ردا على المهاترات والتكهنات والإتهامات فيما يتعلق بموقف التجار من قانون الضريبة العامة على المبيعات, ورغم ابتعادي عن العمل الغرفي منذ يناير 2010م، إلا أن الواجب يدفعني لأقول كلمة حق في هذا الأمر الشائك الذي أصبح مصدر جدل غير مسبوق وصار مجالا للمزايدة والفلسفة والتسلق الوظيفي والسياسي والاجتماعي والتجاري والصناعي وأبدأ بتعريف الضريبة العامة على المبيعات.
تعريف الضريبة العامة على المبيعات:
باختصار..الضريبة أداة ذكية جدا وخبيثة لتحقيق هدفين،،
الأول: تحصيل ضريبة غير مباشرة على المستهلك تشكل نسبة من سعر البيع تصل إلى مبالغ ضخمة قد تكون المصدر الرئيس لدخل الدولة في كثير من دول العالم .
الثاني: فضح المتلاعبين بسجلات ضرائب الدخل بما يضمن استيفاء الدولة حقها وهذا أيضا مصدر دخل مهم للدول.
الأعراض الجانبية الخفية من تطبيقها:
شأنها شأن كل شيء له إيجابياته وسلبياته.. الضريبة من الصعوبة في التنفيذ في دول العالم الثالث بما يجعل تطبيقها «السليم» شبه مستحيل أما في دولة كـ «اليمن» سيكون لها أثر قاتل على المنشآت الصغيرة والمتوسطة وكل ما يقال إنها سهلة «»»كذب»»»»» بمعنى.. إذا طبق القانون سينفرد الكبار بالسوق والاقتصاد اليمني إلى حيتان كبار فقط وسيقضي على كل أمل في نمو قطاع جديد أو دخول تجار أو مصنعين لأن المنافسة ستكون مستحيلة .. إلا إذا لجأ هؤلاء للتهريب والتهرّب .. ولكنهم سيظلون مطاردين ولن تتوفر لهم فرص النمو أو التحول إلى قطاع الصناعة أو الخدمات..
ويكفي أن نعرف أن القانون مصمم ليتحصل أكثر من 90% من ضرائب الدولة من عدد محدود جدا من الشركات «الكبرى» تصل نسبتها إلى 0.79% من إجمالي عدد المكلفين في بعض الدول الصناعية.. أي بمعنى آخر «تصفية المكلفين إلى أقل عدد ممكن» حتى تطمئن الدولة على أيراداتها أنها بأيادي «آمنة» وتحت السيطرة!! هذه هي سياسة صندوق النقد الدولي أيضا..لضمان إيرادات الدول المدينة له.. بغض النظر عن الأعراض الاقتصادية/الاجتماعية التي لا تهمه أصلا..
علما بأن القانون الحالي عبارة حشو غامض وتكرار متناقض ومعيب وصياغته سيئة جدا وغير متناسقة ويحتوي على الكثير من بواعث الخلاف ولا يفهمه إلا من صاغه وهم عدد محدود من الأشخاص في رئاسة المصلحة.. فصلوه على المزاج وتواقين لبدء العمل ولكن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن وبعضهم من قضى وبعضهم من ينتظر..
والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الأسبق عبدالقادر باجمال وعندما أقنعناه بمحاولة قراءة القانون قال في جلسة حضرتها مع المرحوم محفوظ شماخ وبعض الأخوة الزملاء من التجار أنه حاول قراءة القانون ولكنه «غثى به» وضاق صدره به وأن « لا هو ولا ابنه يستطيع أن يشتغل بالتجارة إذا ترك الحكومة يوما ما إذا طبق القانون..»
أسباب إضافية تجعل من تطبيق القانون مصدرا للمتاعب، صندوق النقد الدولي استقى معلوماته عن الوضع العام في اليمن من عناصر تحقد على القطاع الخاص من مصلحة الضرائب ووزارة المالية وذلك في أواخر تسعينيات القرن الماضي.