آراء وأقلام نُشر

الاقتصاد السياسي لإدارة التنمية

 

 

ليس ثمة ريب أن توجه الحكومة اليمنية نحو إعادة هيكلة الاقتصاد بحيث يقوم القطاع الخاص بقيادة النشاط الاقتصادي قد جاء وليد رغبة صادقة في علاج أزمة الاقتصاد التي تراكمت أسبابها عبر فترة طويلة قد تمتد جذورها إلى سنوات الثورة الأولى.

ومع أن المناخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي قد شهد تغيراً جذرياً إلا أنه لم تحدث تعديلات جوهرية في البناء الاقتصادي تتلاءم مع تلك التغيرات، ويرجع ذلك من وجهة نظر الباحث إلى الفصل التعسفي بين الجوانب الاقتصادية والجوانب الأخرى الاجتماعية والسياسية والثقافية.. إلخ ومحاولة النظر إلى المشكلات والاختلالات الاقتصادية فقط في ضوء الحسابات الاقتصادية البحتة.

 

ولذلك نؤكد هنا أن حلول مشاكلنا الاقتصادية لا يجب أن تتم فقط في ضوء الحسابات الاقتصادية البحتة وإنما يجب أن تراعي الجوانب الاجتماعية والسياسية بما يحافظ على الاستقرار الاقتصادي والسلام الاجتماعي، وهما دعامتان لازمتان لمسيرة التقدم الاقتصادي، باعتبار التقدم الاقتصادي أو التنمية الاقتصادية جزءاً من بناء والدفاع عن الوطن.

إن التركيز (المفرط) على اعتبارات (الكفاءة الاقتصادية) لن يفتح الطريق أمام مزيد من النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والنهوض الحضاري في ظل غياب كل من (الكفاءة الاجتماعية) و(الكفاءة المؤسسية) فليس بالكفاءة الاقتصادية وحدها تنهض الأمم.

والمقصود بالكفاءة الاجتماعية هو أن ينجح النظام السياسي والسياسات الاقتصادية والاجتماعية المطبقة في تحقيق درجة عالية أو معقولة من العدل الاجتماعي وتكافؤ الفرص والتضامن والتلاحم الاجتماعي، إذ أن السياسات الاقتصادية مهما بلغت درجة كفاءتها في المجال الاقتصادي البحت - ستفشل إذا لم تحقق النمو المتوازن والتقدم الاجتماعي والرفاة المادي لكافة فئات المجتمع (غنيها وفقيرها) وفيما يخص الكفاءة المؤسسية في تقديرنا أنه لا خير في أية كفاءة اقتصادية على مستوى المشروع الخاص في غياب الكفاءة المؤسسية على مستوى الاقتصاد الكلي والمجتمع، وهذا أمر يدركه جيداً رجال المال والأعمال في الداخل والخارج.

إذ أن (الفساد المؤسسي) والتسيب المفرط الذي يتعايش مع القيود المفرطة يؤدي إلى خلق ذلك المناخ المؤسسي الذي يفسد ويشوه أية كفاءة اقتصادية على مستوى الوحدات الإنتاجية والخدمية، ولعل حالة الترهل المؤسسي التي يعيشها مجتمعنا هي التي دفعت العديد من المحللين والخبراء والقيادة السياسية للحديث عن ضرورة الإصلاح الإداري كمتطلب أساسي من متطلبات عملية الإصلاح الاقتصادي، بل إن رئيس الجمهورية ذهب إلى أبعد من ذلك في أكثر من مناسبة بقوله أننا بحاجة إلى ثورة إدارية لا تقل أهمية عن ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر.

ومن خلال الإصلاح الإداري أو الثورة الإدارية يمكن أن تتحقق الكفاءة الاقتصادية والكفاءة الاجتماعية والكفاءة المؤسسية في آن واحد، على أن يكون واضحاً أنه لكي تتحقق الكفاءة المؤسسية لا بد من تحقيق نوع من التوازن المؤسسي في المجتمع من خلال خلق آليات وقنوات للتغيير والتجديد حتى لا يصاب النظام الإداري والسياسي أيضاً بالجمود والتكلس، كذلك لا بد من إشاعة المزيد من المحاسبة الدائمة والرادعة حتى لا يستشري الفساد المؤسسي وتستعصي الأزمة ويتم إجهاض كل إصلاح وتقدم في أي مجال من المجالات.

