في إيران إبتهج الشاه بالعدوان الصهيوني عام 1967م على الدول العربية... وقام بنفي الخميني وأعلن الثورة البيضاء على المعارضين وبدأت سنوات حكمة المطلق... وبدأ يتطلع إلى البحر العربي ثم الأحمر بالإضافة إلى الخليج العربي... ليتحول إلى ناصر إيران في الشرقين الأدنى والأوسط في ديسمبر عام 1967م سلمت بريطانيا للولايات المتحدة المسئولية على الخليج بعد رفعها الحماية عنه اعتباراً من عام 1971م... أراد الشاه استغلال القرار البريطاني... وكان ينظر إلى استقلال الكويت عام 1961م ثم إلى الاتحاد الفدرالي بين حكام قطر والبحرين والإمارات بأنه هش ومكشوف عنه الحماية بداية عام 1968م... باشر الشاه المطالبة بالبحرين كجزء من إيران عبر الأمم المتحدة ولكن تلك الإمارات حزمت أمرها وحصلت على الاستقلال في عام 1971م... ورداً على ذلك تحركت القوات الإيرانية واحتلت ثلاثة جزر صغيرة للإمارات العربية المتحدة قبل إنتهاء الحماية البريطانية بيوم وقد أضاف الشاه إلى (42) فرقه برية قوات بحرية من كاسحات وفرقاطات ومدمرات تساوي عشرين ضعف القوات البريطانية المنسحبة من الخليج بعد احتلاله للجزر العربية كما توج نفسه باحتفال لرفع التاج على رأسه ولقب نفسه ملك الملوك أمام من دعاهم للحفل وهم سته وثمانون ملك ورئيس دولة وأمير من أنحاء العالم ورفع بين قوسين الراقصة فرح ديبا إمبراطورة إلى جانبة عام 1972م بالتنسيق وتحت إشراف إسرائليين من جنسيات مختلفة ولمدة ثلاثة أيام من الاحتفالات الذي كلفت الشعب الإيراني نصف مليار دولار كما أعلن أن ثروة الشاه الشخصية تتجاوز خمسة مليار دولار داخل وخارج وإيران... تبرع الشاه بخمسين مليون دولار لإخراج الفدائيين من الأردن مناصفة للملك حسين وإسرائيل كما أرسل تبرعات مباشرة للمساعدة في حملة انتخابات الرئيس نيكسون وأخذه الموافقة بعد ذلك على إرساله قواته إلى عمان لمواجهة جبهة تحرير عمان المدعومة من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وكذلك وجهة بفتح جبهة للبرزاني ضد العراق في اغسطس 1971م رداً على إيقاف تصدير العراق للنفط مع الكويت والسعودية في عدوان إسرائيل 1967م على الدول العربية... تلك ملامح سلطات شرطي الشرق الأدنى والأوسط في عام 1971م وما بعدها حتى سقوطه بثورة الخميني والشعب الإيراني عام 1979م... لقد أزعجت تحركات الشاه في الخليج وكذلك الحركة التصحيحية في عدن 1969م المملكة ... وخشي السعوديون أن يأتي الروس لملأ الفراغ البريطاني وخاصة الأخبار التي نقلها الهاربين من عدن وهم من وصلوا إلى صنعاء ثم إلى الرياض وتأكيدهم بصول الروس إلى عدن بعد إسلم سالمين الاشتراكية العلمية الماركسية... لقد طمئن السفير الأمريكي في الرياض المملكة بأن الولايات المتحدة ستعنى بأمنها وحمايتها... وضعت أمريكا الترتيبات مع إيران وإسرائيل والمملكة وكلف قائد الأركان الأمريكي برئاسة الترتيبات الأمنية في المنطقة... وجمع مهام وزارات الدفاع للبلدان الثلاثة تحت إشراف وزير الدفاع الأمريكي لصعوبة الجمع بين الوزراء الثلاثة معاً... وقد أطمئنت المملكة إلى التعهد الأمريكي والترتيبات لحماية أمنها... ولكن الملك فيصل زار أمريكا وحصل على تعهد من نيكسون كما حدث في ولايتي كندي وجونسون (بالحماية)... في صنعاء نجحت الزيارة التي قام بها القاضي الإرياني رئيس المجلس الجمهوري لأمبراطور الحبشة عام 1968م وهو شخصية أسطورية حكم بلادة 58عام وكان من أثريا العالم وكتله من الذكاء والمكر والدهاء... ويعتبر بطلاً أفريقياً بعد هزيمة إيطاليا في الحبشة عام 1941م واستيلائه على اريرتريا على الرغم من قرار الأمم المتحدة بالاستفتاء على استقلالها وهو أحد ثلاثة قابلهم الرئيس الأمريكي روز فلت (الملك عبدالعزيز والملك فارق وهيلا سلاسي) لقد دعم عبدالناصر طلب أثيوبيا الإستضافة الدائمة كمقر لمنظمة الوحدة الأفريقية وأكبر من ذلك تلك العلاقات التاريخية اليمنية الأثيوبية ونجاح الهجرتين للحبشة أثناء أضطهاد قريض للصحابة بداية فجر الإسلام... لقد نجح هيلاسلاسي في التقارب الناجح بين الملك فيصل والقاضي الارياني وفتحت أفاق اقتصادية للتعاون وفقاً للمعاهدات اليمنية السعودية قبل ثورة 26 سبتمبر وخلال عهدي الإمام يحيى حميد الدين وولده الإمام أحمد وحفيده البدر المخلوع (1919-1962) ومن هنا بداء الافتراق الثاني بين الشطرين... الشطر الشمالي مع المملكة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ودول الخليج العربي وأوروبا والولايات المتحدة بينما اتجهت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية... مع حركات التحرر والحراكيين العرب وحركة الشيوعية العالمية وروسيا والمنظومة الاشتراكية ثم الصين ومنظومتها في جنوب أسيا وكذلك كوبا ودول أمريكا الجنوبية .
يتبع الحلقة الخامسة عشرة