آراء وأقلام نُشر

مخاطر الكراهية تُهدد مُستقبل اليمن

تُغذي أخطاء السياسة في اليمن لغة الكراهية في المجتمع وهذا أسوأ ماقد يحدث لليمنيين. وفي التاريخ المنظور لهذه البلاد لم نتورط بشكل حاد في أشكال من التعبئة بين المجموعات الأهلية بحيث يتم استحضار الهويات الصغيرة للأفراد كمنصة لاطلاق النزاعات وإدامتها، وكانت الصراعات والانقسامات بسيطة وأولية ومُضمرة في لغة المصالح والتنازع على الحكم حتى لو أخذت في أحد أبعادها أشكال الفرز المناطقي والجهوي أكثر منه طائفي، ولكن ما يحدث الآن هو تصعيد الفرز الطائفي والعرقي والجهوي بشكل لم يسبق له مثيل وهذا خطر للغاية ولايتم التنبه له من قبل أحد.

حين يتم تسكين لغة الكراهية في المجتمع يصعب تماماً التعافي منها وسيدفع الناس الثمن بدورات دم أهلية تترك جروحا لاتندمل. وكما يبدو الآن فنحن نمضي باتجاه ذلك بتسارع متزايد، حيث يتسع التقسيم والنظر للأفراد ضمن هوياتهم غير المُعلنة، فأصبح شائعاً تأكيد وتفسير ما يحدث ضمن تعميمات زيدي وسني، سيد وقبيلي، جنوبي وشمالي، جنوبي نقي وعرب ثمانية وأربعين! هذا غير مسبوق وأصبح حالة يومية يتم التأقلم معها والاطمئنان لها بدون أي حساسية تجاه ما تُخلفه من انقسامات مُرعبة في أرواح اليمنيين وما تُغذيه من احتراس وتوتر بينهم. وحين تستخدم القوى السياسية، ضمن حس براجماتي انتهازي أخرق، هذه الأدوات الحساسة والخطرة في حشد الجمهور وتوظيفه لتحقيق مكاسب على الأرض في إطار الصراعات السياسية فهي تُفخخ فرصها ذاتها في الوصول إلى السلطة، وفي استمرار مجتمع السياسي الطبيعي المنتمي للعصر والحداثة، لصالح تصعيد مجتمع الطوائف المحكوم بالتصالح والاقرار بالمجموعات الأهلية المعرفة بهويات صغيرة، وحيث التقاسم السياسي وفكرة الحكم ليس حقاً تابعاً للانتصار في معارك الانتخابات في النقابات والبرلمان وفضاء التنافس الحديث والمدني، بل هو أسير للتمثيل ضمن الهويات الطائفية والعرقية والمناطقية، وبالتالي ستذهب الأحزاب نحو الانقسامات والتفتت وستصعد جماعات سياسية أهلية بدائية لتستولي على موقعها وفرصها.

ليس الفرد في المجتمع طائفي أو عرقي بطبعه بل يُدفع لذلك، وحين يغيب التمثيل السياسي الحديث فهو يضطر إلى القبول بالتمثيل الأقل، خصوصا حين تُشرعن الدولة ومراكز القوى هذه التمثيلات البدائية وتتعامل معها كحقيقة نهائية وتُضعف الأخرى في المقابل، وهذا مايحدث في اليمن وماسيكون مآله مُرعباً على الجميع.

إن مستقبل السلم الأهلي اليمني رهين أداء سياسي أخرق من قبل القوى الرئيسية في المشهد حالياً، وبعد أن كان صالح هو الفاعل الوحيد الذي يعبث بأوراق الانقسامات الطائفية والعرقية والمناطقية لضمان حكمه وديمومته، توزّعت هذه الأدوات الخطرة بيد الجميع الآن، ليتم استخدامها والعبث بها ضمن ألعاب سياسية صغيرة وغير مسؤولة بشكل يفتقد للنظر البعيد تماماً. وهكذا تقود صراعات صعدة بين الإصلاح والحوثيين، وصراعات الجنوب بين الحراك والسلطة، أو مع الشماليين من العمال البسطاء، البلد بأكمله نحو انقسامات قائمة على تعريفات وعنف الكراهية المطلق، وفي ظل انخفاض الحساسية لدى الجميع فلن ينجو أحد في المستقبل من دورات عنف ستطبع وجه اليمني بوشمها الدامي. 

خلال لقائها بالممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن كرمان تنتقد اللجنة الرئاسية، وتصف آلية اختيار ممثلي الشباب في الحوار الوطني بالانتقائية 


maged231@yahoo.com


مواضيع ذات صلة :