آراء وأقلام نُشر

القصقصة في فن الخصخصة

 
تتطور الحياة بتطور وسائلها وفي عالمنا المعاصر حدثت نهضة تنموية شاملة بمساهمة الجميع ومشاركة الكل كون الحياة شراكة مجتمعية وهناك واجبات على الدولة تجاه المواطن وحقوق للمواطن على الدولة والعكس بيد أن رأس المال عصب الحياة أيضاً ومشاركته أساسية فيها لذا لعب دورا أساسيا في التنمية غير أن التطور أيضاً جعل منه أن يكون شريكاً في تنفيذ عدد من المرافق الخدمية ومن باب العدالة الاجتماعية بحيث تؤدي رسوم وعائدات القطاع الخاص إلى دعم المرافق الخدمية العامة والتي يستفيد منها ذوو الدخل المحدود وعامة المجتمع .. ومن هنا جاءت فكرة الخصخصة كحل توازني بين المقتدرين والمعسرين بيد أن ما كل ما يطلبه المرء يدركه تأتي الخصخصة بما لا يشتهي المرء. والمؤسف له أن الخصخصة شملت مرافق خدمية هامة تعد من واجبات الدولة فقط فيما لم تلتزم الدولة والقطاع الخاص بأسس هذه الشراكة، فعلى سبيل المثال الصحة والتعليم في الأولى كل من امتلك شقة أو عمارة افتتحها مستشفى تخصصي مش مهم المهنة والانسانية شعارهم افتح وأربح مع شعارات ودعاية براقة .. الغريب في الأمر أن القطاع العام الصحي تدهور إلى الصفر، اللافت في الأمر أن عائدات تخصيص الصحة لم تنفق لدعم المرافق العامة والعكس حتى أطباء المشافي العامة اتجهوا للعمل في القطاع الخاص المهم العمولة والسيولة على قدر الدخل من المعاينة والفحوصات ووو ويكون الربح، حتى شركات بيع الأدوية تعد استبياناً لمدى التزام الطبيب أو المشفى ببيع منتجاتها و(بزنس) ما علينا المهم هو قصقصة المرافق الصحية العامة فلا أطباء ولا مستلزمات.. وإن توفرت بفلوسي، لكن هناك ملاحظة هامة وهي أن مسؤولي الصحة العامة لا يثقون في مرافقها .. فإذا كان مدير المشفى العام وإداري الصحة العامة لايثقون بخدمات مرافقهم التي يديرونها فأي مسؤولية يدعون؟ وأي نجاح إداري يدعون؟ إذا يضحكون علينا وهذا دليل فشلهم في إدارة مرافقهم العامة حتى مسؤولو القطاع الخاص لا يثقون في جودة خدماتها إذاً المسألة سلعة لا خدمة واتحدى مدير مستشفى عام أو خاص يثق في أطبائه وخدمات مرافقه.
وكذا بالنسبة للتعليم والذي هو أساس التنمية فكل من امتلك عمارة أو بيتاً أو فلة في أحسن الأحوال افتتحها مدرسة خاصة فيما مدرسوها مش مهم أن يكون تربوي أهم شيء أن يكون ممن خف عقله ورخص ثمنه، واستغرب أن بعض مدرسي المدارس الخاصة راتبه عشرة آلاف ريال شهريا وعلى مسؤوليتي، وفيما تعاني المدارس العامة من سوء الإدارة والانقطاع عن العمل يعاني الطالب من عدم حصوله على الدروس والشرح وجودة التعليم بيد أن إدعاء قيادة الوزارة ومسؤولي المدارس نجاحهم الباهر في المساهمة في العملية التعليمية، اتحدى الوزير أو حتى أي موظف في ديوان الوزارة وكذا مديري المكاتب في المحافظات وغيرهم أن يكون أبناؤهم ملتحقين بمدارس التعليم العام فإذا كان هؤلاء لا يثقون في أداء مرافقهم العامة فأي إدعاء يدعون سوى أنهم فاشلون في أداء مهامهم كما فشل القطاع الخاص في مشاركته في البناء والتنمية ويبقى أن ندرك حقيقة القصقصة للمرافق العامة نحو التهرب من المسؤولية وكذا السبيل نحو الخصخصة والتي شعارها افتح واربح ليس إلا.. والله من وراء القصد.

مواضيع ذات صلة :