آراء وأقلام نُشر

منطق

قبل بضع سنوات وفي نهاية مقيل كئيب, قذف أحدهم بسؤال مباغت, كان السؤال: ماذا لو جاء وقت لم تستطع الدولة فيه دفع مرتبات الموظفين؟ لم نلق لسؤاله بالا, ولم نعره اهتماما, فقد كان الرجل بطبعه متشائما كثير التذمر.
لم يحبط من تجاهلنا, بل تابع: حينها كيف سنعيش؟ ومن أين سنأكل؟ وكيف سندفع إيجارات السكن؟
ارتفعت منسوب الكآبة عند الحاضرين من تتالي أسئلته إلى حده الأعلى, انفجرت في وجهه: يا أخي لدينا من الكدر ما يكفينا وأظن أننا لسنا بحاجة إلى المزيد.
مرت الأيام والأعوام إلى أن جاء يوم سمعت فيه مسئولا كبيرا في وزارة المالية يقول إنه يخشى أن تعجز الدولة عن دفع مرتبات الموظفين بعد عدة أشهر, كان ذلك في العام 2010 أي قبل اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالتغيير بأشهر.
لحظتها تذكرت كلام صاحبنا, لمت نفسي على زجره يوم رمى في وجوهنا تلك التساؤلات التي اعتبرناها وقتئذ قانطة سخيفة, الآن وفي هذه الظروف التي تمر بها البلاد, فقد زاد الوضع الاقتصادي تدهورا, حتى أنه صار قاب قوسين من الانهيار الشامل, فإن تساؤلات صاحبنا صارت أكثر من منطقية.
وإذا كانت المعلومات وبحسب خبراء اقتصاديين فقدوا وظائفهم خلال الستة الشهور الماضية والعدد قابل للزيادة يوما بعد يوم, فإن ذلك يعني أننا في بداية الولوج إلى الطور الكارثي للأزمة, ولنا أن نتصور كيف يدبر أولئك المنكوبون حياتهم, خاصة وأن أغلبهم لا يملك شيئا من مدخرات.
موظفو الدولة ومنتسبوها من مدنيين وعسكريين باتوا يخشون أن يلاقوا نفس المصير, يعزز خشيتهم عناد من بأيديهم الحل والمخرج من هذا الوضع المأساوي الذي ينذر بكارثة محققة ستهوي بالبلاد إلى قعر جهنم التي لن ينجوا أحد من لظاها.
رئيس مؤسسة تنمية المجتمعات المحلية

مواضيع ذات صلة :