آراء وأقلام نُشر

الرؤية المحجوبة عمدا (1-1)

 

من "سياسات" التخفيف من الفقر والبطالة إلى سياسات مواجهة الاستبعاد الاجتماعي (4-1)

 

تعيش اليمن موجة عارمة من الاحتجاجات الاجتماعية والسياسية التي ما زالت تعم البلاد طولا وعرضابحيث غدت تجليا بارزا للأزمة اليمنية ، أو بالأصح تعبيرا مكثفا عن المكامن الهيكلية لهذه الأزمة من حيث اتساعها وعمقها وحدتها. يعجز البعض اليوم عن تفسير معنى هذه الأزمة، أو يكتفون بتجاهلها أو تفسيرها في مظاهر جزئية كالبطالة والفقر المنتشرين على نطاق واسع بين سكان اليمن. فقد رهن هؤلاء أفقهم وقدراتهم فيما مضى على الرؤية والتصرف واتخاذ القرار في مقاييس مظللة إلى حد كبير أتبعها النظام السياسي السابق أو تعمد اتباعها ، وهو الذي أظل طريقه في معالجة المشكلات ومواجهة التحديات التي تحيط بالبلاد بالركون إلى مقاييس ناقصة لا تنطق ولا تفصح إلا عن جوانب جزئية من واقعنا الأليم. 

وهنا نحب أن ننوه بأن ما نقيسه ونقيس به أمر بالغ الأهمية بما له من تأثير بالغ على تصوراتنا وقرارتنا.نحن نرى العالم الذي من حولنا من خلال عدسات لا تتلون فقط عبر أيديولوجياتنا وأفكارنا ولكن أيضا من خلال المعطيات المؤشرات الإحصائية الدقيقة والشاملة التي نستخدمها لقياس ماذا يجري داخل مجتمعنا هذا.

لقد تبنت الحكومات اليمنية السابقة المتعاقبة - على ضؤ ما أنتجته من مؤشرات مظللة - سياسات وإجراءات مجتزئة وزائفة هدفها المعلن التخفيف من الفقر ومكافحة البطالة عبر ما أطلق عليه استراتيجيات التخفيف من الفقر واستراتيجيات التشغيل. وعلى الرقم أن هذه الإستراتيجيات قد مضى عليها أكثر من عقدين من الزمن فإنها ليس فقط لم تسفر عن نتائج على أرض الواقع ، بل عمقت الفقر والبطالة ووسعت نطاقهما ورفعت سقوف الاستبعاد الاجتماعي ووسعت من مساحته وهو الاستبعاد الذي يغدو اليوم المسئول الأول عن هذه الأزمة العميقة التي تضرب بتداعياتها قلب المجتمع وعقله وتدوي اليوم بأعلى صوت مسموع. لقد بلغ الاستبعاد الاجتماعي اليوم في اليمن نطاقا وحدا لم يعد ممكنا معه تجاوزها بحلول مؤقتة أو مجتزأة. وليس بمحض الصدفة أن تكتشف الحكومة اليمنية في نهاية 2010 أن جميع أهداف الألفية الانمائية الثمانية التي تبنتها بتوجيه ومساندة ودعم من المجتمع الدولي في مطلع التسعينيات لم تتحرك قيد أنملة إلى الأمام بل أصابها التردي والفشل، ولكنه اكتشاف بعد فوات الأوان.

مواضيع ذات صلة :