آراء وأقلام نُشر

سلسلة المفاهيم المالية "الإدارة المالية: مبادئ وأسس - الجزء الأول"

محمد الدندشي- الاقتصاد العربي

مقدمة المقال:

سلسلة المفاهيم المالية "الإدارة المالية: مبادئ وأسس - الجزء الأول"



لكي نستطيع تعريف مصطلح الإدارة المالية لا بد لنا في البداية أن نقوم بتجزئة المصطلح إلى جزأين: الأول (الإدارة) و الثاني (المالية)، حيث أن العديد من المنشآت تعمل في بيئة تنظيمية و سياسية واقتصادية غير مستقرة خاضعة للعديد من التغييرات ولذلك يجب أن تقوم تلك المنشآت بمواكبة أي تغيرات تطرأ على بيئة الأعمال من خلال تطوير المهارات والقدرات لتتمكن من تحمل مسؤولياتها و أداء مهامها بصورة جيدة، ومن هنا سنستعرض مفهوم وغايات ووظائف الإدارة المالية من خلال تحقيق الأهداف التالية.

أهداف المقال:

يتوقع من القارئ تحقيق الأهداف التالية بعد الانتهاء من قراءة هذه المقالة:

    القدرة على تعريف كلمة "مالية" والأسباب الكامنة وراء دراسة التمويل.

    القدرة على فهم ما هو المقصود بــ "الإدارة المالية" من خلال تعريف كلمة"الإدارة" و" المالية"

الجانب النظري:

الهدف الأول: تعريف كلمة" مالية" و الأسباب الكامنة وراء دراسة التمويل

المالية بشكل عام تعني النقود أو المال، أما علمياً فهي تعني دراسة الكيفية التي يمكن من خلالها للأفراد، المؤسسات، الحكومات و الشركات اكتساب، إنفاق، و إدارة النقدية و الأصول المالية الأخرى.

إذا، كيف يمكننا تمويل وإشباع رغباتنا واحتياجاتنا غير المحدودة؟ طبعا من خلال المال فهنالك عدة مصادر لكسب المال تعرف بمصادر التمويل source of finance: المصدر الأول ألا وهو أموالنا الخاصة سواء في محفظتنا أو في حساباتنا الجارية في البنوك ، أما المصدر الثاني فهو عبر القروض من أصدقائنا أو استخدام البطاقات الائتمانية credit cards ، وهنالك مصدر ثالث وهو القروض البنكية loans عند الحاجة لمبالغ كبيرة لا يمكن الحصول عليها من المصدرين أعلاه. أما المصدر الرابع فهو من خلال المعونات الحكومية government aid المقدمة من الدولة للمجتمع من خلال الجمعيات الخيرية و التعاونية أو كمساعدات مالية لكيانات الأعمال العاملة داخل المجتمع والتي تساهم في نهوض الاقتصاد وما يقع على عاتق الدولة تجاه  ذلك.

إذاً، وبصيغة أخرى: الأموال الخاصة تعرف في علم المالية بـ أموال الملاك أو رأس المال CAPITAL اللازم لبدء أي مشروع ، أما البنوك فكما نعلم فهي مؤسسات مصرفية تقوم على مبدأ قبول الودائع و منح القروض والتسهيلات المصرفية للأفراد والشركات وفق ضوابط معينة مثل شخصية المقترض سواء فرد أو شركة والقدرة على الوفاء بالقروض وما هي الغاية من القرض من خلال دراسة الملاءة المالية للمقترض والتي تعرف بشكل بسيط بأنها قدرة المقترض على الوفاء بالالتزامات المترتبة عليه مع تجنب عدم الوقوع في مخاطر عدم السداد CREDIT RISK.، وهنالك المساعدات الحكومية كما نعلم من منح و معونات و جمعيات خيرية ، وهنالك مصادر تمويلية أخرى نوجزها كما يلي: (سنستعرضها بالتفصيل في مقالات أخرى)

أ. التأجير أو ما يعرف بالـ “LEASING”وهو عقد اتفاق بين طرفين هما المؤجر و المستأجر حيث أن المؤجر هو مالك الأصل مع منح حق الاستخدام لطرف آخر مقابل دفع قيمة مالية معينة.

ب. البيع بالتقسيط أو ما يعرف بــ “HIRE PURCHASE” وهو من أشكال القروض حيث يقوم الأفراد بشراء سلعة معينة بالآجل مقابل دفعات معينة مضافة إلى قيمتها الأصلية مبلغ ربحي يعرف بالفائدة.

