آراء وأقلام نُشر

الاستثمار العربي وقمة الرياض الاقتصادية

تزايدت أهمية المعلومات بصورة مضطردة، وأخذت دوراً أكثر عمقاً وشمولية في صناعة القرار على المستوى العربي، وذلك بفضل أثرها الفعّال في تسهيل الإلمام بمكونات الواقع وتفاعلاته واكتشاف الحاضر ودقة التنبؤ بالمستقبل، خصوصا إذا ما توافرت فيها شروط الشمولية والدقة والوضوح والحداثة.

وقد جاء اهتمام المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات المبكّر بتلك القضية، لبلوغ أحد أهداف إنشائها والمتمثل في نشر المعرفة، والمساهمة في زيادة الوعي الاستثماري العربي، ومتابعة مستجدات صناعة الضمان، من خلال العديد من مساهماتها وإصداراتها ومطبوعاتها ودورياتها المتنوعة.

ومنذ سنوات كثفت المؤسسة من جهودها في نشر المعرفة وخصوصا ما يتصل بقضايا الاستثمار من خلال زيادة جرعة المعلومات والإحصاءات الخاصة بالمنطقة العربية في مختلف إصداراتها ومساهماتها، وأنشأت العديد من قواعد البيانات والمعلومات عن تدفقات الاستثمار الأجنبي بشقيه المباشر وغير المباشر بالتركيز على الدول العربية، وكان آخرها قاعدة بيانات بيئة أداء الأعمال.

و مع دخول المنطقة عصرا جديدا من التعاون الاقتصادي المرتكز إلى العديد من الجهود القطرية والإقليمية ولاسيما سلسلة القمم الاقتصادية والتنموية العربية التي انطلقت من الكويت عام 2009، ثم مصر عام 2011، تسعى المؤسسة لتعزيز تحركاتها في مجال توفير الدراسات والمعلومات لصناع القرار الاقتصادي والاستثماري على المستوى العربي.

وفي هذا السياق بدأت المؤسسة بالتعاون مع الدول الأعضاء فيها بإنجاز أول مسح شامل لبيانات أرصدة وتدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي والعربي بشقيه المباشر وغير المباشر في جميع الدول العربية، لاسيما وأن قضية الاستثمار في الدول العربية من المتوقع أن تحظى باهتمام خاص من قبل القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة المزمع عقدها في العاصمة السعودية الرياض في يناير من العام 2013.

ويهدف هذا المشروع الطموح إلى رسم صورة صحيحة ودقيقة وحديثة عن أوضاع الاستثمار في الدول العربية يمكن أن تساعد قادة القمة على اتخاذ قرارات صائبة تشجع وتزيد معدلات نمو الاستثمارات في المنطقة، وبما يعود بالفائدة على المجتمعات العربية والمواطن العربي.

وحقيقة تنتهز المؤسسة تلك المناسبة لتوجيه الشكر إلى جهات الاتصال الرسمية للمؤسسة في الدول الأعضاء والجهات ذات الصلة، بخاصة هيئات تشجيع الاستثمار والبنوك المركزية، ووزارات التجارة والجهات المسئولة عن إجراء المسوحات الإحصائية الميدانية للاستثمار الأجنبي وغيرها، على تعاونها المتوقع مع المؤسسة، خصوصا وأنها المصدر الوحيد والدقيق للبيانات ولاسيما بيانات الاستثمار العربي البيني، والأهم أن غياب بيانات أي دولة يؤثر على مدى شمولية ودقة البيانات العربية الإجمالية.

ومما يعزز من تفاؤل المؤسسة بنجاح المسح هو ردود الفعل المبدئية المرحبة من الدول الأعضاء، وقيام عدد كبير منها خلال السنوات الأخيرة بإجراء مسوحات إحصائية ميدانية عن الاستثمار الأجنبي المباشر سواء بشكل منفرد أو بالتعاون مع جهات متخصصة، خصوصا وأن المؤسسة قامت بإتاحة الجداول المطلوب استيفاء بياناتها على موقعها الشبكي.

وحتى تكتمل الصورة لدى صنّاع القرار والمعنيين والباحثين بشؤون الاقتصاد والتنمية العربية ارتأت المؤسسة أن تستكمل مشروعاتها في مجال قواعد البيانات والمعلومات عبر إنشاء قاعدة بيانات للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية للدول العربية، وذلك عن طريق استخلاص أهم البيانات والمؤشرات الحديثة الصادرة عن صندوق النقد الدولي بشأن الدول العربية، وإعادة تصنيفها وترتيبها وتجميعها بشكل يسهل الخروج باستنتاجات مهمة ومفيدة منها، حيث ترصد البيانات المستخلصة تطور الاقتصاد العربي كإقليم وأقطار خلال العقد الأول من الألفية الثالثة، وتعطي صورة واضحة عن وضعية جميع الدول العربية في تلك المؤشرات مقارنة بالمتوسط العربي، بل وتحاول استشراف آفاق المستقبل للعام 2012.

ومن منطلق حرص المؤسسة على تحقيق أقصى استفادة من قاعدة البيانات الجديدة من قبل جميع المعنيين والمختصين في الدول العربية تم تخصيص هذا العدد من نشرة ضمان الاستثمار”، لتقديم عرض مختصر لأبرز البيانات والمؤشرات، ووضع الدول العربية فيها، تمهيدا لإطلاقها بشكل موسع على الموقع الشبكي. وفي الختام تجدد المؤسسة تأكيدها على الحرص على مواصلة جهودها من أجل تشجيع انسياب السلع ورؤوس الأموال فيما بين الدول العربية عبر تنمية البحوث والأنشطة المتعلقة بنشر المعرفة وزيادة الوعي الاستثماري في الدول العربية، هذا إلى جانب دورها التاريخي المتنامي في مجال تقديم الضمانات للمستثمرين في المنطقة والمصدرين من الدول العربية.

والله ولي التوفيق،،،



 * مدير عام المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات



مواضيع ذات صلة :