حوارات نُشر

وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي: صنعاء بحاجة إلى دعم مادي

Image

وزير الخاريجة اليمني أبو بكر القربي

أطر وزير الخارجية الدكتور أبو بكر القربي، أي علاقة "جيدة" بين اليمن وإيران بعيدا عن العلاقات الخليجية اليمنية، كيف تقيم العلاقات الإيرانية - اليمنية، على ضوء التقارير التي تتحدث عن ضلوع طهران بدعم بعض الجماعات المتطرفة في اليمن، وخصوصا جماعة الحوثيين؟ فيما يخص موضوع اليمنيين في غوانتنامو، ما هي وجهة نظركم إزاء هذا الملف، وخصوصا مع توجه الإدارة الأميركية للتسليم لبلد ثالث؟ بأنها يجب أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
وقال القربي في حوار لـ"الشرق الأوسط" إن من مصلحة اليمن أن يكون له علاقات مع إيران، والعكس، مشيرا إلى أن ليس هناك ما يمنع وجود مصالح مشتركة للبلدين. لكنه شدد على ضرورة "مشروعيتها".
وإلى نص الحوار:
قام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح بزيارة إلى السعودية، الأسبوع الماضي، التقى خلالها خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ما هي أبرز القضايا التي سيطرت على مباحثات الزعيمين؟
زيارة الرئيس علي عبد الله صالح تأتي في إطار الزيارات التشاورية التي تتم بين السعودية واليمن، خاصة أن الرياض وصنعاء تعتبران الآن في شراكة حقيقية في كثير من المجالات سواء كانت اقتصادية أو أمنية، والدور الذي تسهم فيه المملكة من خلال جهود الملك عبد الله في تعزيز العلاقة اليمنية مع دول مجلس التعاون، وبالذات فيما يتعلق بإدماج الاقتصاد اليمني. هذا بالإضافة إلى القضايا الأمنية المشتركة، والأوضاع في فلسطين والصومال، التي تمثل هما سياسيا وأمنيا بالنسبة للمنطقة. كما شملت المباحثات الحديث حول مبادرة خادم الحرمين فيما يتعلق بالعمالة اليمنية، وإعطائها وضعا خاصا في سوق العمالة بمجلس التعاون.
سأعود بالحديث إلى مبادرة خادم الحرمين، وظروف طرحها في ظل الوضع القائم على الأراضي اليمنية، ولكن دعني أسألك عن التنسيق الأمني بين السعودية واليمن، وخصوصا في ظل وجود أعداد من عناصر القاعدة ينشطون في اليمن، ويستهدفون مصالح السعودية، بحسب ما جاء في شريط فيديو ظهرت فيه مجموعة منهم وهم يهددون بهذا الأمر؟
أعتقد أن التعاون الأمني بين البلدين هو في أعلى مستوى له. هناك تنسيق كامل بين الأجهزة الأمنية في البلدين، وتبادل المعلومات، وتبادل العناصر الإرهابية التي يتم القبض عليها في أحد البلدين، وينتمون في جنسياتهم إلى البلد الآخر. وأهم من ذلك، أن الأجهزة الأمنية السعودية واليمنية، أصبحت تنظر إلى أمن واستقرار البلدين كمسؤولية مشتركة، وهذا الذي أدى إلى الكثير من تعزيز الثقة، والانتصارات التي تحققت في القبض على مجموعات من هؤلاء الإرهابيين. أما ما نشاهده على شاشات التلفزيون من تصريحات، هي في جانب كبير منها محاولة للإثارة، ومحاولة لإثبات الوجود على صفحات المواقع الإلكترونية، التي تعددت مصادرها، ولا يعرف في بعض الأحيان مدى صحتها. ولكن أعتقد أن الأجهزة الأمنية تتعامل مع كل ذلك من منطلق منتهى اليقظة والتنبؤ بأن هذه قد تكون مخاطر قد تتعرض لها الكثير من المؤسسات والاستثمارات في البلدين. ولذلك يجب تعقب هذه العناصر، ومتابعة هذه التصريحات، والبقاء على أعلى درجة من اليقظة، وهذه مسؤولية الأجهزة الأمنية والاستخباراتية. وقد ألقينا القبض على عدد من عناصر "القاعدة"، ومجموعات من خارج التنظيم ولكنهم ممن ينتمون إلى عناصر متطرفة، ويحاكمون اليوم في اليمن.
