة مع القيود التي وضعتها الدولة على الشركات مما دفعها إلى الاستثمار في الخارج.
وأشار المطوع إلى أن السعودية والامارات وباقي دول الخليج استقطبت المستثمرين الكويتيين للاستثمار بها في جميع القطاعات سواء العقارية أو الصناعية وحتى المالية، وذلك في ظل الفساد الاداري المنتشر في أجهزة الحكومة والذي جعل الاستثمار في الكويت غير مغر للمستثمرين المحليين، داعياً الحكومة الحالية إلى ضرورة أن يقوم كل وزير بتنظيف وزارته من الفساد المستشري فيها، خاصة وأن المستثمر يواجه بسبب هذا الفساد العديد من العقبات والتحديات حتى يقوم بإنشاء شركة أو مشروع.
وبين أن القوانين الحالية جيدة ولكن في حال تطبيقها فالعديد منها لم يتم تفعيله وهو السبب في ما وصلنا به حالياً، مبيناً أن هناك حزمة قوانين اخرى يجب أن يتم اقرارها وتعديلها خصوصاً ان بعض التشريعات عفى عليها الزمن، مطالباً بالاسراع في تطوير القوانين لان الوضع الحالي لن يساهم في عملية التنمية بل سيؤدي الى استمرار خروج المستثمريين الكويتيين من البلد.
ولفت المطوع إلى ان أهم قطاعين اقتصاديين في الكويت وهما البورصة والعقار يعانيان العديد من المشاكل، فالعقار يئن من روتين البلدية وشح الاراضي، أما البورصة فتعتبر مرآة للواقع الاقتصادي في الكويت والذي يتدهور بشكل مستمر.
تفاقم الاوضاع الاقتصادية
قال عضو غرفة التجارة والصناعة احمد القضيبي إن الذهب هو الاستثمار الأمثل في 2012 مع تفاقم الاوضاع الاقتصادية العالمية في العام الماضي، خاصة مشكلة الديون السيادية وأزمة منطقة اليورو، لافتاً إلى أن الاوضاع السياسية المتوترة في الخليج قد تكون من أهم الاسباب التي ستدفع المستثمرين في المنطقة إلى الاستثمار في الذهب.
وأضاف أن أي حل ستقوم به اوروبا وأميركا للخروج من مشكلتها الاقتصادية سيؤدي إلى حدوث تضخم كبير في الاسعار، مما سيجعل الذهب الملاذ لكل المستثمرين حول العالم، لافتاً ان إلى الازمة الاميركية دفعت العديد من الدول خاصة الآسيوية إلى التحوط من الدولار بشراء الذهب عبر بنوكها المركزية.
وأوضح القضيبي أن تعافي هذه الاقتصادات العالمية وعودة انتعاش البورصات العالمية سيستغرق وقتا طويلا، وهو ما حدث خلال جميع الازمات السابقة التي مرت على الاقتصاد العالمي، وهو الامر الذي سيجعل التحوط بالذهب عنوان المرحلة القادمة للمستثمرين.
وأكد أن التداول على الذهب سيواصل الارتفاع مع تزايد أهميته بوصفه الاستثمار الأمثل والآمن خلال العام الجديد، في ظل الاضطرابات الاقتصادية والسياسية، متوقعاً أن تقوم الشركات بتحويل جزء من محافظها الاستثمارية إلى الذهب للاستفادة من عوائده المضمونة والآمنة.
مخاطر مرتفعة
قال مستشار مجلس إدارة شركة أرزاق كابيتال صلاح السلطان إنه في الوقت الحالي توجد صعوبات ومخاطر مرتفعة جدا خصوصا في سوق الكويت للأوراق المالية، والجميع ينصح بعدم الاستثمار والدخول للسوق في الوقت الحالي، موضحا انه إذا كانت هناك تحركات حكومية تجاه الاقتصاد ككل فستكون هناك فرص كثيرة يمكن لصغار المستثمرين ان يستثمروا أموالهم فيها.
