مصارف وشركات نُشر

تحذيرات من انهيار شركة الصليف بالحديدة بسبب تدخلات بعض المستثمرين فيها

انهارت شركة الصليف لإنتاج وتسويق الملح والجبس في محافظة الحديدة بصورة مخيفة، وأعلنت فشلها في عدم توفير مرتبات لمدة تزيد عن تسعة أشهر ماضية، بعد أن تراجع إنتاجها من الملح والجبس، وتقلصت الحصة التي يتم إرسالها إلى مصانع الإسمنت في باجل والبرح، وذلك بسبب تدخل عمل مستثمرين في هذا المجال، وكسروا احتكار الشركة لعملية بيع مادة الجبس التي تدخل في صناعة الإسمنت ويتم الاعتماد عليها في عمليات البيع لصالح الشركة، كما تسبب المستثمرون في تدهور الشركة التي تداعت قُوها الشهر تلو الآخر، حتى أصبحت مهددة بالتلاشي في ظل مراقبة ومتابعة مجلس إدارتها لذلك الانهيار الذي لم يستفد منه سوى رئيس مجلسها السابق ونائبه، بحسب تأكيدات بقية أعضاء مجلس الإدارة.
والمطالبات التي تقدّم بها عمّال الشركة للحصول على مستحقاتهم المالية للأشهر التسعة الماضية طالت ودخلت متاهة الروتين، والضحية في ذلك أبناء وأهالي أولئك العمال الذين لم يجدوا شربة ماء أو كسرة خبز وقاوموا جوع الأيام، وصبروا، لعلّ الله يبعث في قلوب مدرائهم الرحمة وإخراجهم من هذه المأساة التي يعانون منها. والخروج المستمر للأهالي إلى الطرقات مع نسائهم وأطفالهم للمطالبة بحقوقهم رافعين شعار "لا لتجويع أطفالنا" لم ينتج عنه سوى بعض الكلمات التي نأمل -نحن البعيدين- عن هذه المأساة أن تتحقق أمنيات ومطالب العمّال الذين لم يعد لديهم سوى الله سبحانه وتعالى لرفع معاناتهم إليه.
النزول الدائم واللقاءات التي يقوم بها محافظ محافظة الحديدة أحمد سالم الجبلي إلى مديرية الصليف للإطلاع على مشكلة العمال، كشفت الكثير من الحقائق التي لم تكن بينه وأظهرت الأسباب التي جعلت تصل إلى ما وصلت إليه، ووضعت نقاط الحقائق على حروف الكذب التي أصطنعها مجلس الإدارة السابق واللاحق، والذي كان يُصرّ على إبقائها لتحقيق المزيد من الأرباح على حساب أولئك العمّال واعترف مجلس إدارة الشركة أن رئيس مجلسها السابق أخد مبلغ 270 مليون ريال من حسابات الشركة بحجة أن الشركة عليها ديون على العمّال، وهو من قام بسداد تلك الديون عنهم إلى جانب خلو حساب الشركة في البنك من أي رصيد إلى جانب أن ديون الشركة لدى الهيئة العامة للمعاشات بلغت 15 مليون ريال، وهو السبب الذي على ضوئه رفضت الهيئة إحالة بعض الموظفين إلى التقاعد، كما كشفت تلك المكاشفات والمصارحة الالتزامات التي على الشركة والمقدرة بـ926 مليون ريال.
وفشلت الإدارة في الحفاظ على هذه الشركة منذ أن أعلن فخامة رئيس الجمهورية الأخ علي عبد الله صالح قراره الجمهوري الذي تحوّلت به الشركة إلى ملك للعمّال كمساهمين، واختفت حسابات الشركة الحقيقة، واكتفت الإدارة التي كان يمثلها رئيس مجلس الإدارة ونائبه بالمراقبة وتنفيذ الأعمال التي كانت تعود عليهما بالفائدة الشخصية، خاصة في ظل غياب بقية أعضاء مجلس الإدارة الذين كان لهم دور كبير في وصول الشركة إلى هذه الحالة من خلال غياب المتابعة والارتكان على أشخاص محددين، لإدارة شؤون الشركة، وإتاحة الفرصة لدخول المتنفذين الذين استولوا على مصالح الشركة والإدعاء أن تلك الأماكن أملاك خاصة بهم، يظهر بذلك خط جديد في طريق تحطيم هذه الشركة التي بناها أبناء المديرية منذ أكثر من 48 سنة، دون أن يحصل لها أي مشكلة، وبعد ان تولى قيادتها عمالها انهارت وكأنها ملح فص، وذاب، وأصبح العمّال يعانون مشاكل لتأخر في استلام رواتبهم في الوقت الذي كانوا يستلمون رواتبهم إلى جانب المكافآت شهرياً دون انقطاع.
وأمام تلك المشاكل التي عصفت بالشركة بعد تمليكها للعمّال، وخاصة مشاكل المستثمرين الذين يدّعون أن بعض أراضي الشركة ملك لهم.. وفشل مجلس إدارة الشركة في تسليم العمال رواتبهم بعد انخفاض مبيعات الشركة وتراجعها أمام المبيعات التي يقدمها المستثمرون، أمام كل تلك المشاكل تقدّم العمال بعدد من المطالب الرئيسية التي يرون أنها ستعيد مياه الشركة إلى مجاريها، وتم عرضها أمام المحافظ الذي رفض رفضاً قاطعاً المطلب الأول الذي يطالبون فيه بإعادة الشركة إلى حضن الدولة، كما كانت في السابق، فيما وعدهم بمناقشة بقية المطالب التي تمثلت بصرف رواتب العمّال للأشهر المتبقية، وتسديد ديون التأمينات. وأكد المحافظ على إيجاد الحلول المناسبة لتلك المطالب والمشاكل في أسرع وقت.
لقد استغل رئيس مجلس إدارة الشركة السابق، عادل كميم، عفوية وطيبة أعضاء وعمّال الشركة، وقام مع نائبه حسن بورجي ومدير حسابات الشركة بإيصال الشركة إلى الحالة السيئة التي وصلت إليها. وعلى الرغم من تغيير إدارة مجلس إدارة جديد إلا أن الوضع لا يزال كما هو عليه، ولم يتمكن مجلس الإدارة الجديد من تحقيق أي تقدّم يُذكر، بل زادت أعمال المستثمرين في أراضي الشركة، ومع أن المحافظ قد وجّه بإيقاف أعمال المستثمرين في تلك الأراضي، إلا أن الشركة لم تتمكّن من تغيير وضعها، وظل الوضع كما هو عليه، ولم تتمكن الشركة إلى الآن من القيام بعملية استلام وتسليم بين الإدارة السابقة والإدارة الحالية.
مشكلة الشركة هي غياب مجلس إدارة قادر على إيجاد البرامج الجديدة وخطط العمل المتميزة التي تمكن الشركة من تصدير إنتاجها لتحقيق الفائدة. والمستثمرون ليسوا هم المشكلة الرئيسية أمام عودة الشركة إلى سابق عهدها، وأين ما وجدت الإدارة الناجحة وجد النجاح، ترى هل ستتمكن الإدارة الجديدة من اجتياز هذه المشكلة واستكمال مراحل النجاح التي شهدتها الشركة في السابق، أم ستذوب المكرمة الرئاسية لأبناء الصليف وتختفي كالملح.. نحن في الانتظار.
صحيفة السياسية

مواضيع ذات صلة :