آراء وأقلام نُشر

مصر .. إلى أين ؟

« فينك يا أمن الدولة .. عرفنا قيمتك دلوقتي » ؛ عبارة قالها مواطن مصري ببالغ الأسى والحزن ؛ معقباً على أحداث أمباية .. لخص بها حال الشارع المصري الحزين والباكي على ما أصاب وحدته وأمنه من أعداء حاقدين ؛ أرادوا الخراب لأمن مصرنا الحبيبة .

«ومصري آخر حائراً متخوفاً من المجهول يتساءل » مصر إلى أين «..؟ وأدرج مواطناً مصرياً أيضا أهمية قانون الطوارئ وأصبح يسأل عنه بعد أن طالب الشعب بتعطيله ..والغريب أن أحد المصريين أطلق على ثورة 25 يناير » الثورة الملونة بعد أن ثار الشعب بأكمله مطالباً إسقاط النظام ..!!

ربما لو ظللت أحصر تعليقات وأراء الشارع المصري بعد فترة وجيزة من انتصار ثورة الشباب في مصر على ما يحدث في مصر لاحتجت إلى مجلدات عملاقة لحصر تعليقاتهم ..لكني رأيت أن أستدل بالقليل جدا وبين المثل والنكتة الساخرة التي لها معنى وقيمة..

«هناك من قال : » الشعب يريد تفتيش المساجد والكنائس « !! ، وآخر قال :» أن حبيب العادلى كان دواء للشعب الذي لم يتعود على الحرية « ؛ وأخر تعليق كانت نصيحة من شاب إلى إخوانه الشباب من أبناء بلده » لا تنسوا يا مصريين من يتربص بكم في البوابة الغربية «...وهو ما جعلني أتذكر العديد من النصائح والأمثال الشعبية التي تتردد علينا يومياً بالعشرات منها دون أن نعرف معان غالبيتها.. ولعل المثال الشعبي الذي يقول » ما تعرف عدوك من حبيبك إلا وقت الشدة وبالفعل فإن الشدة هي من تظهر معادن الناس.

«والشدة والأحداث في مصر » من كرم الله عليها أنه أظهر كل أعدائنا أمام أعينها ؛ لكنهم يظنون أن أمرهم لم ينكشف لظهورهم على الأحداث بشكل غير مباشر .. على شكل خراب..فتنة.. أطماع.. أحقاد ومصالح خاصة.

لنقف عند أحداث الفتنة الطائفية بمصر.. سنجد أن السيناريو متكرر ؛ وبعيداً عن التفاصيل سنجد وجه التشابه كبير بجميع الوقائع.. حيث أنه يحكى أن أسباب ما بدور حالياً من أحداث طائفية لم تعرفها مصر من قبل ؛ هو أن شاباً مسلماً أحب مسيحية وأسلمت على يده وفرت من أهلها ؛ نتج عنه تشاجر بين العائلتين وتطور الأمر، لكن هناك تفاصيل غير مقنعه فالذي يصنع الحبكة الدرامية للفتنة يخال له أن الشعب غبياً لن يكشف أمره صنيعته ، لكنه لا يدرك الحقيقة أو ربما يتجاهلها بان الشعب المصري عظيما وذكيا ، وليس كما يعتقد.

«الفتنة التي حدثت في إمبابة جعلت وبتوفيق من ربنا ؛ الأستاذ ( لويس جريس) وهو صحفي ومفكر مسيحي يقول : أن ما حدث.. فمنذ الوهلة الأولى هو واضح أنه مدبر ، مستدلا بأن الحدث تزامن مع يوم سفر رئيس الوزراء المصري (عصام شرف) في جولته إلى الخليج العربي ، وهذا الحادث بمثابة رسالة لشرف تقول له » أقف عندك يكفي إلى هذا الحد ، فشرف خلال فترة بسيطة بدأ يستعيد علاقات مصر الداخلية والخارجية إلى وضعها الطبيعي بالأخص مع دول حوض النيل التي رحبت بزيارته وقاموا باتفاق مبدئي على مشكلة بناء السد وحصة مصر من الماء ، فهذا إن دل فيدل على نجاح ثورة مصر وقوتها ، فتلك الضربة بهذا الوقت أوضحت لنا بل أكدت ما قولنا عنه أنه يوجد يد خفية تعبث بالأمن المصري..!!