وذكر السلطان: “بما انه ليست هناك رؤية واضحة لاقتصادات العالم، وان الوضع الاقتصادي والسياسي غير مستقر، والاستثمار في الوقت الحالي فيه مخاطر مرتفعة جدا، ومن الممكن ان يحقق خسائر كبيرة جدا، فإن أفضل استثمار هو الاستثمار في السندات السيادية الحكومية التي تصدرها الدولة سواء في الكويت أو في الخليج العربي، فيمكن لصغار المستثمرين ان يستثمروا أموالهم فيها، وهي من الاستثمارات الآمنة، وليس فيها مخاطر، وعوائدها جيدة تغنيك عن المخاطرة في البورصة.
واشار الى ان هناك أشخاصا يدخلون البورصة ويقومون بعمليات مضاربة غير مقننة، وبالتالي تكون هناك خسائر كبيرة، مضيفا: “يجب على المستثمر الصغير ان يكون أكثر حذرا من غيره، لأن الشركات أو المستثمرين الكبار تكون لديهم شخصيات ومحللون ومستشارون يقدمون لهم المعلومات الكافية عن الشركة التي يريدون المساهمة فيها”.
وضع اقتصادي مزعزع
قال استاذ الاقتصاد عبدالله السلمان إن الوضع الاقتصادي العالمي مازال متزعزعا، ويشهد تباطؤا شديدا في التعافي، وأزمة الديون مازالت تخيم على منطقة اليورو، موضحا ان شح المحفزات له أسباب عدة، منها الأحداث العالمية وعلى رأسها أزمة أوروبا، إضافة إلى عدم استقرار الوضع الداخلي من تجاذبات سياسية بين المجلس والحكومة، إضافة الى أحداث الثورات العربية.
وتابع السلمان: “ان هذه الأحداث تؤثر على المسيرة الاقتصادية وتجعل المخاطر عالية”، مشيرا الى ان أفضل انواع الاستثمار سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل يكون في المعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب، فمخاطره منخفضة جدا أو معدومة تقريبا، مقارنة بالاستثمارات المتاحة سواء كانت سندات أو عقارا أو أسهما ممتازة.
واشار الى ان أفضل الاستثمار بعد المعادن الثمينة هو الاستثمار في السندات الحكومية، لكن تعتمد تلك السندات على الوضع السيادي للدولة، فعلى سبيل المثال لو تمت مقارنة السندات الأوروبية بالسندات الأميركية في الوقت الحالي فسيكون الأفضل والأكثر أمانا الاستثمار في السندات الأميركية، لأن مخاطرها اقل بكثير من السندات الأوروبية التي تخيم عليها أزمة الديون السيادية، موضحا ان من ضمن الأدوات الاستثمارية التي تعتبر آمنة نوعا ما الاستثمار في الأسهم الممتازة، وهي الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا وتعتبر تشغيلية.
من جانبه، صرح نائب الرئيس التنفيذي للتسويق والمبيعات في شركة ايفا للاستشارات خالد العوضي بأن الاستثمارات المباشرة والاستثمارات في العقارات هي الأفضل في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن هذه الاستثمارات مربحة في الوقت الحالي، سواء كانت محلية أو عالمية، لكن يفضل الاستثمار في أماكن يعرفها المستثمر نفسه، وتكون على مقربة منه.
وأضاف العوضي أنه إذا توافرت عوامل الشفافية والعوائد المجزية في هذه الانواع من الاستثمارات، فمن المؤكد أن تكون عوائدها مجزية جدا، مضيفاً أنه متى توافرت فرصة للاستثمار المباشر أو في العقار فإنه من الأفضل أن يستغلها المستثمرون.
وتابع: “هناك قطاعات أخرى تعتبر هدفاً جيداً هذه الأيام للاستثمارات، منها الاستثمار في الذهب وعقود النفط، لكن المشكلة تكمن في أن معظم المستثمرين المحليين لا يفهمون في مثل هذه الاستثمارات، نظراً إلى اعتيادهم على الاستثمارات التقليدية، وهي سوق الاوراق المالية والعقار، مضيفاً أن الاستثمار في الذهب مربح، ومستمر في الصعود منذ سنوات، وهذا يجعله مغرياً.
اسواق المال غير مستقرة