جـ. الامتياز أو ما يعرف بالـ”FRANCHISING” تأجير اسم تجاري معين أو حق من حقوق الملكية الفكرية سواء التجارية أو الصناعية  مقابل مردود معين وذلك بهدف خفض التكاليف من ناحية عدم إنشاء فروع معينة خاصة في المناطق البعيدة حيث يتم اللجوء إلى مثل هذا النوع من المصادر وهو من المواضيع الهامة جدا و التي سنولي لها الاهتمام.

إذاً من خلال ما سبق نستطيع أن نستنج الأسباب الكامنة وراء أهمية دراسة علم المالية في حياتنا المجتمعية والتي نوجزها كما يلي :

    لكي تصبح قادراً على اتخاذ القرارات المناسبة.

    لكي تكتسب المعارف الأساسية للاستثمار لأسباب شخصية ولأعمالك الخاصة

الهدف الثاني: القدرة على فهم ما هو المقصود بــ "الإدارة المالية" من خلال تعريف كلمة"الإدارة" و" المالية"

نبدأ هدفنا الثاني من هذا المقال بتعريف"الإدارة": فهي ببساطة "عملية يتم من خلالها تحقيق الأهداف المرجوة من نشاط معين من خلال تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ومراقبة الموارد البشرية و المادية المتاحة من أجل الوصول إلى أفضل النتائج بأقل التكاليف مما يعظم من كفاءة وفعالية الإدارة". إذا هي علم و فن في نفس الوقت.

أما" المالية" فقمنا بتعريفها أعلاه بأنها"دراسة الكيفية التي يمكن من خلالها للأفراد، المؤسسات، الحكومات و الشركات اكتساب، إنفاق، و إدارة النقدية و الأصول المالية الأخرى". وبدمج كلأ من التعريفان السابقان نستنتج بأن الإدارة المالية هي: مجموعة من العمليات المتبعة حسب قواعد و أصول معينة مهمتها تأمين ما يلزم من موارد مالية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من نشاط اقتصادي معين بما يضمن تعظيم الهدف السامي من وراء تلك الإدارة ألا وهو : تعظيم الثروة WEALTH MAXIMIZATION.

ما المقصود بتعظيم الثروة؟

يقصد بتعظيم الثروة هو اختيار الهيكل الأمثل من مصادر التمويل المتاحة الذي يحقق أعلى حد من الربحية مما يعود بأعلى عائد على الملاك المساهمين في منشأة الأعمال حيث يعرف الهيكل الأمثل بالهيكل الأمثل لرأس المال OPTIMAL CAPITAL STRUCTURE والذي بالطبع يتكون من : أدوات حقوق الملكية EQUITY و أدوات الدين DEBT ومن خلال خبرة و مهارة المدير المالي يقوم باختيار النسب المناسبة من حقوق الملكية و أدوات الدين ويكون من خلالها مصدر تمويلي لمتابعة الأنشطة وتحقيق الأهداف، و هنا تجدر الإشارة إلى أن تعظيم الثروة يختلف عن تعظيم الربحية من خلال أن مبدأ تعظيم الربحية يركز على تحقيق الأرباح للمساهمين و أن تكون المخرجات أكثر من المدخلات مع عدم الأخذ بعين الاعتبار عناصر المخاطرة و القيمة الزمنية للنقود واستراتجيات أخرى تغيب عن المدير المالي إن لم يحسن اختيار الهدف الصحيح ، تاركين التشعب في هذا الأمر إلى مقالتنا القادمة.

ومن هنا يمكننا تحديد مهام ووظائف المدير المالي بشكل مبسط كما يلي :

    دراسة البيانات المالية المتوفرة له من خلال تحليلها و إعادة ترتيبها بحيث يستطيع من خلالها تحليل الواقع و المعطيات من أجل تحقيق الأهداف المرجوة

    القيام بعمليات التخطيط المالي من خلال دراسة الأهداف على المدى القصير و الطويل والتنبؤ بالاحتياجات المالية ومصادر التمويل و الشكل الأمثل لرأس المال.

    التنسيق مع الإدارات الأخرى فجميع القرارات تتداخل فيها بينها فالقرارات المتعلقة بالمبيعات تتعلق بالإدارة المالية والإدارة التسويقية ومدى كفاءة العاملين في إدارة الموارد البشرية على تحليل معطيات الموظفين وفعاليتهم في تحقيق الأهداف النهائية للمنشأة.

الخاتمة:

تعمدنا البساطة الشديدة في طرح مفهوم وتعريف الإدارة المالية من أجل أن تصل الفكرة للجمهور و المبتدئين في مجال المالية مع حرصنا على أن ندخل في التفاصيل و المفاهيم الأخرى بشكل مفصل و موسع أكثر في مقالات أخرى.


 

مواضيع ذات صلة :