آراء وأقلام نُشر

المعايير الرقابية وحوكمة المؤسسات الوقفية في الاقتصاد الإسلامي

عند الحديث عن المعايير الرقابية وحوكمة المؤسسات الوقفية فإننا نتحدث عن قطاع مهم ومؤثر في الاقتصاد الإسلامي يمكن له ان يلعب دور رئيسا في التنمية الاقتصادية في مجتمعاتنا الإسلامية ويكون رديفا لمؤسسات القطاع العام ، وحتى يؤدي هذا الدور المرجو منه فلا بد وان يكون هنالك معايير للرقابة على ادائه ووضع معايير كذلك لتطبيق مبدأ الحوكمة على مؤسساته ، فالحوكمة ترجمة للمعنى الاصل في اللغة الانجليزية «Governance» وقد جاء هذا التعبير لبيان طريقة الادارة في الشركات وعلاقتها مع المالكين اي اصحاب راس المال فأخذت مفهوم حوكمة الشركات «Corporate Governance» ،وبالتالي فهي تمثل مجموعة من المعايير والانظمة الرقابية سواء كانت رقابة مالية او ادارية والتي تفضي الى اعطاء الادارة امكانية الرقابة على المؤسسة ومراقبة ادائها، وتنظيم علاقة الادارة مع حملة الأسهم وجميع الأطراف ذات العلاقة بالمؤسسة ، حتى تمكنهم من المتابعة، وبالنتيجة تمثل حافز للإدارة في انتهاج الاسلوب الامثل للاستخدام الكفوء للموارد المتاحة للمؤسسة ، فهو يعتبر نهج واسلوب للقيام بالاصلاح الاداري للشركات ، فازدادت الحاجة للحوكمة مع التطور الاقتصادي الهائل في نهايات القرن العشرين والحاجة لإجراء اصلاحات اقتصادية تعمل على جذب المزيد من الاستثمارات التي تبحث عن الشفافية والبيئة الآمنة لرأس المال لتعزيز ثقة المستثمرين.
وللحوكمة عناصر ومبادىء اساسية تمثل الاطار العام لها كما حددته منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي وعلى النحو التالي:
حقوق المساهمين
مسئولية مجلس الإدارة
عدالة المعاملة بين المساهمين
مبدأ الإفصاح والشفافية
اصحاب المصالح الأخرى في المؤسسة
فالحديث اليوم عن حوكمة المؤسسات الوقفية يأخذ جانبا من الاهمية كونها مؤسسات لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وتعمل على استثمار اصولها في مشاريع ذات عائد لها وللمجتمع، وليس لها مالك محدد كما هو في الشركات المساهمة، حيث تنفصل الملكية في هذه الشركات عن الادارة ويتم تنظيم العلاقة بينهما على اساس الوكالة، ففي المؤسسات الوقفية لا تختلف العلاقة كثيرا فالمستحقين لعائد الوقف اي المنتفعين منه هم كمن يمتلك حصة في الشركة المساهمة وباعتبارهم المالكين لأسهمها، كما انها تعاني من العديد من المشاكل التي ترجع اسبابها الى ادارة هذه المؤسسات ويمكن لنا عرض بعضا منها:
      عدم الاهتمام الكافي من قبل إدارة هذه المؤسسات الوقفية في ادارة شؤون الوقف لاعتبارات متعلقة بالشكل النهائي لملكية هذه المؤسسات، ففي الشركات العامة مثلا يوجد هيئة عامة للمالكين اصحاب رأس المال من حقها محاسبة ادارة هذه الشركات.
قد تتعرض هذه المؤسسات لعدم تخطيط الانفاق بما يحافظ على اموالها سواء كان في مجال البذخ او الاهمال احيانا.
 عدم وضوح في العلاقة الرقابية التي تنظم وصول المعلومات بين جميع الاطراف ذات العلاقة بمؤسسة الوقف.
تنوع الاصول العائدة لهذه المؤسسات ، وطبيعة الاستثمار فيها ، وخاصة القديم منها ، وما يرافق ذلك من مشاكل تشريعية وقانونية.
وامام هذا الوضع الواضح المعالم فان تطبيق مبدأ الحوكمة على المؤسسات الوقفية ، وبما ينسجم مع مبادئ الشريعة الاسلامية اصبح ضرورة ملحة حتى تأخذ دورها في المساهمة في التنمية المستدامة وضرورة التعامل مع المتغيرات الاقتصادية وما رافقها من تغير في القوانين والتشريعات التي تتعلق بعمل هذه المؤسسات ونمط ادارتها، وحتى نتمكن فعلا من معرفة حجم مساهمتها في نشاط الاقتصاد الوطني , وان الالتزام بالقيم الإسلامية وثوابتها في الشفافية والامانة والعدل والسلوك الاخلاقي في تطبيق مبدأ الحوكمة في هذه المؤسسات سيعمل بكل تأكيد على مكافحة الفساد المالي والإداري وسيعزز الثقة باقتصادنا الإسلامي وبكل قطاعاته خاصة قطاع الصناعة المصرفية الإسلامية الرافد الاساس والنموذج للاقتصاد الإسلامي.

الدستور

مواضيع ذات صلة :