ما شهده اليمن مؤخرا، فرض على الحكومة اليمنية أن يكون هناك تحرك لاحتواء الأحداث في المحافظات الجنوبية التي تشتكي من ضعف التنمية فيها. هذا الأمر رافقته دعوات للانفصال من قبل بعض الجنوبيين، ما مدى تقييمكم لخطورة هذه الدعوات، وهل تقلقكم أم أنها فقط محاولة للتنفيس؟
يجب أولا أن نقول إن اليمن بإمكاناته المحدودة، وباعتماده على الدعم الخارجي الذي يأتي لتحقيق التنمية فيه، يوضح أن هناك إشكالية في توفير التنمية لكل أجزاء اليمن. وكانت هناك مناطق تشكو من إهمال الحكومة للتنمية فيها بالمحافظات الشمالية، ويعكسها المواطنون بعمليات اختطاف السياح التي كانت محاولة للفت نظر الحكومة إلى أن تلك المناطق محرومة، وكانت تعالج في إطار مشاريع الحكومة والإمكانات المتوفرة لدولة محدودة الإمكانات.
ما حدث في بعض المحافظات الجنوبية، كان أيضا لهذا الوضع الاقتصادي. كان هناك خطة لإصلاحات اقتصادية ومالية في البلد. في إطار هذه الخطة كثير من الإجراءات، منها: إحالة مواطنين للتقاعد، انعكس هذا الأمر على حياة المواطنين، وأدى إلى خروجهم في مظاهرات، وعولجت هذه من قبل الحكومة لإعادة الأغلبية العظمى منهم، خلافا لخطة الإصلاحات، وكلفت الحكومة المليارات من الريالات. ومع ذلك اعتبرت هذه المرحلة مهمة من أجل السلام الاجتماعي. للأسف الشديد، جاءت عناصر من الذين يستغلون هذه الظروف الاقتصادية والمطالب المشروعة لتوظيفها سياسيا، من ضمن هذه الأحزاب أحزاب سياسية معترف بها حاولت أن تستفيد من هذه العملية في محاولتها لعملية الحوار حول الانتخابات، وتبني مواقف هذه المجموعات. لكن جاءت عناصر من التي كانت ضد الوحدة عند قيامها في 1990، والتي تآمرت عليها في 1994، حاولت أن تستغل هذه الأمور، وطرحت طروحات الانفصال التي نسمعها الآن. لكني أعتقد أنه خلال الأيام الماضية، تشكلت قناعة لدى الجميع، بأنه إذا كانت هناك أخطاء فسيتم تصحيحها تحت سقف الوحدة، وأن هناك إجماعا بأن الوحدة هي قدر اليمن، ولا يمكن لأي أن يساوم حول الوحدة.
أفهم من خلال إجابتك السابقة التي تحدثت خلالها أن هناك مناطق في الشمال تعاني من ضعف التنمية، بأنك تبرئ الحكومة من مسألة ممارسة التمييز في توزيع الثروات؟
أبدا بالعكس، المحافظات الشمالية ما تزال تعاني من ضعف التنمية. ولو نظرت إلى المحافظات الجنوبية الشرقية الآن، وقارنتها بحالها عند قيام الوحدة، وهناك صور تثبت ذلك، فستجد أن حصتها في التنمية كانت أكبر بكثير من المحافظات الشمالية؛ لأننا اعتبرنا أن هذا من حقهم بأن تعطيهم الحكومة الأولوية بعد سنوات طويلة من المعاناة تحت النظام الاشتراكي.
وأين وصل الوضع الآن على الأرض في المحافظات الجنوبية؟
الوضع الآن كما أعلن الرئيس اليمني، بأن الحوار هو الوسيلة لمعالجة كل هذه القضايا، وهناك الآن اجتماعات المجالس المحلية، والحوار الذي سيتم مع الأحزاب المشتركة، لتحديد القضايا ومعالجتها، وهو ما يتحمل مسؤوليته كل أبناء اليمن؛ لأنها قضية وطنية في المقام الأول وليست قضية حزبية.
