الرياض..تنمو المناطق الحضرية حول العالم بوتيرة متسارعة بالتزامن مع التحول الرقمي الذي يشهد إقبالاً هائلاً على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في أوساط الأفراد والشركات والحكومات، وهو ما يشكل قوة دافعة للتحول الاجتماعي والاقتصادي في مختلف المدن حول العالم. وقد كشف تقرير للأمم المتحدة، صدر مؤخراً، أنه سيتمركز بحلول العام 2050 ما يقارب 70% من سكان العالم في المناطق الحضرية، وهناك توقعات كبيرة بأن تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على احد أعلى معدلات التجمع السكاني في المناطق الحضرية على النطاق العالمي بنسبة تتراوح من 80% إلى 100%.
ومؤخراً قامت شركتا «إي إم سي» الشرق الأوسط وشركة IDC بدراسة بحثيه تهدف إلى تمكين ودعم جهود الحكومات حول العالم وفي المنطقة لتحويل مناطقها الحضرية إلى مدن ذكية، حيث تسعى «إي إم سي» إلى تقديم منصة مدن ذكية منفتحة وسريعة الاستجابة ومعرفة بالبرمجيات وقائمة على تحليل البيانات، مما يتيح السرعة والأداء وقابلية التوسع اللازمة للمدن المتصلة على نطاق واسع والمرتكزة اساساً على البيانات.
ويوفر المستند البحثي التوجيه اللازم لجميع الجهات المعنية في النظام الإيكولوجي للمدن الذكية، مما يتيح بلورة المنافع بشكل واضح وأهم ركائز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المدن الذكية ويبرز أهمية الابتكار في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
كما ويعرض البحث رؤى حول النشر الفعال لمجموعة شاملة من تقنيات التطور، بما في ذلك السحابة وتحليل البيانات الكبيرة وبحيرات البيانات والأمن التي تشكل العمود الفقري لإنشاء مدن المستقبل الذكية والمتميزة بسرعة الاستجابة والقائمة على البيانات.
كما ويسلط المستند البحثي الضوء على أهمية وجود نظام إيكولوجي تعاوني قوي بإشراك جميع الجهات المعنية، ويقدم أيضاً نموذج معدل نضج المدن الذكية القابل للاستخدام لغرض تقييم جهة معنية بالمدن الذكية أو مشروع فردي أو عدة جهات معنية داخل النظام الإيكولوجي للمدن الذكية. من جانبها تعرض «IDC» رؤيتها حول خمس مراحل من النضج التي تمر بها المدن الذكية، وترتكز كل منها على تقييم مستوى جاهزية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعمليات الحكومية، والتنسيق والتعاون وحوكمة البيانات.
وتتوقع «IDC» أنه بحلول عام 2020، سيشهد العالم وجود أكثر من 30 مليار جهازاً متصلاً مما يشكل النظام الإيكولوجي لإنترنت الأشياء، وستولد كافة التطبيقات والأجهزة ما يصل إلى 44 زيتا بايت من البيانات (أو 44 تريليون غيغا بايت) في العالم الرقمي، كما وسيؤدي هذا التحول إلى نشوء عالم البرمجيات المعرفة بالبيانات بحيث أن كل جهاز ذكي سيتلقى أو يبث كميات هائلة من البيانات.
وتجمع منصة المدن الذكية من اتحاد «إي إم سي»، المؤلفة من ثلاث طبقات رئيسية، هي EMCII و VMware و VCE و Pivotal و RSA و Virtustream. كما تقدم منصة المدن الذكية أحدث التقنيات المتطورة والرائدة لاستضافة التطبيقات الراهنة، وإتاحة تطوير تطبيقات السحابة الأصلية (Cloud Native) التي ستدعم المدن وتمكنها من تسريع وتيرة الابتكار وتوفير تجربة تعامل فائقة وسريعة ومتوافقة مع المتطلبات الخاصة لكل من السكان والشركات، الى جانب تكريس مزايا الاستجابة السريعة والاستدامة.
وبدأت دول مجلس التعاون الخليجي تشهد بالفعل التحول المدعوم بالابتكار لمدنها في مختلف أنحاء المنطقة. فهناك مدن في المملكة مثل جدة ومكة المكرمة والرياض قد تم وضعها في الخطة لإحداث هذا التحول. وفي إطار بلورة رؤية 2030، تسعى دولة قطر للتحول إلى نموذج المدن الذكية، وتطبق حالياً هذا النموذج على مدينة اللوسيل، التي من المقرر لها أن تكون مركزا للبنية التحتية المتكاملة والشبكات ووسائل النقل الذكية. واتخذت دبي في الإمارات زمام المبادرة في نشر الخدمات الذكية التي يتم استخدام المئات منها الآن وبشكل فعلي. وقد ساهم معرض إكسبو 2020 في زيادة تحفيز الحكومة المحلية على اعتماد الخدمات الذكية. وتتماشى هذه المبادرات مع تطلعات حكومات دول مجلس التعاون لتحسين جودة الحياة لمواطنيها وتشجيع رجال الأعمال ودفع عجلة النمو الاقتصادي في المستقبل.
ويعرض المستند البحثي حالات استخدام نموذجية وأفضل الممارسات ذات الصلة بمبادرات المدن الذكية المستقاة من منطقة الشرق الأوسط، وتشكيلها لجزء محوري من الاستراتيجية الوطنية للدول والهادفة لتحسين حياة المواطنين والمقيمين والشركات، وتوفير اقتصاد متنوع ومستدام والتشجيع على الابتكار.
