*بــقــلــم : هـــاجــــع الــجـــحـــافــي
ليست الأسوار والبوابات الضخمة فقط هي عنوان تفاخر وتباهي الكثير من الأثرياء والمترفين في مدينة حدة السكنية،بل يحرص العديد من أصحاب هذه القصور على تزيين مجالسهم الوثيرة بـ«العصا الذهبية»..
وهي العصا التي تمنحها البنوك السويسرية لزبائنها الذين ترتفع أرصدتهم
لديها!! وفي المقابل يتفاخر سكان العشوائيات في مذبح والسنينة والجراف
وغيرها من الأحياء والمدن والقرى الفقيرة بأنهم يلجأون إلى دق المزيد من
المسامير في نعش الوطن والحكومة عند كل إنقطاع للتيار الكهربائي، والنتيجة
أن حاراتهم الضيقة لم تعد تتسع لتدفقات المواليد والأطفال.
لم يعد خافياً على أحد حقيقة إنضمام المزيد من الناس إلى ما دون خط
الجوع.. يمكن للعين المجردة أن تدرك ببساطة الفقر والتسول عند براميل
القمامة والشوارع والتقاطعات والجولات نهاراً وليلاً، بل وفي مقرات
الأحزاب والمنظمات.. ويمكنها أيضاً أن ترصد بسهولة في الشوارع والجولات
أحدث موديلات وماركات السيارات الفارهة التي تدخل صنعاء قبل دبي وبيروت..
وأن ترصد تحولات اليمين واليسار والتطرف والاعتدال والأمركة والأسلمة.
تنشط أحزاب المعارضة على طريقتها لدرجة أصبحت معها تُقاد وفق قدرات
وامكانات القوى التقليدية التي كانت هذه الأحزاب تصفها ذات يوم بالرجعية
والامبريالية.. بينما وفي كل الاتجاهات ينشط الحراف «الفقر» وكذلك الحراك
الذي يتدخل فيه العامل الخارجي دون حياء أو خجل بل وفي حياتنا.. والنتيجة
المزيد من تأزيم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية جراء هفوات
وتصريحات ومواقف ومصالح الإخوة الأعداء في الوطن الواحد، والمؤسف أن هذا
الوطن رغم كل مايجري مازال بعيداً عن اهتمامات الكل.
فالكل يبحث بطريقته عن نصيبه من الكعكة دون أن يدركوا أنهم على سفينة واحدة والتي باتت تواجه أعتى الأمواج والأعاصير.
أجزم أن وطننا الحبيب يعيش في زمننا الحاضر فوضى عارمة لم يشهد لها
مثيل من قبل.. فوضى يتساوى فيها الحراك والحراف، الفضيلة والرذيلة، الحق
والباطل، السلطة والمعارضة، لدرجة أن الجميع حققوا مبدأ الشراكة في الفوضى
ولايمكن لأحد أن يدعي براءته منها، والأهم من ذلك أن اليد الخارجية امتدت
إلى هذه الأرض وهاهي تضع الجميع في خلاط واحد وقد ضغطت بالفعل على زر
التشغيل.
ليس هناك من حل سوى أن يدرك الكل بما في ذلك الجيران، أن «مستقبلنا
مشترك» ولابد من كبسة سريعة توقف زر تشغيل خلاط الفوضى، وإعادة التيار إلى
الأحياء والمساكن والتقاطعات والجولات الفقيرة لمواجهة الانفجار السكاني
وأزمات الجوع والحراف والحراك التي إن استمرت فلن تبقي ولن تذر، ولن يكون
الجيران في مأمن من النيران الصديقة.
حان الوقت أن يرتفع منطق العقلاء لمواجهة مؤشرات الخطر، والذين عليهم
إدراك أن إزالة هذه الفوضى تحتاج إلى فهم كيفية حدوثها وإلى إعادة ضبط
البوصلة حتى تؤشر مجدداً وبمصداقية إلى الاتجاه الصحيح.. إنه الوقت
المناسب الذي يمكن فيه للأخ رئيس الجمهورية أن يضغط على زر مواجهة الفوضى
وسيكون الشعب من بعده بالتأكيد.
مساعد رئيس منتدى التنمية السياسية *