والآن: وبعد مرور ما يزيد على عقد ونيف من البدء بتطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وعلى الرغم من الانجازات والتغييرات التي تحققت في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بحيث يكفي أن نقول أنه لولا برنامج الإصلاح الاقتصادي لكان البديل هو دخول البلاد في أزمة عميقة تنذر بانهيار وشيك، فالإصلاح الاقتصادي قلل من آثار الأزمات الاقتصادية الداخلية والخارجية وساهم إلى حد كبير في معالجة كثير من الاختلالات الاقتصادية التي تصيب الاقتصاد اليمني، وإيصال هذا الأخير إلى تحقيق التوزان عند نقطة التقدم واللحاق بالاقتصاديات المتقدمة.

لكن: مع ما سبق ذكره: لا يزال هناك الكثير من الأمراض التي تصيب وتنخر في جسد الاقتصاد اليمني وتعيقه عن تحقيق قفزات نوعية في مختلف المتغيرات والتكوينات الاقتصادية حتى تتحقق للاقتصاد مقومات النمو الذاتي وتحقيق التنمية، ومن هذا الأمراض ما يلي:

1- افتقاد الإدارة الاقتصادية «الاقتصاد السياسي للتنمية» إلى التنسيق والتكامل بين أهداف السياسات الاقتصادية الكلية ووسائلها وآليات تنفيذها.. الأمر الذي أدى إلى وجود سياسات متناقضة منها على سبيل المثال تشجيع الاستثمار في صناعة معينة وبنفس الوقت إعطاء الحوافز لواردات صناعة مناظرة.. ومثال آخر تتحدث السياسة التنموية عن إشباع حاجات المجتمع بينما الإعلام التنموي يتحدث في مجال آخر التصدير مثلاً... وهكذا.

2- ضعف انجازات الإدارة الاقتصادية وضعف مستوى الأداء.. بسبب اصطدام قدرة القطاعات الاقتصادية - المتواضعة - على التطور بمشاكل فنية وإدارية الأمر الذي أدى إلى تردي معدلات الاستثمار والنمو والانتاجية وظهور معدلات كبيرة للفقر والبطالة وتدني متوسط دخل الفرد وانخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي:

3- إرادة التنمية:

قبل الحديث عن إرادة التنمية يمكن القول أن إرادة التنمية تتكون من ثلاثة عناصر رئيسية:

العنصر الأول: الوعي بقضية التخلف وأبعادها المختلفة.

العنصر الثاني: الوعي بضرورة القضاء على التخلف.

العنصر الثالث: الوعي بالأساليب اللازمة والضرورية للقضاء على التخلف وإحداث التنمية، لا يكفي في هذا المجال مجرد المعرفة بالتخلف وضرورة القضاء عليه، إذ لا بد من توافر عنصر الوعي، فالوعي هو المعرفة المصاحبة لإرادة التغيير.. وإرادة التنمية تكون في الأساس على مستويين:

المستوى الأول: إرادة التنمية القيادية.

المستوى الثاني: إرادة التنمية الجماهيرية أو الشعبية.

ولا شك أن رسم استراتيجية يلتزم بها المجتمع كله تستلزم أساساً تحديث الهدف المطلوب الوصول إليه، ففي ظل هذا التحديد يمكن وضع سياسات تنموية غير متناقضة من ناحية وتتناسب مع حاجات المجتمع وإمكانياته من ناحية أخرى ومن ثم يمكن تعبئة الجماهير حول هذه الأهداف والاستراتيجيات والسياسات الواضحة..

وعلى مستوى الجماهير: يمكن القول أن عملية التنمية تصبح غير ذات جدوى إن لم تتضمن اندماج الجماهير (Masi nvolvement) في عملية التغيير الهيكلي للنظام الاقتصادي والاجتماعي بما في ذلك الاتجاهات والقيم والمؤسسات.. إلخ.

وإرادة التنمية لدى الجماهير تتولد وتستمر عندما تستشعر هذه الجماهير أن عائد عمليات التنمية سيكون من نصيبها و ليس من نصيب فئة أو طبقة أو جماعة معينة، وعندما تشترك الجماهير أيضاً في تحمل أعباء التنمية.

أما عندما تكون أعباء التنمية على عاتق جماعة معينة وفوائدها ومكاسبها ومردودها لصالح جماعة أخرى فإن إرادة التنمية لدى الجماهير تصبح غير ذي موضوع، وانعدام إرادة التنمية إما أن يعود إلى عدم توفرها لدى القيادة أو النخبة أو توفرها لديهم مع عجزهم عن نقل هذه الإرادة إلى الجماهير، وإما أن يرجع عدم توفرها إلى أن الجماهير أصلاً تعيش حبيسة إطار معين من العلاقات الاجتماعية والنظم والتقاليد السائدة مما يجعل من الصعب توفر أركان هذه الإرادة، وعليه فإن عملية تأسيس إرادة التطور ما زالت غير مكتملة الأركان.

