هل في الإمكان الفصل بين رغيف الخبز ووردة الحرية؟!
وهل يمكن الاعتقاد بأن اللقمة ستكون سائغة إذا اقترفت بليل الفجيعة وزنزانة الاستبداد؟!
وهل تلتقي التخمة مع القمع؟ الوفرة مع الظلم؟ اللذة مع ذروة الألم؟
وهل... وهل... وهل...؟؟
هذه الأسئلة وغيرها من صنفها هي التي أوقدت شمعة التنوير في أذهان ووجدان فرسان التغيير.
إن صفعة قاسية من شرطية معقدة ومتغطرسة على خد البائع الجوال الشاب محمد البوعزيزي في أحد شوارع مدينة سيدي بو زيد التونسية, خلقت منعطفا في غاية الخطورة في حياة الشعوب العربية, من شأنه أن يستمر في التصاعد إلى الأبد!!
وما هي إلا أيام.. بل ساعات.. حتى تدحرجت كرة الثلج مثل كرات من نار.. وحتى انفجر البركان الذي لم يعد يعرف الخمود.. وحتى انفتحت في الأفق كوة النور الساطعة كأنها قبس من نور الرحمن.
إن إعصار الثورة لا يحتاج إلى أكثر من زفرة حارة ينفثها صدر مكتظ بالألم والصبر والمرارة.. ألم تراكم عبر السنين جراء ممارسات غبية أو حمقاء.
وصبر طال وتلوى وانثنى كأنه ثعبان طفح فيه السم الزعاف..ومرارة فاضت عن وعائها واندلقت نهرا جاريا في الشرايين..وهذا ما حدث في تونس ومصر ويحدث في ليبيا وسوريا واليمن..
غير أن لليمن سيرة أخرى.. فإذا كانت الشعوب تثور كالأعاصير والبراكين والزوابع لمجرد حاجتها إلى بعض الحرية, حتى وإن كانت سلة الخبز لديها مملوءة حتى آخرها..
وإذا كانت الأمم تصنع المحال من أجل لحظة حرية أو حصة ديمقراطية أو قيراط كرامة, حتى وإن تدلت كروشها على الأرصفة من فرط التخمة..
فكيف يكون الحال بشعب يعاني الأمرين: الجوع والجور!!
إن الله لا يجمع بين عسرين.. ولا يرضى لعبده أن يكابد شظف العيش في النهار, ومرارة الذل والهوان في الليل!!
واليمنيون عانوا من العسرين كما لم يعان شعب في محيطهم.. فقر مدقع تدلى عميقا تحت الخط المتعارف عليه قانونيا وإنسانيا..
ونظام مستبد أحال البلاد إلى إقطاعية خاصة, والعباد إلى عبيد ورعاة!! وقد بلغ السفه فيه حد تمديد أمد حكمه إلى تخوم التأبيد..
ولم يكتف بهذا.. بل راح يهيئ لخلفه “الأحقية” في التوريث!
ويحدث هذا في عصر تجاوز كل الحقب القروسطية والإقطاعية.. وبلغ حدود العولمة في الفكر والاقتصاد والمعلومة!!
ولهذا فوجئ العالم كله بالشعب اليمني يخرج هادرا إلى الشوارع, مناديا بإسقاط النظام..
خرج بصدور عارية تستقبل الرصاص الحي بكل شجاعة وقناعة واستبسال.. خرج حاملا اللافتات والورود.. برغم اكتنازه أكثر من ستين مليون قطعة سلاح في المنازل والمحلات!!
هذا هو الشعب اليمني الذي صبر كثيرا, وعانى طويلا, وذاق طعم المرارة على نحو أسطوري.. غير أنه – في لحظة فاصلة واستثنائية- قرر أن يثور.. أن يخرج إلى الشارع ولا يعود إلا منتصرا.
وهل يمكن الاعتقاد بأن اللقمة ستكون سائغة إذا اقترفت بليل الفجيعة وزنزانة الاستبداد؟!
وهل تلتقي التخمة مع القمع؟ الوفرة مع الظلم؟ اللذة مع ذروة الألم؟
وهل... وهل... وهل...؟؟
هذه الأسئلة وغيرها من صنفها هي التي أوقدت شمعة التنوير في أذهان ووجدان فرسان التغيير.
إن صفعة قاسية من شرطية معقدة ومتغطرسة على خد البائع الجوال الشاب محمد البوعزيزي في أحد شوارع مدينة سيدي بو زيد التونسية, خلقت منعطفا في غاية الخطورة في حياة الشعوب العربية, من شأنه أن يستمر في التصاعد إلى الأبد!!
وما هي إلا أيام.. بل ساعات.. حتى تدحرجت كرة الثلج مثل كرات من نار.. وحتى انفجر البركان الذي لم يعد يعرف الخمود.. وحتى انفتحت في الأفق كوة النور الساطعة كأنها قبس من نور الرحمن.
إن إعصار الثورة لا يحتاج إلى أكثر من زفرة حارة ينفثها صدر مكتظ بالألم والصبر والمرارة.. ألم تراكم عبر السنين جراء ممارسات غبية أو حمقاء.
وصبر طال وتلوى وانثنى كأنه ثعبان طفح فيه السم الزعاف..ومرارة فاضت عن وعائها واندلقت نهرا جاريا في الشرايين..وهذا ما حدث في تونس ومصر ويحدث في ليبيا وسوريا واليمن..
غير أن لليمن سيرة أخرى.. فإذا كانت الشعوب تثور كالأعاصير والبراكين والزوابع لمجرد حاجتها إلى بعض الحرية, حتى وإن كانت سلة الخبز لديها مملوءة حتى آخرها..
وإذا كانت الأمم تصنع المحال من أجل لحظة حرية أو حصة ديمقراطية أو قيراط كرامة, حتى وإن تدلت كروشها على الأرصفة من فرط التخمة..
فكيف يكون الحال بشعب يعاني الأمرين: الجوع والجور!!
إن الله لا يجمع بين عسرين.. ولا يرضى لعبده أن يكابد شظف العيش في النهار, ومرارة الذل والهوان في الليل!!
واليمنيون عانوا من العسرين كما لم يعان شعب في محيطهم.. فقر مدقع تدلى عميقا تحت الخط المتعارف عليه قانونيا وإنسانيا..
ونظام مستبد أحال البلاد إلى إقطاعية خاصة, والعباد إلى عبيد ورعاة!! وقد بلغ السفه فيه حد تمديد أمد حكمه إلى تخوم التأبيد..
ولم يكتف بهذا.. بل راح يهيئ لخلفه “الأحقية” في التوريث!
ويحدث هذا في عصر تجاوز كل الحقب القروسطية والإقطاعية.. وبلغ حدود العولمة في الفكر والاقتصاد والمعلومة!!
ولهذا فوجئ العالم كله بالشعب اليمني يخرج هادرا إلى الشوارع, مناديا بإسقاط النظام..
خرج بصدور عارية تستقبل الرصاص الحي بكل شجاعة وقناعة واستبسال.. خرج حاملا اللافتات والورود.. برغم اكتنازه أكثر من ستين مليون قطعة سلاح في المنازل والمحلات!!
هذا هو الشعب اليمني الذي صبر كثيرا, وعانى طويلا, وذاق طعم المرارة على نحو أسطوري.. غير أنه – في لحظة فاصلة واستثنائية- قرر أن يثور.. أن يخرج إلى الشارع ولا يعود إلا منتصرا.
نقلاً عن مجلة الاستثمار العدد(37) مايو2011