آراء وأقلام نُشر

شطحات موسوعة غينيس

ليس هنالك أسوأ من قراءة خبر يعكر مزاجك وأنت في قمة استمتاعك وسكينتك ، بل والأسوأ من ذلك أن يكون الخبر صادراً عن موسوعة غينيس, التي ادعت في تصنيفها الأخير أن المسؤولين اليمنيين يصنفون ضمن أنزه مسؤولي العالم.
وقتها من حقك أن تخرج عن الجاهزية وتقذع أسوأ الألفاظ ، وبدون مقدمات تذهب لموقع الموسوعة لتتأكد بنفسك من مصداقية الخبر ، وبمجرد أن تفتح الصفحة تجد الخبر في قائمة الأخبار الرئيسية التي تم تصنيفها مؤخراً.
حينها وكجزء من شهادتك على العصر ، يتوجب عليك أن تكتب تعليقاً على الخبر المنشور في موقع الموسوعة تفرغ فيه كل الشحنات السلبية, التي أربكت كل حساباتك وجعلتك تواجه كل هذا العالم المتواطئ.
دقائق فقط على كتابتك للتعليق على الخبر ، يأتيك الرد من قبل أحد القائمين على الموقع بأن الموسوعة استندت في تصنيفها على معلومات حقيقية وموثقة، زاعمة بأن لديها الكثير من المتعاونين في الداخل اليمني.
هنا لم يعد بمقدورك سوى كيل الاتهامات والتأكيد على أن الموسوعة استندت على معلومات مضللة ومدفوعة الثمن وتم نشرها مقابل مبالغ مادية ليست بالقليلة ، في محاولة لتحسين صورة المسؤول اليمني .
لا تتوقف عند هذا الحد بل تحاول تنبيه الموسوعة بالكثير من التساؤلات والاستفسارات حول المعلومات, التي تدعي أنها استندت عليها في هذا التصنيف الغريب ومن ابرز التساؤلات:-
هل أخبركم من يمدكم بالمعلومات بأن الموطن اليمني يناشد حكومته منذ أشهر بإعادة إصلاح الطرقات الرئيسية في اليمن نظراً لكثرة الحوادث والوفيات التي لا تهمهم أصلا.
هل وصلت إليكم معلومات تفيد بأن اليمنيين يموتون جوعاً جراء المجاعة الناجمة عن انقطاع الرواتب بسبب إقحامها في أغراض سياسية.
هل تعلم الموسوعة بأن المواطن اليمني المغلوب على أمره يتسول حكومته إيجاد معالجات لاسطوانات الغاز التالفة التي تنفجر بين فينة وأخرى وتسبب المئات من الضحايا.
ماذا بشأن المعلومات, التي تتحدث عن وفاة المئات من اليمنيين جراء إغلاق المطارات والطرق الرئيسية بين المحافظات وضرورة السفر عبر مئات الكيلومترات للوصول إلى مطارات بعيده عبر طرق فرعية وغير معبدة.
ألا تعلمون أن المواطن اليمني يقضي أكثر من ثلثي يومه بحثاً عن اسطوانة غاز أو زبادي أو غيرها من السلع الضرورية.
ما كمية المعلومات, التي وصلت إليكم بشأن انتشار الغش في صفوف طلبة المدارس والجامعات دون البحث عن معالجات تحول دون صعود جيل فاشل شبيه بمسؤولي هذا البلد.
ألم يكن حرياً بكم السؤال عن الخدمات الأساسية المقدمة للمواطن اليمني الذي لم يعد بمقدوره تأمين الجزء اليسير منها بسبب تخلي الحكومات المتعاقبة عنه.
أين متعاونكم من تفشي الأمراض والأوبئة, التي ما زالت تودي بالآلاف من المواطنين دون أن يبادر أحد المسؤولين بتقديم استقالته اعترافا بسفالته.
هلا سألتم أنفسكم ومعاونيكم عن مصير أطفال اليمن, الذين لم يعرفوا شيئاً عن طفولتهم وحقوقهم مقارنة بأطفال المسؤولين المصنفين لديكم.
وبينما أنت منهمك في التشكيك بما ورد في موقع الموسوعة تأتيك الإجابة من إدارة الموقع بأن المعلومات السابقة, التي طرحتها وأكثر منها موجودة وتم أخذها في الاعتبار.
تحاول أن تهدئ من روعك وتتساءل عن الآلية, التي تم اعتمادها في التصنيف ما دام المواطن اليمني يواجه كل هذا الخذلان ، ليأتيك الرد بأنه يتوجب عليك إعادة قراءة الخبر جيداً ، وما هي إلا لحظات حتى أعود لقراءة الخبر من جديد لأكتشف أن الموسوعة غينيس صنفت المسؤولين اليمنيين ضمن أتفه مسؤولي العالم.
أي ابتسامة وأي ارتياح شعرت به ، وأنا أتموضع على الجنب الآخر ، متسائلاً في داخلي عن نوعية الكابوس, الذي جرني لأحلم بهذه الطريقة المستفزة ، لأقطع على نفسي عهداً بعدم التسرع في إطلاق الأحكام بمجرد قراءة خاطئة حتى ولو كنت نائماً.

 

مواضيع ذات صلة :