آراء وأقلام نُشر

معركتنا مع الإرهاب (2)

 

لقد عرف العالم أن اليمانيون هم رسل سلام و محبة , و شعبنا اليمني عبر كل العصور يقدر مسؤولياته و يقدر دوره في نشر الإسلام حيثما كان و حيثما وجد , فما نزل ارضا و ما دخل معتركا إلا و كان له مع اسمى القيم و أقدسها شأن , و بصمات يتركها شاهدة للعيان _ نعم _... و قبل الاسترسال في الحلقة الثانية أأكد حقيقتين اولهما ان اليمن يتمتع بأفضل العلاقات مع جميع الدول العالم باستثناء الكيان الصهيوني , و ثانيهما أن معظم دول العالم اشقاء و اصدقاء شركائنا في تنمية اليمن . 

و خلاصة الحلقة الاولى أن اليمن خرجت من الحربين العالميتين مثقلة بالمعانة الانسانية من فقر و مرض و تخلف , و السبب منع محتلي اليمن من استغلال مياهها الإقليمية و ثرواتها الطبيعية في المياه و على اليابسة , وبعد صمت و سكون وسائل الدمار الحربي لأسلحة الحرب العالمية الأولى و قبل استسلام اليابان و المانيا حصل الشطر الشمالي من اليمن على استقلال من العثمانيين بموجب معاهدة باريس عام 1919 م التي نصت على انسحاب العثمانيين من الوطن العربي كاملا بناء على استلام تركيا و المانيا للحلفاء ... وقد ساهمت المعاهدة على إقامة مملكة إسلامية ذات طابع معتزلي زيدي في صنعاء بعد توقيع اتفاقية ( دعان ) بين الأتراك و الإمام يحي حميد الدين و على اثرها تأسست الدولة عام 1919م , في المقابل توسعت بريطانيا في الشطر الجنوبي وضمت معه منطقة الخليج العربي و زادت عليه إيران و العراق , و الجميع تحت مظلة الحماية ... و اثناء ذلك تعرضت المحافظات الشمالية لقصف الطائرات البريطانية في قعطبة , و الضالع , و ذمار , و إب , و تعز ... بينما قصفت مناطق اخرى ساحلية هي الحديدة , وميدي , و المُحيا , الصليف من قبل البوارج البريطانية ثم الإيطالية بهدف السيطرة على جزر البحر الأحمر و المدن المطلة على شاطئيه ( العربي _ الأفريقي ) .

