ذكرت بعض الإحصائيات بأن عدد ملفات التراكم لدى مصلحة الضرائب اليمنية بلغة ( 166.283) ملفا ضريبيا لم يتم البت فيها للسنوات السابقة .هذا العدد الكبير من ملفات التراكم من وجه نضري يعتبر مؤشرا خطيرا من عدة أوجه الأول على ضعف الإجراءات الفنية المتبعة, الثاني القصور التشريعي بالقوانين الضريبية, الثالث عجز الإدارة الضريبية على دراسة و معرفة أسباب هذه المشكلة وإيجاد الحلول العملية لها.
إن مشكلة التراكم مشكلة موجودة في كثير من الدول إلا أنها في الضرائب اليمنية مشكلة مزمنة وأكثر انتشارا وتحتاج إلى القضاء عليها أو الحد منها إلى أقصى حد ممكن.
وعلى الرغم من تعاقب القيادات المتتالية على وزارة المالية ومصلحة الضرائب إلا أنهم لم يبدوا الاهتمام الكافي لمثل هذه الحالات الخطيرة من حالات ضياع المال العام كما أن الإدارة الضريبية لم تبذل الجهد الكافي أيضا لمواجهة هذه المشكلة التي ستظل تدور في دائرة مغلقة لا نهاية لها .
علما بأنها تكبد خزانة الدولة عشرات المليارات فضلا عن أنها تعكس عدم الامتثال الضريبي وحجم التهرب الضريبي الكبير والذي تتحمل الجزء الكبير منه قيادة مصلحة الضرائب بسبب غموض التشريعات الضريبية والإجراءات المعقدة التي تمارسها إضافة إلى عدم تطبيق العقوبات الرادعة للحد من التهرب الضريبي .
والأسئلة التي تبحث عن إجابة ما هي أسباب التراكم ؟ ولماذا بلغت إلى مثل هذا الحد ؟ ثم ما هي الإجراءات التي اتخذتها مصلحة الضرائب في مواجهة هذه المشكلة ؟ وما هي رؤية المصلحة لحل مسألة التراكم ؟ وهل اتخذت مصلحة الضرائب من إجراءات ناجحة لحل هذه المشكلة من قبل ؟ ثم من المتسبب فيها ؟ هل هي الإدارة الضريبية أم المكلف بدفع الضريبة أم الاثنين معا ؟
أسئلة مهمة تحتاج الإجابة عنها من قبل قيادة وزارة المالية ومصلحة الضرائب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كون هذه الجهات هي المعنية والمختصة في مثل هذه الحالات .
أنا أحد موظفي مصلحة الضرائب وقد لا أكون محايد إذا ما أجبت عن بعض من هذه الأسئلة ولكن الذي ينبغي قوله إننا جميعا مسئولين عن التهرب الضريبي وعن حالات التراكم الكبير بمعنى أخر بأن مصلحة الضرائب والمكلفين بدفع الضريبة والمواطنين والدولة كلهم مسئولون بطريقة مباشرة وغير مباشرة والمسئولية الأكبر تقع على القائمين والمشرفين على تطبيق القوانين الضريبية والجهات الرقابية المشرفة عليهم .
إن خسائر التهرب الضريبي بالمليارات لا تمثل خسارة فقط لإيرادات الدولة في أمسّ الحاجة إليها، ولكنها تعتبر تهديد للعدالة الضريبية التي هي مبدأ أصيل من مبادئ الضرائب حيث من غير المنصف بفرض وتحصيل الضريبة من شريحة معينة من المجتمع والشريحة الأخرى تتمتع بالتهرب الضريبي والإدارة الضريبية تساعدهم من خلال تجاهل هذه الأعداد المهولة من ملفات التراكم .
وهذه الإيرادات كان من المفترض أن تستفيد منها الدولة في عملية التنمية والإصلاح والتطوير ويستفيد منها الوطن والمواطن من خلال الخدمات الاجتماعية والتنموية وخلق فرص العمل الجديدة للشباب ورفع الدخول والمرتبات لموظفي الدولة والمستفيد في النهاية كل الأطراف المعنية