آراء وأقلام نُشر

الظِلاَلُ السَوداء

أيها البعيدون عن انحدارات الضباب عن تهوم تحرس ملح الشطآن.. عن قمم تخاطب سحائب عابره بلهجة رعد جرئ... عن مدن تبيع نصف ظهيرتها لاستعادة ذكرى النكهة الساخنة لوجبة السمك الطري... عن قرية هبت  في وضح الهوى لتستقبل صباحات الله الفصحى وهي تدلي بنبرات رطبه لقبائل السرو  ولشق صخري يلهج بدفقات نبع ميسور الحال... في محيطه الرعوي..يستمد من قصائد السنابل ولحن الشقائق أشواقه لحاملات الجرار... عن مدائن تعكف على إعادة رصف طرقاتها واختيار مشاعر فستقيه لليلة شمع.

أيها الباقون حول موائد الحيرة وموارد المجهول.... أيها الباقون وانتم تمارسون إغواء يومياتكم بشخصية الكون وقامته ولون عينيه وسحنة خبر ساهم الطرف يأتي عاجلا.... ومن جميلة تتلو الأوجاع بشاعرية على شاشة التلفاز لتوقض العدم المريض فيكم وترفعه طيفا لموشح يرشح سياقا جدير بالجدل حوله... أيها الحائرون  وانتم  تيممون مفاتن الصبر شطر منفى هادئ بداخلكم ليمكنكم إغواء هواجس رمادكم... أيها الصامتون كنخلة في صحراء صيفية المزاج لا تقتربوا من أمس سيأتي غدا ولا تتألموا من غد كان أمس... بل اصمتوا فالصمت عينان لوزيتان  ترجئان الكلام إلى بعد القيامة... والصمت أحيانا سرير ندي تهذي عليه كوابيس حنونة.. أما الكلام فانه توأم دم عسير النطق إلا إذا كان سراب عابر يكون الصمت أصدق... أيها المثقفون المتثاقف جدلهم وسجالهم... والمتقاذفة حسراتهم... لعلكم تقدمون أشهى وجبة  تصيب سواكم بعسر الهضم وربما تحمل بعض الكثافة للحن ذي مقامات إسمنتية لا يفهمها صلصال المدن القديمة.

يا أيهنا جميعا سلمونا إلى قمر حديثنا... شاهق الطلعة شهي الانتماء إلى الحقيقة... خاليا من شهوة النماء... سلمونا إلى ذاتنا الكبيرة الواحدة المتنوعة المتكاملة... إلى نصوص نقرؤها السلام من قافلة كانت تحمل حلما كبيرا مرت من أمامنا...

من أين نبدأ لإعادة ترتيب الروح الممزقة... الروح التي تمزقت وتتمزق... هذا السؤال الأهم ولن تأتي الإجابة عبر أعمدة ألصحافه أو الخطب العصماء أو تعليقات المحللين حيث تعود مثقفونا علي تركيب جمل  مكرره كصوت المولدات الكهربائية البديلة ومرتبه كإعلانات الصهيل ولا تأتي الإجابة من خطب الجمعة ومؤتمرات الأحزاب وخطب المقايل أو من قصائد الشعر.. كما أنها لا تأتي من قطع الطرق وزغاريد الرصاص أو حوارات المنتديات في الأوقات المحتدمة صراعاً ونفوراً.

أيها اليمانيون على مستوياتهم المختلفة والنخب المثقفة  ورجال الأعمال والمشايخ والافندمات وكبار الموظفين.. أيها الفقراء العاطلون عن رؤية الحياة أيها الجياع.... إننا جميعا على أرض واحده ولكل منا فيها قبر واحد ينتظره... إن الجواب يتلخص في أمر واحد هو الوقوف صفاً واحداً لدرء الخطر أولاً فبلادنا أضحت مثل كناس غزال تهددها النظرات المتوحشة التي تشتم بغريزتها مخابئ الدماء وعلينا جميعاً محاربة الظلال السوداء ونبذ الفاسدين والمنافقين وأن ندق أجراس الهمة في كل الأحاديث...

