لغة الاستثمار

مطلع تسعينات القرن الماضي هتف الشارع العاطفي في اليمن مع صدام وضد الكويت ، ارتكبت القيادة اليمنية –آنذاك – خطأً فادحاً ظلت اليمن تدفع ثمنه إلى اليوم. خسر صدام الحرب ويجد اليمن نفسه في العراء وقد خسر دعم ومساندة الخليج ودفع ثمنا باهظا بسبب موقف ارتجالي ونزق . عاد مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين من السعودية ليشكلوا عبئا إضافيا على الاقتصاد الهش والدولة الوليدة ، فيما كان طرفا الحكم ، كلا مشغول بترتيب وضعه وإزاحة الآخر. ولم تظهر مشاريع ولا برامج لاستيعاب العائدين ، بتأهيلهم والاستفادة منهم لخدمة بلدهم ، كان العقل في إجازة والعاطفة سيد الموقف . ونحن نعيش اليوم في واقع التسوية السياسية والوفاق الوطني ، لذا فإن استحضار لغة انفعالية لن يكون مقبولا. لا نحتاج إلى لغة انفعالية ، وإنما بلدنا في حاجة ماسة إلى علاقات تقوم على أساس المصالح المشتركة والشراكة الإستراتيجية. يمكن تجاوز حالات التوتر السياسي وفتح آفاق جديدة في مسار العلاقات اليمنية الخليجية من خلال لغة الاستثمار والمصالح المشتركة ،  هناك استثمارات يمنية في دول الخليج ، وهناك مجموعات اقتصادية يمنية تنشط تجاريا وصناعيا في هذه الدول ، كما تشكل اليمن سوقا تجارية واعدة للمنتجات الخليجية وسوقا أكثر واعدية في مجال الاستثمار. وبعيداً عن اجتماعات المانحين ومجموعة الأصدقاء ، يحتاج اليمن الى عودة الاستثمارات الخليجية المتوقفة بفعل الظروف السياسية وفي مقدمتها مشروع الديار القطرية “ تلال الريان” ومشروع تحلية مياه تعز بدعم سعودي، ومشاريع “القدرة القابضة” الإماراتية. هناك مشاريع استراتيجية ستحقق منافع مشتركة ويمكن البدء بها ، منها مشروع مد خط أنابيب النفط الخليجي عبر الأراضي اليمنية الى البحر العربي ، ومشروع إنشاء سكة حديد مشتركة ، ومشروع الربط الكهربائي الموحد . ومن المهم تشجيع القطاع الخاص لإنشاء مشروعات مشتركة وتطوير المناطق الاقتصادية الحدودية بين اليمن والسعودية واليمن مع عمان. يحتاج اليمن إلى استثمارات إستراتيجية بحسب تعبير الكاتب الخليجي الدكتور محمد مانع العجمي الذي كتب أن “ فن الاستثمار الاستراتيجي من قبل الخليجيين، وهم الغائب الأكبر عن بلد جار وشقيق ومرهق ، مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى. في المقابل على اليمن تهيئة البيئة المناسبة وتقديم ضمانات للمستثمرين وتذليل الصعوبات والمشاكل التي تعترض طريقهم .  

alkamalif@yahoo.com  نائب رئيس التحرير

مجلة الاستثمار العدد (47)