كيف سيكون مستقبل الاستثمار بعد أن نجحت اليمن في تفكيك بعض خلايا تنظيم القاعدة , ولماذا يحجم المستثمرين ويترددون في اقتحام الفرص , وكيف للرئيس عبدربه منصور الذي نجح في السياسة وفشل في ملف الاقتصاد أن يحرك عجلة الاستثمار ؟
كنت أتوقع من الرئيس ومن الحكومة والسلطات المختصة أن يخرجوا مثلا في الشهور الأولى لحكومة الوفاق بإستراتيجية وخطط واضحة ومبرمجة تضع الحلول بعيدا عن حقنات التخدير والمعالجات المؤقتة ؛ لكن ذلك لم يحدث! وكنا نتوقع جميعا أن يقدم باسندوة مع حكومته على الأخذ بتوجه عام يعمل على إنعاش البنوك وتوجيه مسارها على نحو عملي يشجع الأداء الأفضل ؛ ولكي يقوم هذا المجال بدوره التنموي الكفء بشان تحريك الاقتصاد و الأعمال والتنافس بالمبادرات الخلاقة لبناء هذا الوطن . في القطاع المصرفي ، على سبيل المثال ، كان على الحكومة أن تحث شركات الصرافة وأن تفكر معها بالبدائل والحلول لمواجهة المستجدات والأزمات التي يضطرب بها الاقتصاد ؛ لكن أي منهما لم يفعل . البنوك نفسها تعاني من قصور في الأنظمة الداخلية , وتواجه اليوم تحديات ولا تستطيع أن تتجاوزها وأن تكسر القيود التي تفرضها الحكومة, بأجندتها ولوائحها التي لم تعد تصلح ولم تكن تصلح في الأساس لتحقيق التحول المنشود .. البنوك تواجه تحديات بيروقراطية وروتينا مدمرا وفسادا يتعمد أن يكون حاضرا في كل شيء , و إلا لكانت الدولة شجعت الفرص وشركات التمويل وفقا لنظام يكفل الحقوق لجميع الأطراف. الحكومة لم تعمل على مراقبة البنوك ومطالبتها بتطوير مشاريعها وتحديد حد أدنى لنشاط متوقع ومطلوب من كل بنك , بل إنها لم تقف مع البنوك حتى لتحفيز أنشطتها بعد المستجدات السياسية التي شهدتها البلاد والعمل معها لما يمكن من تنمية حجم أعمالها التي يتحتم عليها أن تقدم على تنويعها على المستوى القطاعي والجغرافي . كانت الكثير من شركات الأعمال تفتقد للثقة في الحكومات السابقة، لكن الآن ورغم استبشارنا بدولة محمد سالم باسندوة ؛ فإن اليقين السياسي والاقتصادي والخدمي بات مليئا بالحيرة ومشبعا بالرفض وبتبعات الصراع والتقاسم , كما يبدو للمتابع البسيط من تبعات الأزمة والتقاسم التي تتكشف يوما بعد يوم , بسبب اللاعبين الرئيسيين في مختلف المجالات الاقتصادية, وكنتيجة طبيعية لكونهم اللاعبين الرئيسيين في مربعات الحوار . لقد مرت اليمن خلال الثلاث السنوات الأخيرة بأحداث أطاحت بنظام كان يترنح وعلى وشك السقوط ونجحت في ذلك ؛ لكنها لم تنجح بعد في إرساء اليمن على خارطة طريق لتحريك الاستثمار وتعزيز النزاهة . وبجمود حركة الاستثمار , وغياب سياسة واضحة ودور فاعل للحكومة؛ فرضت على أجندات الحكومة أزمات شتى وصراعات واسعة وكبيرة , وفي ظل هذه البيئة زادت المحاذير وبدت حركة الأعمال وبيئتها باهتة, وتزداد فيها الظروف التي لا تليق بالتحول الذي يتمناه الناس. إن إحجام الاستثمارات العربية وتحديدا الخليجية للاستثمار في اليمن , بل والمحلية , يمثل مؤشرا سلبيا يعكس العديد من المدلولات والمخاطر السياسية والاقتصادية في آن واحد.
ومن المؤكد أن تلك المدلولات الراهنة التي تشهدها اليمن ، تطرح تساؤلات عديدة, ليس فقط حول أوضاع الاستثمارات المحلية والعالمية في بلد يحلو لنا أن نصفها بأرض الفرص ؛ولطالما يتحدث الوزراء, والوفود اليمنية, عن مساعي الترويج والإبهار والدهشة التي يزعمون أنها قد حدثت على وجوه الشركات العالمية ؛ لكن ذلك لم يحدث . نحن ندرك الظروف السياسية والملفات الشائكة التي تمر بها البلاد, لكن أن يتم تخدير الوضع بهذه الصورة وتأجيل الأعمال أمر يكون خارج دائرة العقل , لأن اليمن وتحت أي سقف أو نظام مستقبلي لن يعفي المتسببين في تخلف اليمن وتراكم أعبائها والاتكال على الغير بالمساعدات. وفي ظل مثل هذه التحديات، يبقى مستقبل اليمن الاقتصادي مرهونا بقدرة الزعماء السياسيين الجدد على مجابهة متطلبات حاسمة ؛ مثل تحمل أعباء التكلفة البشرية والاقتصادية العائدة من الخليج والتي تتزايد يومًا بعد يوم , ومراجعة إدارة عائدات النفط وإدارة الاتفاقيات.
إلى جانب وضع خارطة طريق تنموية لدعم المستثمرين , وتشجيع الصادرات ومساندة تسويقها خارجيا وتحسين الإنتاج ، وإيلاء مزيد من الاهتمام بالقطاع المصرفي ؛ بما يضمن الوصول إلى التمويل .. وبالقطع أقول إن المساعدات ليست هي الحل، والحلول المؤقتة لم تعد مجدية ولا تشجع الاستثمار, بل تعوّقه , ولذلك فإن الحل يكون أولا في الاعتماد على الذات والموارد الوطنية والإصلاحات الداخلية , وعلى إرادة التحول التي يجب أن تكرس في التفكير الاجتماعي , وذلك هو المخرج والمحفز الأول والمدماك القوي لصناعة مستقبل صحيح وآمن لليمن. وبعد أن حقق الرئيس عبدربه منصور نجاحات في الملفات السياسية وحصلت اخفاقات في الاقتصاد ؛ كيف سيكون مستقبل الاستثمار بعد أن تمكن هادي من تفكيك بعض خلايا تنظيم القاعدة في اليمن بعد ان استقرت الأوضاع الأمنية نسبيا ؟
وما الذي يمنع الرئيس من الاهتمام بملف الاقتصاد الذي سيكون السياج الآمن بإذن الله تعالى لحماية الدولة من المخاوف المحدقة والأخطار المحتملة , وهل سيبدأ التفكير بجدية بتحريك عجلة الاستثمار؟ إنه يستطيع أن يعمل ذلك وأن يمضي بالاقتصاد وبشكل متوازٍ مع الحوارات التي أصبحت سمة من سمات الدول اليمنية قديما واليمن حديثا..
وسيبقى الحوار..
Abdulqawi9@gmail.com
مجلة الاستثمار العدد (47)
خدمة المستثمر موبايل للرسائل القصيرة sms.. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة(رياضة, مال وأعمال, مناقصات, فرص اقتصادية, أسعار, وظائف)يمن موبايل 22335656 MTN5757 MTNسبأفون 3131 |