آراء وأقلام نُشر

عن الفساد وأهله

 

 أقدمت الحكومة مؤخراً على رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية بدعوى قطع الطريق على هوامير الفساد ممن يستفيدون من ذلك الدعم لتخزين تلك المشتقات بكميات هائلة جدا وتهريبها إلى الخارج وبالذات إلى القرن الاقريقي.

وبرغم ان مصادر رسمية عدة أشارت إلى هؤلاء الهوامير بما يدل على أنهم معرفون  تماماً وبالأسماء- لدى هذه المصادر، إلا أن أياً منها لم يحدد تلك الأسماء على نحو  مباشر، ما يؤكد غلبة مافيا الفساد بصورة مرعبة على هيبة الدولة ومؤسساتها!!

وإذا كانت الأغلبية من عامة الناس تتماثل مع الحكومة في ضرورة اتخاذها ذلك القرار وتؤيدها في موقفها مع منظومة الفساد الخاصة بالنفط وتهريبه.. فإن الجميع- بدون استثناء- يرى في ذلك القرار إجراءً ناقصاً بالضرورة، في حال عدم اكتماله بإتخاذ جملة من القرارات والإجراءات، وتنفيذها على نحو مثالي، وليس اتخاذها فقط على الصعيد الرسمي..

ولعل أهم هذه الإجراءات هو الحد الكبير من الإنفاق الحكومي على ماهو كمالي وليس ضرورياً.. وسد منافذ الفساد الحكومي والتي تتجلى كثيراً في الصفقات والمناقصات والمشتريات التي باتت معروفة لدى العامة قبل الخاصة!!

عدا السفريات والسيارات والآثاث وغيرها من الكماليات والشكليات التي تجرف الكثير من المال العام, وتعمل على الإثراء غير المشروع على حد سواء.

وفي الوقت نفسه تنبغي مراقبة عملية تحصيل الجمارك والضرائب والواجبات وغيرها من ايرادات الدولة، لان كثيرا منا يدرك جيداً ان معظم هذه الايرادات لا تذهب  - في حال تحصيلها اصلاً- إلى خزينة الدولة، بل إلى جيوب المسؤولين والموظفين الفاسدين.

إن الحرب الحقيقية للدولة والحكومة على الفساد والفاسدين ليست تلك التي تدور رحاها  خارج نطاق المؤسسات والأجهزة الرسمية، بل تلك التي تقوم داخلها وفي القلب منها على نحو أدق.

وفي الوقت نفسه لن تكفي التشريعات «القوانين والقرارات» لضرب الفساد في مقتل، فالتنفيذ الحقيقي هو الكفيل بتحقيق هذه الغاية.

 

* مجلة الاستثمار العدد (51)

مواضيع ذات صلة :