ومن وجهة نظر الباحث فإنه يمكن القول أن إرادة التنمية القيادية قد توافرت، بدليل رسم الخطط والبرامج التنموية في مختلف المجالات، اقتصادية واجتماعية وسياسية، وأن السبب وراء إخفاق اليمن في تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة ومعالجة الاختلالات الاجتماعية يرجع في الأساس إلى غياب إرادة التنمية لدى الجماهير وغياب دور مؤسسات المجتمع المدني في التنمية، وإذا لم ترتفع وتيرة إرادة التنمية لدى الجماهير بما يتلاءم مع إرادة التنمية لدى القيادة ستظل التنمية بالفعل في السياق السياسي والاجتماعي والاقتصادي بعيدة المنال، ويظل الحديث عنها مجرد رياضة فكرية لا يمكن في ظل الظروف الراهنة أن تتحول إلى حقيقة ملموسة.

4- النظرة الجزئية التي اتسمت بها السياسة الاقتصادية أحياناً من حيث اهتمامها بمتغير واحد فنجدها مرة تركز على الاستثمار وتوجه كل الجهود نحو هذا الاستثمار وليس سياسة إنتاجية متكاملة، كما تم إهمال وضع برامج وخطط مالية حقيقية تكفل التنسيق والتوافق والتكامل بين التدفقات السلعية والمالية.

ونجدها مرة أخرى تركز على معالجة الاختلالات التي تصيب السياسة النقدية دون الأخذ في الاعتبار الأمور المرتبطة بمعالجة تلك الاختلالات التي ترتبط بالسياسة الإنتاجية وسياسة الأسعار... إلخ.

5- عدم الالتزام بأسس موضوعية لاختيار المشروعات، وقد أدى ذلك إلى اختيار مشروعات متنافسة إلى حد كبير، كما افتقدت القطاعات الاقتصادية في بعض الخطط والبرامج إلى التنسيق والتكامل بين مشروعاتها من ناحية، وفيما بين القطاع من ناحية أخرى.

6- جمود سياسات وبرامج الاستثمار وعدم قدرتها على التكيف مع التغيرات التي حدثت والمعطيات الجديدة التي برزت في البيئة الاقتصادية اليمنية والدولية، فانسحبت الدولة من إدارة النشاط الاقتصادي، فاسحة المجال للقطاع الخاص ليدير النشاط الاقتصادي، بينما القطاع الخاص ظل حذراً أحياناً ومتقاعساً أحياناً أخرى بسبب عدم ملاءمة المناخ الاستثماري وعدم ملاءمة البيئة الاقتصادية اليمنية واعتبارها بيئة طاردة للاستثمار.

7- انتظار ظاهرة الفساد، والفساد كما هو معروف هو تعبير عن وجود أزمة اجتماعية إلى هذا الحد أو ذاك، وهذه الأزمة سواء كانت تتناول فرداً وأسرته أو شعباً برمته، هي كارثة فظيعة تترتب عليها نتائج متعددة ومتنوعة فظيعة بدورها، لكن ما هو أشد فظاعة أن يمتلك الفاسد موقع القيادة الاجتماعية والاقتصادية، وعندئذٍ تغدو الأزمة نظاماً اجتماعياً له قوانينه وعلاقاته وثقافته وفنونه التي تخدم جميعها نظام الفساد.

إنه يتوجب علينا كخطوة أولى على طريق الخلاص من هذه الظاهرة، وبالتالي الإصلاح، أن نرى بوضوح الفساد الذي نعيش في ظله القائم وما أكثر الزوايا التي نستطيع أن نطل منها على هذه الحقيقة إذا ما نجحنا في التخلص من شباك الدعاية وإلقاء نظرة موضوعية حول هذه الظاهرة - أي ظاهرة الفساد - باعتبارها من النوع الذي يصيب الخلايا الأساسية المكونة للجسم فتختم تلاشيها هي والجسم الذي تتكون منه.

ما العمل؟

هناك دور للدولة يظل حتمياً، ويتمثل في ما يلي :

- إصلاح الداخل وتحفيز مساندة الخارج.

- تنفيذ العقود وحماية الملكية «تفعيل القوانين».

- تهيئة البيئة والمناخ الملائم للاستثمار المحلي والأجنبي.

- إرساء وترسيخ القواعد المناسبة لاقتصاد السوق واستكمال المراحل المتبقية من برنامج الإصلاح الاقتصادي.

- سرعة إنشاء سوق للأوراق المالية باعتباره من أفضل القنوات لتقييم الأصول الاجتماعية.

- التركيز على القطاع الصناعي وإعطاؤه دوراً أكبر في المساهمة في الناتج المحلي، مع الاهتمام تحديداً بالصناعات التصديرية.