فما الدليل على ذلك ..؟ لو عدنا قليلا بذاكرتنا وخاصة إلى أحداث الثورة عندما فر المساجين من سجن الساحل ؛ولم يمر من ذلك سوى أيام ، إلا وأحبط الأمن المصري محاولة لهروب مساجين من سجن البساتين ، فيبدوا أن السيناريو هنا مكرر ، فتذكروا معي طريقة فتح السجون المصرية يوم 28 يناير التي كانت تفتح بنفس الطريقة وبتوقيت واحد ، أيضاً في عيد تحرير سيناء عندما أجتمع شرف بشيوخ قبائل سيناء ، قاموا بلفت انتباهه أن وسط سيناء تحتاج إلى تدعيم وتكثيف الأمن فيها لما لها من عرضة لأي خراب أو أي أعمال تخريب تعبث بأمن مصر ، وهذا دليل قاطع أنهم يعرفون الكثير من تلك الأعمال وحدث منها بالفعل الكثير وهذا ما دفعهم للتحدث والتحذير بسبب خوفهم على مصر وعلى سيناء بالأخص..

أمن الدولة ..الطوارئ ..

«صاح بعض المصريين بحرقة وتساءلوا أين هم ..؟ ، فلكل قاعدة شواذ هذه حكمة أو عبارة معروفة لكن ينساها كثير من الناس ، فمثلما كان قانون الطوارئ ، وأمن الدولة لهم أضرار وفضائح بالغة وقصص يشيب منها الرأس ، أيضاً كان لهم دور فعال في ضبط الأمن والحزم في الشارع المصري ، فلا يختلف اثنان من الشارع المصري على أن أعمال البلطجة والسلب والنهب زادت وانتشرت .. وأصبحت على مرأى ومسمع الناس ، فضلاً عن انتشار السلاح » الآلي ، والأبيض بين الناس بالأخص تجار المخدرات ومثيري الشغب ، وهي من جعلت المصريين يترحموا على زمن أمن بعد أن فُقد دورهم ووجودهم الذي كان بهم الأمان مستقر لتصديه وردعه لكل أعمال الإرهاب والفتنة والبلطجة..

الثورة الملونة..

بالفعل فثورة 25 يناير أصبح كل من له مصلحة وغرض ما بنفسه يلونها باللون الذي يتناسب معه،تعودوا كمن قبلهم على الصعود على أكتاف الشباب وأحلامهم وطموحاتهم بل على أرواحهم ، فشهداء الثورة ماتوا كي يعطونا الحرية ، ضحوا بأرواحهم كي يتوفر لنا فرصة عمل وحياة كريمة ولقمة عيش نظيفة ، فهذا هو تفكيري أنا وأنت وأنتي ، أما هناك من لا يفكر سوى بالمنصب والكرسي ويقوم بالهتاف والشعارات والمدح بالثورة كي يصل لأطماعه ومصالحة ، فنحن أول خطوة قمنا بفعلها هو تحرير مصر من الفاسدين ؛ لكن ينقصنا أن نتعلم كيف نمارس الحرية ..؟ ، ونتعلم كيف نفرق بين الحرية والفوضى ..؟ ، حينئذ سنجد مصر بلون واحد فقط .. وهو الأبيض بلون الحمام شعار السلام ..

الشعب يريد تفتيش المساجد والكنائس..

«شعار محزن للغاية فدور العبادة أصبحت تنتهك من البلاطجة والأيادي الخارجية للعبث بأمن مصر ، ووصل بنا الحال أن ننادي بتفتيش المساجد والكنائس ، فكان أحق أن ننادي بالصلاة فيهما وإحياء شعار » مسلم مسيحي يد واحدة « وأن » الدين لله والوطن للجميع ، لكن الأعداء الحاقدين يريدون أن يوصلوا للعالم أن الكنائس بمصر والمساجد أصبحت مخازن ذخيرة وأسلحة ، لك الله يا مصر..

مصر إلى أين..؟

كل منا سيجيب على هذا السؤال كما يرى مصر بعيونه ويحس بها في قلبه ؟ ، فأنا أرى أن مصر ستقوم وتنهض من هذا البلاء الذي سيكون بإذن الله سبباً بتطهيرها من كل الفساد والمؤامرات والفتن التي وقعت عليها ، وستعود أقوى مما كانت عليه ، فلكي نبني بيت على أحدث طراز ويبهر كل من يراه لابد من الصبر.. ثم الصبر ، والمواجهة وتحمل الصعاب.. فمصر هي ذلك المنزل الكبير الجميل الذي يبهر العالم حتى وهو يحتاج إلى إصلاحات وترميمات ، فأنا أشهد الله أني أحبك يا مصر وأعشق كل نسمة هواء بسماؤك ، ولا أرتوي إلا بماء النيل الذي يجري بين أحضانك..

فما لي أن أختم كلماتي إلا بدعاء رب العالمين أن يحفظ مصر لنا من الفتن ومن شر الحاقدين وأن يجعلها دائماً وأيدا شامخة رافعة الرأس وأم الدنيا كلها ..

مواضيع ذات صلة :