هل سيشمل الحوار من طالب بانفصال الجنوب؟
الحوار سيتم تحت سقف الوحدة، لذلك، من آمن بالوحدة وتمسك بها فالباب مفتوح أمامه، أما من يدعو إلى الانفصال فلا يوجد ما يمكن أن تحاوره عليه.
بالنظر إلى الحالة اليمنية، هل قدر العرب ألا يتحركوا إلا حينما يقع الفأس بالرأس؟
ربما أن العرب أحيانا يتأخرون في مبادرات المعالجات. وهذا طبعا أمر يؤسف له.
فيما يخص موضوع اليمنيين في غوانتنامو، ما هي وجهة نظركم إزاء هذا الملف، وخصوصا مع توجه الإدارة الأميركية للتسليم لبلد ثالث؟
موقفنا واضح وأعلناه، وهو أننا نريد تسليم مواطنينا إلى الحكومة اليمنية؛ لأن الدستور لا يسمح بتسليمهم لأي دولة أخرى. وبقدر هذا يهمنا أن يخرج مواطنونا من معسكرات غونتنامو؛ لأن بقاءهم فيه أدى إلى انتحار أحد هؤلاء الشباب المغلوبين على أمرهم. نحن نبحث في كل السُبل التي نستعيدهم بها، ونخرجهم فيها من ذلك المعتقل.
بمعنى أنكم ترفضون التوجه الأميركي الرامي لتسليمهم للسعودية، هل ناقشتم السعوديين في هذا الموضوع خلال زيارة الرئيس صالح الأخيرة؟
الموضوع لم يطرح في إطاره الرسمي، ولكن هناك رغبة لدى الولايات المتحدة لنقلهم لمكان خارج غونتنامو، هم و150 آخرون، فليسوا هم فقط. ونحن نتعامل مع هذا الملف من البُعد الدستوري اليمني، ومصلحة المواطنين اليمنيين.
هناك لقاء يجمعكم مع وزراء الخارجية الخليجيين، وسط آمال تحدوكم بأن تكونوا يوما من الأيام عضوا كاملا في مجلس التعاون، هل هناك مدى زمني لتحقيق الانضمام الكامل في دول المجلس؟
موضوع انضمام اليمن لمجلس التعاون لا يوجد له موعد زمني. بل ستحدد ذلك الإرادة السياسية لقيادات دول المجلس، ولكن تركيزنا اليوم هو على قضية تعزيز الشراكة، وإدماج الاقتصاد اليمني وتأهيله في اقتصاديات الدول الخليجية، والوصول به إلى مستوى يجعل أمر انضمام اليمن لدول المجلس أمرا محسوما. في النهاية هناك أمور تتطلب من الطرفين تعزيز الشراكة في بُعدها الاقتصادي والثقافي والأمني والسياسي. هناك تقدّم كبير جدا في مجالات التعاون، وأعتقد أن ما نراه من تغيِّر في مواقف دول مجلس التعاون نحو هذه الشراكة والعمل على تعزيزها، سيؤدي في النهاية إلى انضمام اليمن لمجلس التعاون.
هل ستطلب من وزراء خارجية الدول الخليجية، مساعدات ما، لمحاولة احتواء الأوضاع الاقتصادية المتردية في اليمن؟
دول مجلس التعاون خصصت 2.7 مليار دولار اعتمدتها كدعم للتنمية في اليمن خلال مؤتمر لندن للمانحين، خصص 80 في المائة لمشاريع تنموية في اليمن، ما يهمنا كيف ننتقل من مرحلة التخصيص لعملية تنفيذ المشاريع، نريد آليات تكون أكثر نجاعة وفاعلية وسرعة، لأن زمن انتهاء الخطة الخمسية الثالثة قريب جدا مع نهاية عام 2010، وهذا من الأمور التي ناقشتها مع أمين مجلس التعاون الخليجي.
ولكن اليمن اليوم بحاجة إلى دعم خارج إطار خططه الخمسية، في مشاريع استراتيجية تسهم في تحقيق نمو اقتصادي، ويكون له مردود يتعلق بإيرادات الدولة، حتى تتمكن الحكومة من الاعتماد على إيراداتها ومواردها، التي في النهاية ستُمكن اليمن من الاعتماد على نفسها.
هل ستقدِّمون طلبا بذلك لاجتماع وزراء الخارجية غدا (اليوم)؟
