ينصرم 2012 باعتباره عام « الرماد» الذي خلفته نيران عام «الأزمة» 2011, ومتيحا للجميع الولوج إلى 2013م عام «التحدي».
لم يكن أحد – داخل اليمن أو خارجها – ليتصور أن اليمنيين سينجحون في الخروج من عنق الزجاجة, بعد كل تلك الدماء والدموع والدمار والشنار الذي شهدوها منذ اللحظات الأولى التي اندلعت فيها الثورة الشبابية الشعبية «السلمية» يوم 11 فبراير 2011م.
غير أن العام 2012 – ومنذ انتخاب عبد ربه منصور هادي رئيسا للجمهورية- في فبراير من العام نفسه, تقاطرت أيامه من دون اندلاع الحرب الأهلية التي كان يتوقعها الجميع ويتصورونها أوسع نطاقا وأكثر فداحة من حرب صيف 1994, التي كانت نتائجها واحدة من أهم الأسباب وأبرز الدوافع التي أدت إلى انفجار الأوضاع وبالتالي اندلاع ثورة فبراير 2011م.
واليوم – ونحن ندلف إلى العام 2013م – تبرز أمام الجميع جملة من التحديات الجسام التي من شأن نجاحنا في خوضها والخروج منها بحلول ناجعة ومنجزات رائعة, أن نؤسس لبناء الدولة المدنية الحديثة التي ينشدها الجميع.
أما في حال فشلنا في تحقيق ذلك, فإننا سنرسم بالسكين خطوطا حادة في وجه هذا الوطن, بل وفي خارطة المستقبل.. عدا أن اليمن لن تعود فحسب إلى عهد التشطير الذي كان قائما قبيل يوم 22 مايو 1990م.. بل ستشهد انشطارات لا أول لها ولا آخر, وبروز ظاهرة الدويلات, عدا الاحترابات الأهلية التي لا يعلم إلا الله مداها وأمدها وضحاياها ونتائجها التي ستعني – بكل بساطة أبشع كارثة إنسانية, وليس سياسية فحسب, تشهدها البلاد والعباد عبر التاريخ, بحيث يغدو النموذج اللبناني ثم النموذج الصومالي مجرد حالة من الكوميديا قبالة التراجيديا اليمنية!!
إن نجاح الحوار الوطني, وتأسيس مداميك الدولة الجديدة, بدستور تترسخ به القيم العليا للحرية, والديمقراطية والتنمية السليمة, وبنظام ذي هوية وطنية وعصرية واضحة المعالم, وتحقيق مبادئ التعددية الحقة والتداول السلمي للسلطة وتقديس الإرادة الشعبية, هي أبرز التحديات التي تقف قبالتنا في العالم الجديد.
فإذا ما مر هذا العام بسلام, وبدا أن استحقاقات العام التالي -2014م- قابلة للتحقيق, وبالذات الاستحقاقات الانتخابية البرلمانية والرئاسية, فإننا نستطيع الإيمان حينها بإمكانية الانتماء إلى العصر, بهوية جديدة خالية من كل أوراق الماضي, الانفصالية والطائفية والاستبدادية, وغيرها من عناوين التخلف التي ظلت تشد اليمن واليمنيين إلى كهوف مظلمة وغابات موحشة, تتنافى كليا مع تراثنا وتاريخنا الحضاري.