في نفس الوقت الذي أشعلت بريطانيا و ايطاليا الحرب اليمنية السعودية على إقليم عسير اليمني ... كانت بريطانيا الحليف القوي للسعودية و صاحبة خطة غزو كربلاء 1801م و هي التي ساعدت الغنائمها في تأسيس الحكم السعودي في نجد و الحجاز و عسير اليمنية , و كذلك صاحبة الفضل في اقتراح و تسمية المملكة ... بينما ايطاليا الحليف الضعيف لليمن و المهزومة من أثيوبيا و الند الضعيف و الغير كفئ لبريطانيا قد اعطت اليمن اسلحة و منح دراسية و بعض الطائرات الحربية التي لم تستخدم مطلقاً ... وفي خضم الفوضى التي خلفت الحربين (الاولى _و الثانية ) ظهرت خمس احداث عالمية كبرى , غيرت مجرى التاريخ الدموي للاستعمار بل و عملت على إزالة و دفنه في مقبرة التاريخ البشري ... لقد انتقلت حرارة الثورة الامريكية بإعلان الاستقلال عن بريطانيا عام 1776 م و من الهبت مشاعر الشعب الفرنسي فأعلن الثورة عام 1789 م , و انتقلت الى اسبانيا عام 1873 م , ثم البرتغال و انتشرت مبادئها في الإخاء و العدل و المساواة و الحرية إلى العديد من شعوب القارات الخمس المتطلعة للحرية و الاستقلال ... و لم يكن في الحسبان أن تظهر من بريطانيا الصناعية التي تحتل مساحات من القارات الخمس التي لا تغيب عنها الشمس ... بوادر قيام حركة عالمية وضعت أسس الشيوعية و الاشتراكية على الرغم من عدم اكتراثها بأهداف الثورة الفرنسية ... ومن مدينتي (مانشستر و لندن ) ظهر (لينين , وماركس , و تروتسكي) ومن هناك انطلقت شرارة الثورات العالمية إلى المانيا التي استقبلتها و لكن لم تثمر فيها ... و لكنها ما لبثت أن استقرت و استعرت في موسكو معلنة قيام الثورة الروسية عام 1917 م بعد انضمام ثورة تروتكسي من نيويورك إلى روسيا ... و سرعان ما فشلت مبادئها , و شعاراتها في الحرية و التضامن و السلام الى العالم بأسره ... في خلال ذلك حصل الشطر الشمالي على مساعدات عسكرية ثم فنية لإنشاء ميناء الحديدة ... و في عام 1945 م أسس المنتصرون في الحرب العالمية الثانية منظمة الأمم المتحدة في مدينة سان فرنسيسكو الأمريكية ... و على اثر ذلك انقسم العالم الى معسكرين شرقي بزعامة موسكو ( حلف وارسو) و غربي بزعامة واشنطن ( حلف شمال الاطلسي ) وذلك الانقسام احدث توازن استراتيجي سمح لقيام كيانين هامين إضافة إلى الثورة الشيوعية و الفرنسية و هما : مؤتمر باندونج في اندونيسيا عام 1955 م كتلة عدم الانحياز ... وكذلك تحالف القارات الثلاث (اّسيا , و افريقيا , و امريكا الجنوبية ) لمناهضة الاستعمار في كوبا 1966 م ساعد تلك الأحداث و العوامل على ظهور حركة التحرر و الاستقلال وأهم الدول ( الهند ـ و اندونيسيا ـ و دول امريكا الجنوبية ـ و الصين )التي قدمت لليمن مساعدة اقتصادية مصنع الغزل والنسيج في صنعاء فنية طريق الحديدة ـ صنعاء و بوتيرة عالية ظهرت فعالية كيانات الخمس و لم يبقى لفرنسا سوى جيبوتي و جنوب المحيط الهادي و بعض من كندا ثقافياً ... و انحصرت الدور البريطاني في كندا و استراليا و جنوب افريقيا و جزر الفوكلاند و الخليج العربي لكنهما أنشبا مخالبهما ثقافياً لربط مستعمراتهما القديمة من خلال الفرانكفونية الفرنسية و الكمونولف البريطاني ... وقد ظهر لاحقا دورهما السياسي و الاقتصادي بشكل واضح ... ثم دخلت فترة الحرب الباردة بين الشرق و الغرب و التي كانت من نتائجها الحرب الاهلية اليمنية بين الجمهوريين و الملكيين بعد سقوط الحكم الملكي في شمال اليمن عام 1962 م و التدخل السعودي لإعادته و وصول القوات المصرية لدعم الجمهوريين و بالنتيجة حسمت الحرب التي دامت ست سنوات للجمهوريين و تم انسحاب القوات المصرية عام 1967 م قبل العدوان الصهيوني على مصر و سوريا و الأردن و لبنان و احتلال جزء من اراضيهم في نفس العام ... و في المقابل أعلن الشطر الجنوبي من اليمن الاستقلال بقيام ثورة 14 اكتوبر عام 1967 م و على اثرها انسحبت بريطانيا من باب المندب و الجزر و الاراضي اليمنية ... و حينها بدأت عوامل الاستقطاب الدولي لشطري اليمن و بدأت المناوشات العسكرية بين الشطرين .

 

يتبع الحلقة الثالثة

مواضيع ذات صلة :