اقتصاد عالمي نُشر

تركيا الضحية الأولى للاحتياطي الفيدرالي.. فمن التالي؟

 
في عام 2008، عندما حدثت الأزمة المالية العالمية، قام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بشراء 4.8 تريليون دولار من السندات والأصول الأخرى، من أجل إنقاذ الاقتصاد العالمي من هذه الأزم، كما قام ببيع القليل من السندات الموجودة بحوزته، بهدف خفض ميزانيته العمومية.
 
هناك دول أخرى اتبعت هذه السياسة، فالبنك المركزي الأوروبي يحاول الآن تقليل حجم ميزانيته العمومية، وبعد سبتمبر المقبل لن يقوم بالمزيد من عمليات الإنقاد، وفي المملكة المتحدة بدأ بنك إنجلترا بالفعل في رفع سعر الفائدة، من أجل دعم الإسترليني وامتصاص السيولة.
 
وبحسب ما قاله "روز مولد" مدير الاستثمار في "إيه جيه بيل"، فإنه على الرغم من أن التغير الأخير في منحنى الأصول لدى الاحتياطي الفيدرالي يبدو محدودًا، إلا أنه في الحقيقة مقدمة لهبوط قادم، سيصل إلى 600 مليار دولار سنويًا.
 
وإذا نظرنا إلى الوضع الاقتصادي في تركيا، سنجد أن الضغوط التي يتعرض لها كبيرة جدًا، بداية من الخلاف القائم بين الرئيس رجب طيب أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول التعريفات الجمركية على الصلب والألمونيوم، إلى جانب قضية القس الأمريكي المتهم بالجاسوسية والتي ترفض تركيا الإفراج عنه.
 
إلا أن كل هذه القضايا ليست كبيرة، للدرجة التي تجعل الليرة التركية تفقد 40% من قيمتها، ولكن السبب الأساسي يرجع إلى أن الاقتصاد التركي قام على مستويات عالية من الإنفاق المستمد من الديون الخارجية.
 
ربما تكون هذه الاستراتيجية ناجحة عندما تسير الأمور على ما يرام، فإذا ارتفعت قيمة العملة المحلية على سبيل المثال، سيصبح من السهل سداد الديون بالعملات الأجنبية مع مرور الوقت، فتركيا تمكنت من تحقيق معدل نمو بلغ 7% بفضل هذه الاستراتيجية، إلا أن إجمالي الدين الخارجي بلغ 466 مليار دولار، أي حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب ما قاله "فرحان سلمان" المحلل لدى مصرف "بنك أوف أمريكا ميريل لينش".
 
ومع تراجع السيولة العالمية والحد من معروض الدولارات، أصبح من الصعب على تركيا الحصول على الأموال التي تحتاجها لتسديد ديونها، أو تمويل الإنفاق الحكومي، في الوقت الذي تواصل فيه ديون البلاد المقومة بالدولار الأمريكي التزايد مع تراجع الليرة التركية.
 
وبسبب كل هذا، بدأ الحديث يزداد عن وقوع عدوى في الأسواق الناشئة وأزمة في العملات، وهو ما يفسر الضغوط على الدولار الأسترالي، حيث تجري أستراليا الآن تعاملات تجارية كبيرة مع دول المحيط الهادئ وآسيا والصين.
 
أصبحت الاقتصادات التي تنجز عمل جيد وضخم في وقت قياسي، تدرك جيدًا أن عملاتها لم تعد قادرة على دفع التزاماتها، ومن هنا يبدأ الضعف والركود، فإذا لم تستطع دولة واحدة سداد ديونها، فإن المستثمرون سيبدأون في الانسحاب من بلدان أخرى تشهد ظروفا مشابهة.
 
حاليًا، تعد روسيا والبرازيل ضمن الجبهة الأضعف من هذه المعادلة، على الرغم من أنهما اقتصادان رئيسيان، وهذا يوحي بميلاد أزمة كبيرة شديدة الخطورة، وحتى الآن ليس من الواضح ما إذا كانت أزمات الأسواق الناشئة التي حدثت في نهاية التسعينيات ستتكرر مرة أخرى أم لا.
 
 
Investing.com

مواضيع ذات صلة :