لقد ناقشت هذا الأمر مع أمين عام مجلس التعاون الخليجي، وسأتداول الرأي بهذا الموضوع مع وزراء الخارجية الخليجيين في اجتماعاتنا.
عودة إلى مبادرة خادم الحرمين الشريفين الخاصة بإعطاء الأولوية في العمل للعمالة اليمنية، هل تم وضع إطار وخطة تنفيذ لجعل هذا المبادرة أمرا متحققا؟
سأتطرق في اجتماعات وزراء الخارجية الخليجيين إلى هذا الأمر، وستقدِّم اليمن مقترحات بهذا الخصوص، وهذه يجب أن تحال إلى مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية والعمل، الذي يضم دول الخليج واليمن، حتى يتفقوا على آلية تنفيذ هذه المبادرة التي تقدّم بها خادم الحرمين.
بعيدا عن العلاقات الخليجية اليمنية، كيف تقيم العلاقات الإيرانية - اليمنية، على ضوء التقارير التي تتحدث عن ضلوع طهران بدعم بعض الجماعات المتطرفة في اليمن، وخصوصا جماعة الحوثيين؟
بالنسبة لإيران، هي دولة إسلامية شقيقة، ودولة مهمة في المنطقة، ومن مصلحتنا جميعا أن تكون لدينا علاقات جيّدة مع إيران، وأن تكون لإيران علاقات جيّدة معنا، وأن يحترم كل منا مصالح الطرف الآخر، وألا يتدخل في شؤونه الداخلية، متى ما ثبتت هذه المبادئ، وبدأ العرب وإيران بحوار حول العلاقات اليمنية ـ الإيرانية، بحيث نحدد مدى هذه العلاقة ومسؤولية الأطراف فيها، حتى نتجنب الإشكالات التي قد تنتج من عدم وضوح الرؤية، والاتفاق على ماهية العلاقة. كل دولة من دول المنطقة لها مصالح مع الدول الأخرى، لكن المهم أن تكون تلك المصالح مشروعة. أما في جانب دعم إيران للحوثيين، فسبق وأن قلنا إن جماعة الحوثيين يحصلون على دعم من عناصر شيعية، أكد لنا الجانب الإيراني أن حكومة طهران ليست طرفا ولا تقدم أي دعم، ونحن ننظر إلى هذا الدعم من هذه العناصر غير الرسمية ونتعامل معها في الإطار الدبلوماسي والاستخباراتي والأمني.
أخيرا، إلى أين يتجه اليمن في ظل تزايد المهددات على أرضه، إن كان من تنظيم القاعدة أو الحوثيين، وغيرهم من الجماعات المتطرفة؟
هناك مبالغة كبيرة حول الوضع الأمني في اليمن، وسبق أن أقر كثير من الإعلاميين الذين زاروا اليمن من الولايات المتحدة وأوربا، بهذه المبالغة. نعم، هناك مناطق تمثل إشكالية أمنية نتيجة بُعدها عن المركز، وهذا شيء طبيعي في كثير من الدول التي ما تزال إمكاناتها محدودة في نشر القوات على كامل أجزاء الدولة.
 وبالنظر إلى الأعمال الإرهابية التي حدثت في اليمن، كانت محاولات لإثبات الوجود أكثر من كونها عمليات نوعية، في ظل النجاحات الأمنية التي تم تحقيقها بمواجهة عدد من قيادات "القاعدة"، هذا لا يقلل من مسؤولية الأجهزة الأمنية في عملية المتابعة والتعقب ومواجهة العناصر الإرهابية. واليمن تتعامل مع هذا الملف بأسلوب استخباراتي وعسكري إذا لزم الأمر، وآليات الحوار وتحميل المجتمع مسؤولياته في مواجهة التطرف والإرهاب، أما الآثار السلبية على اليمن فهي واضحة، هذه العناصر أضرت بالسياحة والاستثمارات والتنمية، والمؤسف أنه أصبحت نتائج الأعمال الإرهابية والعنف يدفع ثمنه أبناء وطنهم والمسلمون، وليس أعداء الإسلام كما يدّعون، وهنا لا بُد أن يكون الجهد مضاعفا لمواجهة هذا الفكر الخاطئ حول الإسلام وقيمه وتعاليمه.

المصدر: سبأ نت


 

مواضيع ذات صلة :