دين نُشر

الفصل بين السلطات الثلاث تحقق منافع وطنية

Imageأكد القاضي يحيى محمد الماوري, عضو مركز "منارات" على أهمية الفصل بين السلطات الثلاث. معتبرا الفصل بينها

يحقق أهدافاً حيوية وضرورية في حياة المجتمع المدني الحديث منها :
 1. تنظيم الاختصاص وتوزيع المهام بين سلطات الدولة وضمان التخصص الوظيفي.
 2. يحول دون تسلط او هيمنة سلطة على أخرى .
 3. يحمي الحقوق والحريات العامة والخاصة .
4. مراقبة السلطات لبعضها البعض.
5. يحقق التوازن بين السلطات ويمنع الاستبداد
 6. يعمل على قيام دولة النظام والقانون
 7. . يحمي الحقوق الديمقراطية والحريات السياسية
 8. يسهم في. بناء مجتمع العدل والمساواة.
9. . يعزز احترام الشرعية وتطبيق مبدأ سيادة القانون .
واستعرض في المحاضرة التي ألقاها صباح اليوم في المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" بعنوان دولة المؤسسات ومبدأ الفصل بين السلطات"  أنواع الفصل بين السلطات:
1- الفصل النسبي أو التوازن بين السلطات مثل النظام السائد في : بريطانيا.
2- الفصل المطلق بين السلطات مثل : النظام الرئاسي الأمريكي.
3-التداخل بين السلطات .
وهيمنة السلطة التشريعية على السلطتين التنفيذية والقضائية.مثل النظام السائد في سويسرا.
 {ملامح التجربة العربية واليمنية في إقامة دولة المؤسسات منذ إنهيار الخلافة العثمانية كنموذج للدولة الإسلامية ( دولة الخلافة ) دخل الوطن العربي في مرحلة جديدة شهد خلالها الكثير من التحولات والمتغيرات القومية والقطرية في ظل هيمنة استعمارية مباشرة أهمها التجزئة السياسية والجغرافية التي شكلت معوقات قوية أمام مشروع الدولة القومية التي كانت الأمة تطمح لإقامتها واكتشفت القيادات القومية حينذاك أنها وقعت في خدعة استعمارية كبرى بعد فوات الأوان بسقوط آخر خليفة إسلامي مما هيأ الظروف السياسية لبروز مشاريع الدولة القطرية (المدعومة خارجيا) بعد تلاشي حلم الدولة العربية الواحدة بقيادة الشريف حسين وحينما استعادت الأمة الصحوة القومية من جديد مع بداية الخمسينات بقيادة التيار القومي بجناحيه (الناصري والبعثي) الذي احيا الطموحات القومية في إقامة الدولة العربية الواحدة وكانت تجربة الوحدة المصرية السورية بداية مؤشرات تحقق الحلم العربي الا ان تلك التجربة لم تكن تمتلك من مقومات النجاح سوى إخلاص قادتها وحماس الجماهير العربية وعواطفها الجياشه في مواجهة المؤامرات الخارجية القوية ومشاريع الدولة القطرية للقوى التقليدية ثم الصراع الإيديولوجي مع التيارين القويين في حينه "الإسلامي واليساري" .
وفي الجانب الآخر فإن مشروع الدولة الإسلامية اصطدم هو الآخر بمعوقات خارجية وبمشاريع سياسية قطرية أدت الى حصاره وتضييق الخناق عليه وكان ربما من الأخطاء الإستراتيجية التي وقع فيها التياران القومي والإسلامي هو الصراع الذي انزلقا فيه على مدى ثلاثة عقود تقريبا قبل أن يكتشف الطرفان أنه لم يكن هناك ما يبرر هذا الصراع لأنهما كما قال الدكتور عصمت سيف الدولة ( وجهان لعملة واحدة ) وهي حقيقة تاريخية لا نقاش فيها إذ أن العروبة كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (( العرب مادة الاسلام )) ولان العربية هي الوعاء الفكري والثقافي للإسلام بل أن اللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي لا يجوز أن تؤدى بعض العبادات إلا بها كما هو معروف .
ومع تراجع المشروعين القومي والإسلامي كان من الطبيعي أن يتقدم مشروع الدولة القطرية الذي حظي بدعم خارجي من القوى الدولية حاولت بعض القوى السياسية التي اقتنعت بإمكانية نجاح الدولة القطرية أن توجد كيانات وطنية على أي رقعة جغرافية تعطى لها حسب التقسيم الاستعماري المشهور ( سايكس بيكو ) وكان لابد من أن توجد بؤر للصراع بين هذه الكيانات تحول دون إقامة الدولة المؤسسية بمفهومها الحديث ( دولة المؤسسات ) على أي نموذج أو تجربة من التجارب الحديثة
– النموذج اللبرالي الغربي أو الاشتراكية العلمية الماركسية أو النموذج التقليدي بخلفيته العشائرية المعروفة وعلى مدى عقود من الزمن فشلت كل تلك المشاريع في إقامة الدولة الحديثة وكان لكل طرف مبرراته التي يعلق عليها فشله في إقامة الدولة المؤسسية الحديثة كما أن القوى الاستعمارية قد أضفت حمايتها على تلك الأنظمة التقليدية وشجعتها على الإبتعاد عن التحديث حتى ولو بإتباع المنهج الغربي وهكذا فلا المشروع الإسلامي ولا المشروع القومي ولا المشروع القطري نجح في إقامة الدولة الحديثة في الوطن العربي وحسب تعبير الدكتور عمار قربي فان الدول العربية مازالت اقرب إلى دولة القوة منها إلى الدولة الشرعية، وأقرب إلى دولة القبيلة والحزب الواحد، منها إلى دولة المؤسسات. وهي اقرب إلى دولة الأشخاص، منها إلى دولة الدستور. التجربة اليمنية:
