فوفقاً لأحدث بيانات، واصل الدين العام العالمي الارتفاع بوتيرة سريعة مدفوعاً بتراكم الأزمات وضعف النمو الاقتصادي العالمي غير المتوازن، ففي عام 2024، وصل الدين العام (المحلي والخارجي معاً) إلى نحو 102 تريليون دولار، بزيادة قدرها 5 تريليونات دولار عن 2023.
أما في الدول النامية، فقد بلغ الدين العام 31 تريليون دولار في 2024، أي ما يمثل 31% من إجمالي الدين العالمي، مقارنة بنسبة 16% فقط في عام 2010.
يعكس هذا الارتفاع المفارقة المستمرة في الأسواق المالية العالمية، فالدول النامية تسهم بنحو 39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتضم 83% من سكان العالم، لكنها في الوقت نفسه تواجه فجوات هائلة في تمويل أهداف التنمية المستدامة.
كما يعكس هذا الارتفاع مزيجاً من أسعار فائدة عالمية مرتفعة، وتراجع تدفقات رؤوس الأموال، إلى جانب تذبذب أسعار الصرف في العديد من الاقتصادات الناشئة.
التفاوت بين المناطق النامية واضح، إذ تتحمل دول آسيا وأوقيانوسيا وحدها أكثر من 24% من الدين العام العالمي، أي ما يعادل ثلاثة أرباع ديون الدول النامية مجتمعة.
في المقابل، لا تمثل أميركا اللاتينية والكاريبي سوى 5%، وأفريقيا أقل من 2%، لكن الأعباء تختلف جذرياً من بلد لآخر تبعاً لكلفة الاقتراض وفترات استحقاق الديون، وهو ما تعمّقه اختلالات هيكل النظام المالي العالمي، ففي كثير من الحالات، الدول الأضعف مالياً هي التي تدفع الفاتورة الأعلى.
من حيث عدد الدول، نجد أن العدد في إفريقيا ارتفع من 8 دول عام 2010 إلى 23 دولة في 2025، بينما شهدت آسيا وأوقيانوسيا قفزة من 5 دول فقط إلى 18، والأمر لا يختلف كثيراً في أميركا اللاتينية والكاريبي إذ تضاعف العدد من 10 إلى 23 دولة.
مدفوعات الفوائد تنمو بوتيرة أسرع من باقي بنود الإنفاق العام
أكثر من ثلثي الدول النامية تجد نفسها مضطرة لتخصيص حصة متزايدة من موازناتها لسداد فوائد وأقساط القروض بدلاً من الاستثمار في البنية التحتية أو التعليم أو الصحة.
تكشف الأرقام أن خدمة الدين أصبحت أسرع القطاعات نمواً في الإنفاق العام بالدول النامية. ففي حين ارتفع الإنفاق على التعليم بنسبة 52% فقط وعلى الصحة بنسبة 77% خلال العقد الماضي، قفزت مدفوعات الفوائد إلى 84%.
%31 فقط من الدين العالمي.. لكن الدول النامية تدفع الثمن الأغلى
توزيع الدين العام عالمياً يكشف بوضوح حجم التفاوت بين الاقتصادات المتقدمة والنامية، فعلى الرغم من أن الاقتصادات النامية تتحمل 31% فقط من إجمالي الدين العام العالمي، فإن هذا العبء يثقل كاهلها بشكل مضاعف بسبب محدودية مواردها المالية وضعف قدرتها على الوصول إلى أسواق التمويل بتكاليف منخفضة.
تتحمل أميركا وحدها ديناً عاماً يقدر بـ35.2 تريليون دولار، أي ما يعادل عشرة أضعاف مجموع ديون اقتصادات نامية كبيرة مثل الهند (3.1 تريليون) والبرازيل (1.9 تريليون) ومصر (348 ملياراً) مجتمعة.
لكن في المقابل، الولايات المتحدة تمتلك أدوات تمويلية وعمقاً مالياً يجعل خدمة هذا الدين أقل تهديداً لاستقرارها الاقتصادي، بعكس الدول النامية التي قد تقتطع ما يقارب ربع إيراداتها الحكومية لسداد الفوائد والأقساط.
تمثل الصين حالة خاصة، إذ إن دينها العام تجاوز 16.5 تريليون دولار، ما يجعلها أكبر مقترض بين الاقتصادات النامية، وفي الوقت نفسه لاعباً محورياً في تمويل غيرها من الدول عبر مبادرة «الحزام والطريق».
أما في أوروبا، فتظهر دول مثل إيطاليا (3.2 تريليون) وإسبانيا (1.7 تريليون) ضمن قائمة الاقتصادات المتقدمة الأكثر مديونية.
سي ان ان الاقتصادية