آراء وأقلام نُشر

البطالة والعمالة

 

لا مفرّ لك ايها اليمن من الاعتماد على ذاتك ونسيان خلافاتك ومحو صراعاتك والمسارعة في بناء اقتصادك.

من يتابع صحف وقنوات الاشقاء في دول الجوار يدرك من خلال ما يقرأه ويسمعه ويشاهده انهم بدأوا يشعرون بالخطر من ارتفاع نسبة البطالة خصوصا ان عدد سكانهم قليل مقارنة بالنسب المرتفعة للعمالة الموجودة فيها.

ويبدو جلياً أن الحل المفضل بالنسبة لهم للقضاء على البطالة هو ترحيل العمالة وخصوصا منها غير النظامية هكذا يبدو المشهد.

في السعودية مثلا يتحدثون عن معدل بطالة وصل الى 11.9% ووجهة نظر الاشقاء بإختصار انه ليس من المعقول ان يكون هناك مواطنون سعوديون بلا عمل في وقت يوجد فيه ستة ملايين عامل أجنبي!! يتحدثون أيضاً عن عمال غير نظاميين يصلون الى اكثر من مليون عامل 84 % منهم يمنيون وهذا ما يفسرون به الحملة المشددة التي طالت العاملين طوال الشهرين الماضيين ولم تتوقف إلا بأمر ملكي بمنح فرصة ثلاثة اشهر للعاملين لمعالجة اوضاعهم ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل تتمكن حكومتنا من استثمار هذه الفرصة لمعالجة قضايا المغتربين قبل ان تجد نفسها وهي تستقبل ما يقارب من مليون مغترب يمني قد تكون رجعتهم الى البلد في ظل هذه الظروف التي يعاني كارثة أشد وأمر من تلك التي حدثت بعيد حرب الخليج.

الأمر يبدو معقدا من جميع الجهات فالرزق بيد الله سبحانه وتعالى وهناك حكمة يمكن للاخوة في الخليج ان يأخذوها من اصحاب الباصات سألت صاحب باص قلت له ماشاء الله قد فيه ثلاثمائة باص في الخط فأجاب كل واحد بيّدي الله رزقه ما احد بياخذ رزق احد ".

يقولون الأقربون أولى بالمعروف ونقول أيضاً جارك القريب اولى بفرصة العمل من العامل الغريب.

زد على ذلك أن الأمر يبدو معقدا جدا اذ ان ترحيل ما يقارب من مليون عامل من السعودية من شأنه ان يشكل أزمة بحسب ما سمعت من احد الاخوة السعوديين في الحوار التلفزيوني انه في منطقة واحدة مثلا يوجد اربعة وثمانون بقالة لو قمت بترحيل هؤلاء من اين ستغطي احتياجات الناس في تلك الاماكن خصوصا ، قلت في نفسي مؤكد سيكون هناك صعوبة في ملء الفراغ بعمالة سعودية أي شاب سيقبل ان يقف في بقالة لمدة تصل الى اكثر من 12 او ربما 18 ساعة وبمعاش زهيد لايزيد عن الالف وخمسمائة ريال هل سيقبل ؟ مستحيل ؟

وما ينطبق على البقالات ينطبق على المخابز والبناشر وغيرها فالظروف التي يعيشها اليمنيون يجعلهم يتجرعون المر ويتقبلون العمل ولو بمبلغ زهيد في السعودية.

تصور ورشة فيها اربعة وثمانون عاملا غير نظامي كل واحد بعد أسره ما يعلم بحاله الا الله لو تم تغريم صاحب الورشة على كل عامل عشرة آلاف بتهمة قبوله هؤلاء العمال فلك ان تضرب الاربعة والثمانين في عشرة يعني لو يبيع الورشة ما تجيب نص المبلغ.

الامر يحتاج دراسة واستراتيجية وتعاون بين الاخوة في المملكة مشكورين وبين الحكومة اليمنية لاضرر ولاضرار هؤلاء العمال المساكين بعدهم مئات الآلاف من الاطفال والنساء وفي ظل الظروف التي تعيشها اليمن قد يكون رجوعهم كارثة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

ومن خلال متابعتي لتناولات الاشقاء في الاعلام السعودي للموضوع اجد هناك رؤى موضوعية منها مثلا رؤية انه ينبغي الغاء نظام الكفيل لأن هذا الباب كان سببا في وجود آلاف الفيز المضروبة والعمال غير النظاميين فالعامل المسكين يشتري الفيزا وهو راكن على عمل وعندما يصل لايجد وكأنهم استوردوا بطالة.

السعودية كانت سباقة في تقديم المساعدات لليمن خلال الفترة الاخيرة وواجبنا ان نحافظ على علاقاتنا الطيبة دائما ونحن على ثقة بأن الاشقاء في المملكة سيراعون الظروف الحساسة التي تعيشها اليمن في ظل حالة التدهور الاقتصادي الحاصلة وما يمكن ان يتسبب به عودة آلاف المغتربين من كارثة انسانية.

اذكروا الله وعطروا قلوبكم بالصلاة على النبي

مواضيع ذات صلة :