تعاني البلاد أزمة خانقة في الأدوية نتيجة الحرب الدائرة في البلاد, سواء جراء قصف عاصفة الحزم أو المعارك الداخلية الدائرة في بعض المحافظات.
ومما فاقم من أزمة شح الأدوية فرض حضر بحري وجوي على بلادنا, الأمر الذي أدى إلى تأخر الكثير من الشحنات الدوائية لعدد من الشركات العاملة في استيراد الأدوية, واستنزاف المخزون الدوائي من السوق المحلية؛ نتيجة كثرة الاصابات الناتجة عن الحرب الدائرة في البلاد.
قصف طيران عاصفة الحزم وبعدها إعادة الأمل, طال عددا كبيرا من المحافظات, والمعارك الداخلية هي الأخرى توسعت دائرتها إلى محافظات جديدة, وكلها أودت بحياة الآلاف وخلفت عددا أكبر من الجرحى, ولا شك أن هذه الآلاف استنزفت كميات كبيرة من الأدوية التي كانت مخزونة في السوق المحلية, وما حصلت عليه بلادنا من مساعدات طبية من بعض المنظمات والدول الشقيقة والصديقة قليلة جدا, لا تفي بالغرض, لا سيما وبلادنا في حالة حرب وضحاياها بالآلاف.
لميس محمد القباطي, مسئولة المشتريات في مؤسسة الرأفة للأدوية تؤكد أن المؤسسة كانت لديها شحنتان قد وصلتا إلى ميناء الحديدة ولكن نظرا للحظر تم توجه السفينتين إلى ميناء جدة, بغرض التفتيش ومن ثم تعود عن طريق البر عبر منفذ حرض, مشيرة إلى أن لدى المؤسسة شحنة من مادة الانسولين وكان من المقرر أن تصل عبر الطائرة في 28 مارس ولكن الحرب في 26 مارس المنصرم, أي قبل الحرب بيومين, وقد قامت المؤسسة بالتواصل مع الشركة المصنعة ونعمل على ادخالها عبر الصليب الأحمر, أو أي منظمة خيرية, ولكن سيكلف ذلك كثيرا, مؤكدة أن المخزون الحالي من مادة الانسولين يكاد ينفد من السوق.
واختتمت تصريحها بأن انعدام المشتقات النفطية سبب للمؤسسة ربكة في توزيع الأدوية إلى المحافظات, ويكلف الشركة مبالغ كبيرة زيادة فوق التكلفة.
فيما أشار الدكتور علي العوام, مدير المبيعات في مؤسسة الرأفة للأدوية إلى أن هناك مشكلة تعاني منها معظم شركات استيراد الأدوية وهي أم المشاكل بالنسبة لها وهي انعدام وسائل الشحن؛ فهناك لقاحات وهي هرمونات تحتاج درجة حرارة من 2-8 درجة, فعندما تشحن عن طريق البر أو البحر يكون فيها خطر على المريض, وحتى لو الشركات العالمية أحجمت عن الشحن بحرا أو برا لأنها تشحن أدويتها عبر الجو بالطائرات؛ حيث تكون هناك حافظات معينة, مشيرا إلى أن هناك أدوية عبارة عن حبوب وكبسولات تدخل عبر منفذ حرض وهذه الأدوية تتحمل الحرارة إلى 30 درجة مئوية, أما شحنها عبر البحر فهذا صعب جدا لأن السفينة تأخذ وقتا طويلا في البحر, وعندما تصل المياه اليمنية تتحول إلى جيبوتي للتفتيش ومن ثم تعود إلى ميناء الحديدة.
ولفت إلى أن بعد مشكلة الشحن تأتي مشكلة عملية التحويلات البنكية؛ فمؤسسة الرأفة مثلا معها قيمة شحنات أدوية وتريد تحويلها للشركات المصنعة ولكن التحويلات البنكية موقفة فأي تحويل الآن يتم عبر صيارفة ومبالغ بسيطة جدا, وكانت لنا شحنة انسولين بمبلغ مليون وستمائة ألف دولار وتوقفت, والمخزون الذي في السوق يكاد ينفد.
مبينا أن الأدوية مثل الانسولين وغيرها, التي تحتاج الى تبريد تتعرض للتلف نتيجة عدم وجود كهرباء وانعدام المشتقات النفطية, فلا تستطيع الصيدليات توفير درجة حرارة معينة, لا سيما ونحن في فترة الصيف.
وطالب العوام من المجتمع الدولي رفع الحظر الجوي والبحري لدخول الأدوية من منطلق انساني بحت بغض النظر عن السياسة.
من جانبها أشارت الدكتورة دعاء شهاب, رئيسة مؤسسة كايزن الطبية, إلى أن الشعب اليمني لم يجد الحصول على احتياجاته الطبية في الأيام العادية فما بالنا في هذه الأيام, وهي أيام حرب مقترنة بحصار جوي وبحري وبري, على كل شيء بما فيها الأدوية.
وأشارت إلى أن المستشفيات العامة والخاصة لا توجد لديها الأدوية والأدوات الاسعافية والمضادات الحيوية, ويكاد المخزون في السوق المحلية أن ينفد, وهو قليل جدا, يكاد لا يفي حتى 10% من الاحتياج.
ووجهت نداء استغاثة إلى كل المنظمات الدولية وإلى كل الدول وإلى كل شركات الأدوية للتعاون مع الشعب اليمني وإمداد المستشفيات اليمنية باحتياجاتها من الأدوية والمستلزمات الطبية الكافية.
إلى ذلك أوضحت الأستاذة هبة الطيري, نائب المدير التنفيذي للشؤون التجارية في شركة النفط, أن الشركة تعمل على امداد كل المحافظات اليمنية بالمشتقات النفطية بدون استثناء, لكن مشكلة ما يحدث في البلاد من قصف مكثف من قبل قوات ما يسمى بعاصفة الحزم, وما يجري من اقتتال داخلي في بعض المحافظات أدى إلى شلل تام تحركات ناقلات النفط في بعض المحافظات.
ولفتت إلى أن اليمن ليس لها سوى مصفاتي نفط فقط, ويتم استيراد الباقي, فلدينا مصفاة مأرب, وهي صغيرة وتنتج بحدود 10 آلاف برميل في اليوم, وكانت تخصص لمحافظتي مأرب والجوف, والمصافة الأخرى في عدن, وتنتج بحدود 150 ألف برميل في اليوم, وكانت تغطي احتياج المحافظات الجنوبية وبعض المحافظات الشمالية, ولكن نتيجة الحرب الدائرة في عدن والضالع لم نستطع حتى تغطية المحافظات الجنوبية, وظلينا نعتمد على مصفاة مأرب في تغطية مأرب والجوف وحضرموت وصنعاء, ولكن مع دخول مأرب خط الاقتتال الجميع الآن بلا مشتقات نفطية, ونأمل من قوات التحالف أن تسمح بدخول السفن المحملة بالمشتقات النفطية إلى الموانئ اليمنية ومن ثم سيتم توزيعها على كل المحافظات.
ودعت الطيري الجميع إلى الاحتكام لمنطق العقل والحكمة, ونبذ الاقتتال الذي يدمر الجميع, ولا يبني وإنما يهدم كل ما بنيناه في عشرات السنين.
