آراء وأقلام نُشر

من الآيديولوجيا ..إلى الآيكولوجيا !

تشير المعطيات المستقاة من التحولات الجارية تترى في البيضة الأرضية اليوم إلى أن الإنسان قد انتقل من  دائرة الصراع الطبقي (الآيديولوجي) إلى ساحة النضال البيئي (الآيكولوجي ) .
وليس ثمة عجب من تحول نوعي كهذا .. فالبيئة - التي صارت مهددة بأصناف شتى من السموم والأخطار والكوارث - لابد من أن تحظى اليوم ، ولهذا السبب ، بأقصى درجات الاهتمام الإنساني .. إذا أدرك الإنسان - ولو متأخراً - إنه بدفاعه عن البيئة وحمايته للطبيعة ، إنما يدافع عن وجوده ويحمي هذا الوجود .. فلا خطر يهدد البيئة وحدها من دون أهلها .. ولا ضرر يلحق بالطبيعة أو كارثة تحدق بها بمعزل عن الإنسان .
وقد صارت هذه المشكلة هي مشكلة العالم رقم «1» اليوم .
وفي البلاد المتطورة حضارياً واجتماعياً وثقافياً ، تأسست ثمة أحزاب ومنظمات وجماعات وفرق عمل تسهم من أجل ما أصطلح عليه «السلام الأخضر» ..فهي لا يشغلها غير شأن واحد هو حماية البيئة والطبيعة من كل الأخطار التي تكون غالباً من صنع الإنسان نفسه !!..
فهؤلاء (الخضر) يجنِّدون كل طاقاتهم وأوقاتهم وجهودهم وعلومهم لنشر الوعي البيئي وتنظيم المعركة الآيكولوجية وتوجيه جيش الدفاع عن البيئة إلى أهدافه المحددة بالوسائل المتاحة وهي في العادة وسائل سلمية . ، وبرغم قصر العمْر الزمني للثورة الآيكولوجية ، وبرغم تباعد أطرافها ومواقع عملها جغرافيا على مستوى الكوكب ، إلا أن عدداً غير محدود من هذه المنظمات والجماعات «الخضراء» استطاع أن يحقق نتائج طيبة وملموسة في هذا المضمار الحيوي الهام .
فأين اليمن من هذه الثورة العالمية الخضراء ؟! وقد تجلَّت مؤخراً ملامح شتى من الخطر الإيكولوجي ، وفي المقدمة منها ما أطلق عليها ظاهرة « الإحتباس الحراري « ..
وفي الشهور القليلة الماضية شهد العالم أعلى معدلات إرتفاع درجة الحرارة في مناطق عدة من العالم حتى أنها كانت سبباً في إندلاع حرائق الغابات والحقول في روسيا ومناطق أخرى ! كما أدى إرتفاع درجة الحرارة الى ذوبان الجليد في المناطق القطبية ، وانفصال عدة كتل جليدية ضخمة - بحجم جزر كبيرة ودول - عن نطاقها الجليدي ، بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من سماكتها ..
وهي ظاهرة تحدث لأول مرة ، حسب ما جاء في البيان الصادر عن الجهاز العالمي لمراقبة الجليد - التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة - ومقرة مدينة زيوريخ في سويسرا ، الذي أشار الى أن المساحة المغطاة بالجليد - في الكرة الارضية - قد تناقصت كثيراً جداً عما كانت عليه في حقبة الثمانينات ، مشدداً على أن الدراسات لا تدع أي مجال للشك في تسارع التغيرات المناخية الناجمة عن النشاط البشري !!
 
رئيس تحرير صحيفة «الوحدة»
Wareth26@hotmail.com

مواضيع ذات صلة :