المعالجات:

1- هناك دور للدولة يظل حتمياً يتمثل في إصلاح الدخل وتحفيز مساندة الخارج ويتمثل إصلاح الداخلي فيما يلي:

أ- العمل على توفير قضاء نزيه يدرك دوره التنموي وبناء الوطن وتغليب مصلحة الوطن وجعلها فوق كل اعتبار.

ب- إنشاء وزارة اقتصاد للعناية والرعاية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي وحل كل المعوقات التي تقف أمام تحريك عملية التنمية الاقتصادية على أن تبقى وزارة التخطيط والتعاون الدولي كما هي ولكن باسم «وزارة التخطيط فقط» وتسمى الوزارة المنشأة المقترحة «وزارة الاقتصاد والتعاون الدولي».

ج- إنشاء وزارة استثمار تعمل على تهيئة مناخ الاستثمار وإلغاء كافة المرجعيات السابقة المتعلقة بالاستثمار وتحرير الاستثمار والمستثمرين من القيود الإدارية والابتزاز الشخصي من البعض وحماية وضمان الاستثمارات والقيام بالدفاع عن المستثمرين لدى الجهات القضائية ورفع تقارير عن سير القضاء فيما يتعلق بحسم النزاعات المرتبطة بالاستثمار والمستثمرين والقيام بخلق الوعي لدى المجمع بأهمية الاستثمارات لخلق فرص عمل جديدة وتخفيض معدل البطالة والفقر على أن تقوم الوزارة بمسح شامل لكل محافظات الجمهورية لحصر الميزات النسبية والتنافسية للموارد والمقومات الاقتصادية التي تمتلكها كل محافظة من المحافظات ووضع دراسات جدوى تكون جاهزة للمشروعات التي تتناسب مع تلك الميزات بما يحقق أقصى عائد ممكن وتحقيق النفع للجميع.

د- العمل على استمرار استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي.

هـ- العمل على الاسراع بإنشاء سوق المال باعتباره يشكل عاملاً جاذباً للاستثمار كما أنه من أفضل القنوات الاستثمارية لتقييم الأصول المالية والحقيقية.

و- إلزام مختلف مؤسسات الدولة بإجراء التنسيق عند صناعة السياسة الاقتصادية الكلية لتحاشي أي قصور أو تناقضات.

ز- التركيز على تنمية القطاعات الواعدة وبالذات القطاع الزراعي - الثروة السمكية- الغاز- السياحة، فهذه القطاعات يمكن أن تنقل الاقتصاد اليمني نقلة نوعية إلى الأمام.

ج- الاهتمام بالقطاع الصناعي وإعطاؤه دوراً أكبر في المساهمة في الناتج المحلي مع الاهتمام تحديداً بالصناعات التصديرية.

ط- إلغاء الدعم تدريجياً لمختلف السلع والخدمات وتوفير مبالغ الدعم لخزينة الدولة لتمويل مشروعات استثمارية منتجة.

ي- إعادة هيكلة أذون الخزانة من أذون خزانة قصيرة الأجل إلى أذون خزينة طويلة الأجل حتى تتمكن الدولة من استخدام حصيلة بيع الأذون لتمويل مشروعات استثمارية انتاجية طويلة المدى أو متوسطة المدى.

ك- فيما يخص السياسة النقدية والمالية:

- ضرورة العمل على تغيير قانون البنك المركزي اليمني بحيث يتضمن السماح للبنوك التجاية بالاندماج والتوسع في فتح فروع ونقاط بيع في حارات المدن والارياف.

- إنشاء صناديق الاستثمار حتى تشكل قناة تجميع أخرى للمدخرات الكامنة في المجتمع بهدف توظيفها بدلاً من بقائها مكتنزات في منازل المواطنين.

ر- محاربة الفساد: ليس صفة لصيقة باليمن وحدها أبداً وإنما الفساد موجود حتى في الولايات المتحدة الأمريكية ولكن الاقتصاد اليمني والموارد اليمنية لا تحتمل الفساد الموجود لدينا لأن الكعكة لا تزال صغيرة وزي فساد يؤثر تأثيراً كبيراً.

فيما يخص تحفيز مساندة الخارج:

يتم في ذلك على جهتين رسمية من خلال التواصل الرسمي بين مؤسسات الدولة المختلفة مع المؤسسات المناظرة لها في مختلف دول العالم وطلب الدعم لاستكمال مسيرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.

مؤسسية وشعبية من خلال الترويج للإصلاحات السياسية والاقتصادية التي تمت في الجمهورية اليمنية والمطالبة من الجهات الأجنبية بدعم ما تبقى من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية..

والله الموفق.

> استاذ الاقتصاد والعلوم المالية والمصرفية - جامعة تعز

مواضيع ذات صلة :