الاحتفال بعيد الثورة وبيان أصدقاء اليمن وتقرير مجلس الأمن.. مشاعر ألم وحسرة
بقلم / أ.د.طه أحمد الفسيل
شهدت بلادنا خلال الأيام القليلة الماضية ثلاثة أحداث متتالية قد لا يكون من قبيل الصدفة تزامنها في وقت واحد تقريبا، بدءاً بانعقاد الاجتماع الوزاري السادس لمجموعة أصدقاء اليمن في مدينة نيويورك يوم الأربعاء 25 سبتمبر، تلاه احتفالات شعبنا وبلادنا بالذكرى الـ51 لثورة السادس والعشرين من سبتمبر ثم العودة مرة أخرى إلى مدينة نيويورك بمناسبة تقديم بن عمر تقريره الدوري إلى مجلس الأمن في جلسة خاصة باليمن.
فعلى الرغم من مضي خمسة عقود من الزمن فإن بلادنا لم تتمكن خلال هذه الفترة من تحقيق أهدافها الستة وفي مقدمتها بناء اقتصاد وطني ورفع مستوى الشعب اقتصاديا واجتماعيا، في ظل استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية ومستوى الخدمات الأساسية، وفقدان أبسط مظاهر الأمن والاستقرار مترافقا مع غياب دولة النظام وسيادة القانون وتكفي هنا الإشارة إلى أن هذه الاحتفالات قد تمت في ظل ظلام دامس ومعاناة شديدة بسبب انقطاع خدمات التيار الكهربائي معظم أوقات الليل والنهار دون أدنى شعور بالمسؤولية من قبل المسؤولين في الدولة، كونهم بعيدين عن معاناة الناس وعذاباتهم، فوفقا لتقرير بن عمر يحتاج 13 مليون شخص إلى أكثر من نصف سكان اليمن إلى مساعدات إنسانية بسبب الفقر وسوء التغذية الحاد ونقص الخدمات الحكومية، أمنيا لايزال الوضع الأمني هشا في أجزاء من اليمن في ظل استمرار الحملة المستعرة على البنى التحتية بسبب تضاعف أعمال التخريب والهجمات المتكررة على منشآت البنى التحتية وخطوط الكهرباء وأنابيب النفط والغاز وكلفت البلاد خسائر بملايين الدولارات.. فهل رأيت شعبا يخرب ويدمر مثل شعبنا دون أن يتحرك ساكن أو خوف من الله عز وجل بعد أن زال خوفه من الدولة بجيشها وأمنها الجرار.
وتتوالى مشاعر الألم والحسرة على بلادنا وشعبنا من الأرقام التي وردت في البيان الختامي للاجتماع السادس لمجموعة أصدقاء اليمن، والتي أشارت إلى أن 13 مليون مواطن يمني يفتقرون للمياه النظيفة والصحية، وأن عشرة ملايين ونصف المليون لا يملكون غذاء كافيا، ومليون طفل يمني يعانون من سوء التغذية ويزداد الألم عندما نجد المجتمع الدولي والإقليمي يتغاضى عن هذه الأوضاع من خلال تغاضيه عن توفير التمويل الكافي لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام الحالي 2013م والمقدر بـ700 مليون دولار، حيث لم يتم تمويل سوى 44% من هذا المبلغ، أي أقل من النصف.
كذلك فإنه رغم حاجة الاقتصاد اليمني الملحة لمساعدات سريعة وعاجلة نظرا لطبيعة الظروف الاستثنائية التي تعيشها بلادنا منذ مطلع العام 2011م، على اعتبار أن نجاح العملية السياسية مرتبط بالتحسن الاقتصادي والمعيشي وتعافي الاقتصاد الوطني بدون شروط إلا أنه وبحسب البيانات الرسمية للحكومة اليمنية تم تخصيص 6.9 مليار دولار من 7.9 مليار دولار تم التعهد بها في سبتمبر 2012م، في المقابل فإن ما تم صرفه فعلا لا يتجاوز ربع ما تم التعهد به (2.2 مليار دولار) حتى تاريخه، لا تتوفر بيانات متاحة عن أوجه صرفها.
كنت أتمنى على أصدقاء اليمن أن يدركوا فعلا أوضاع اليمن الراهنة والتحديات والمصاعب التي يواجهها وأن يترجم فعلا إلى أفعال بدلا من أقوال وتمنيات، وأن لا يتم ربط تقديم هذه المساعدات بالشروط المتمثلة في المسألة المتبادلة والذي يتضمن مجموعة من الإصلاحات تعد بمثابة شروط مسبقة لتقديم المساعدات لليمن كون الظروف حاليا غير مهيئة لمثل هذه الشروط.
في اعتقادي أن مربط الفرس ومكمن المشكلة يرتبط بنا كيمنيين، فنحن حتى اللحظة لم ندرك بعد بأن العالم لم ولن يساعدنا إلا إذا ساعدنا أنفسنا فعلا وأخلصنا لهذه البلاد أرضا وشعبا بصدق وإيمان حقيقي، وهو الأمر الذي أمل أن يحدث فعلا فالله عز وجل لن يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وتلك سنة إلهية ثابتة.
وفي نهاية هذه المقالة أشير فقط إلى أن موقعي وزارة الخارجية ووزارة التخطيط والتعاون الدولي الإلكترونيين قد خليا من أي إشارة لهذه الاجتماع أو أي وثائق قدمت إلى هذا الاجتماع وما ورد في الموقع الالكتروني لوكالة سبأ أو المواقع الأخرى كان عاما وقد يكون ذلك بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، كذلك تملكني الألم من خلو أعداد صحيفة الثورة الرسمية من الإشارة إلى أهداف ثورة 26 سبتمبر ولو على الأقل خلال الاحتفال بذكرها وقد يكون بسبب ذلك عدم تذكيرنا بأن ما تحقق لم يرق بعد إلى مستوى هذه الأهداف.