أيها الحكام علي مستوياتهم المختلفة أسكتوا وافرضوا الأمن والقانون شاملاً كاملاً لا يتجزأ حسب الأفراد أو المناطق أو الحالات فالقانون لا مساومة فيه فهو يُفرض مهما كانت التضحية يُفرض من أجل المستقبل والأجيال ليفتح المجال أمام التنمية فاليمن أغلى دولةٍ في العالم لأنها تكتنز تواريخ تحت رمالها فيما لو كُشف عنها ستُغيِّر حقائق كبيره في مفاهيمنا السائدة للتاريخ البشري.

واليمن كما أسلفنا غير مرة يمتلك موارد هائلة لم تجد طريقها إلى الوجود والنماء... واليمن يحيط بها إقليم أخوي يحتاج لنا ونحتاج له، فلماذا لا نضع إستراتيجية لشراكة مستدامة ونوفر له أرضية صلبة للاستثمار ويفتح بالمقابل أسواقه لمنتجاتنا الزراعية ومواد البناء والخامات الصناعية ومواردنا البشرية المؤهلة لنصل إلى تكامل متكافئ.. فالخليج أُولى أولوياتنا شئنا
أم أبينا... وهذا لا يعني أن ليس لدينا خيارات مفتوحة أخرى لكن الخليج يظل الأهم علي المدى الستراتيجي.

وفي جانب آخر من الظلال السوداء فإنه جدير بنا جداً الإشارة إلى ما نعتبره إنجازاً أبيض وحامي حمّى المصالح الوطنية العليا ويعمل على خلق بيئة نظيفة نسبياً للاقتصاد والتنمية ومرجعية رسمية وقانونية للرقابة ومحاسبة المخلين بأخلاقيات العمل والمصلحة العامة ذلك ما نعتبره حامي الحمى يبدو أنه حامي الحمّى (بشد الميم).

وهذا أمر هام يجب القول بصوت عال أن هذه الأجهزة أصبحت ذات التجربة المرتبكة وكان عليها أن تضع منهجا رقابيا صارما وفق قانون مفصل وواضح لا لبس فيه وتحدد إجراءاتها بشكل قانوني آخذة البعد الإنساني المسئول والابتعاد عن التشهير العلني  قبل معرفة الحقائق  والتأكد من صحة القضايا المرفوعة لهم وخلفياتها وأن تستبعد من قوامها كل من له تاريخ يثير الالتباس والشكوك وكل من يتعمد الإثارة مدفوعة الأجر.... إلخ.

والاهم أن يكون لها جهات استشاريه معتمده من الداخل أو الخارج حسب أهمية الموضوع وحتى لا تتحول هذه الأجهزة الوطنية نموذجا لمحاكم التفتيش السيئة الصيت وتفقد مصداقيتها وعدالتها وإنسانيتها  وتدمر جيلا قياديا مهنيا وتصبح كابحا مخيفا يمنع المبادرة والإبداع  عند كوادر اليمن القيادية.

إننا نطمح لأن تعمل الأجهزة الرقابية بعدالة ومهنيه وتجنب الإثارة إلا بالحق ويجب على الجميع محاربة الفاسدين بالقانون... ويجب أن يكون هناك تشريعات تنظم كل شاردة وواردة وأن يكون الحساب لكل من اخل بالقانون مهما كانت صفته واسمه ومركزه... وان لا تكون الأجهزة الرقابية عصا بيد النافذين... لقد أشيع الخوف عند مسئولين كثر وأصبحوا يحجمون عن اتخاذ أي خطوه أو الاجتهاد في أي أمر أو إنجاز أي عمل هام خوفا من (فاعلي الخير) إن هذا فعل لو استفحل ولم يتم تنظيمه سيصبح منظومة خوف لا مثيل لها في التاريخ المعاصر.

ومن ناحية أخرى وهي بيت القصيد هنا وباختصار شديد بحيث لا اكرر ما ورد في صفحات سابقه شديد فإننا نظل ندور حول ذاتنا إذا لم نقتحم تجربه الحراك الاقتصادي  وتوفير الشروط الموضوعية لذلك.. ومن أجل ذلك علينا جميعا محاربة الظِلال السوداء بإرادة واعية  ووسائل  حضارية...

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا

مضر كوضع السيف  في موضع الندى

* رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط- اليمن

مواضيع ذات صلة :