- لعل التجربة اليمنية قد مرت بظروف أكثر تعقيدا من غيرها أبرز هذه الظروف هو التشطير والسيطرة الاستعمارية على جزء من الوطن وتسلط النظام الإمامي المتخلف على الجزء الآخر إضافة إلى القوى التقليدية التي ربطت مصالحها ببقاء التشطير وعدم قيام دولة حديثة في اليمن ومن الطبيعي انه لم يكن هناك من إمكانية فعلية لقيام دولة حديثة في اليمن في ظل التشطير سواء قبل الثورة أو بعد الثورة والاستقلال بل ربما أن الظروف السياسية وعوامل الصراع بين النظامين الشطريين قد شكلت أسبابا اضافية الى الاسباب الموروثة من مراحل ما قبل الثورة والاستقلال باعدت بين حلم الشعب اليمني وبين الدولة اليمنية الحديثة حتى تم القضاء على أهم تلك التناقضات بإعادة الوحدة اليمنية التي شكلت الوثبة اليمانية الكبرى في العصر الحديث وقد كانت الثورة بمبادئها وأهدافها ثورة تحديثية تستهدف إقامة الدولة الحديثة وفقا لرؤية سياسية وفكرية سائدة في ذلك الوقت ثم تلتها الكثير من التحولات السياسية التي رفعت شعارات إقامة الدولة الحديثة في إطار النظام الجمهوري في اليمن شمالا وجنوبا قبل الوحدة والتي كانت شديدة التباين والاختلاف من حيث النظرية والتطبيق بحيث عجزت عن تحقيق الأهداف المنشودة في إقامة الدولة الحديثة حتى كان التحول الحقيقي نحو بناء الدولة اليمنية الحديثة بإعادة الوحدة اليمنية التي استطاعت أن تؤسس الأرضية الصالحة وتهيئ الظروف المثالية لإقامة الدولة الحديثة وفقا للمفاهيم السائدة في القرن العشرين فبإعادة الوحدة تم القضاء على التناقضات الكبرى في المفاهيم النظرية والسياسية التي كانت سائدة والانتقال إلى مفاهيم موحدة تلتقي عليها جميع الفئات السياسية والاجتماعية في إطار دستوري ومنظومة تشريعية موحدة وقرار سيادي واحد مع وجود آلية سياسية متعددة وأسس دستورية تضمن للجميع حق المشاركة والتداول السلمي للسلطة في إطار التنافس الديمقراطي والانتخابات الحرة السرية والمباشرة النظام الدستوري اليمني ومبدأ الفصل بين السلطات عرف الدستور اليمني الدولة اليمنية في المادة الأولى بإنها:
الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة، وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزءٍ منها، والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية.
من خلال نص المادة الدستورية السالفة يتبين لنا أن الدستور اليمني إعتبر الدولة اليمنية جزءا من الأمة العربية والإسلامية والذي يعطي مدلولا هاما بان اليمن جزء من كل وهو ما سارت عليه الكثير من دساتير الدول العربية لتؤكد بأن الدولة القومية ستظل الغاية لدى كل الدول القطرية وإذا كانت الوحدة العربية تعتبر ضرورة قومية ومصيرية فإن الوحدة اليمنية تعتبر ضرورة حياة وضمانة بقاء للمجتمع اليمني وأساس إقامة الدولة اليمنية الحديثة القادرة على أحداث النهضة الحضارية لليمن وحفظ سيادته واستقلاله ، إن إقامة دولة المؤسسات وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات وإطلاق الحريات الديمقراطية والتعددية السياسية لم يكن ممكنا دون إعادة الوحدة ومن يعتقد أنه كان يمكن إقامة دولة مؤسسية ديمقراطية حقيقية في اليمن بغير الوحدة فإنه مخطئ وقد لا يعي هذه الحقيقة الا من عاش مرارة التشطير .
حددت المادة الرابعة من الدستور مقومات مبدأ الفصل بين السلطات بنصها على : الشعب مالك السلطة ومصدرها، ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء والانتخابات العامة، كما يزاولها بطريقة غير مباشرة عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة ( . حددت المادة السالفة مبدأ الفصل بين السلطات حينما أشارت إلى أن الشعب يمارس سلطته الأصلية من خلال الثلاث السلطات الرئيسية المركزية والمجالس المحلية المنتخبة فكيف نظم الدستور هذه السلطات والعلاقة فيما بينها وهل هي علاقة فصل كامل كما هو الحال في بعض الأنظمة العالمية ( النظام الأمريكي ) أو انها علاقة توازن وتعاون كما هو الحال في كثير من الأنظمة الدستورية العربية والعالمية ؟
مادة (5): يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية وذلك بهدف تداول السلطة سلمياً، وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية وممارسة النشاط السياسي ولايجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة خاصة بحزب أو تنظيم سياسي معين. وفي المادة الخامسة حدد الدستور بوضوح بان النظام السياسي يقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وهو ما يؤكد على أن الديمقراطية الحقيقية في أي نظام سياسي لا تكتمل الا بالمقومات الأربعة : حرية الرأي ،حرية التنظيم ،الفصل بين السلطات والتداول السلمي على السلطة وهو ما أكدته المادة : (42): لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون.
توازن السلطات في الدستور اليمني أخذ النظام الدستوري اليمني بمبدأ التوازن بين السلطات ولم يأخذ بمبدأ الفصل التام وهو الإتجاه الشائع في معظم الدساتير العالمية والعربية والذي ينسجم مع المفهوم الصحيح لمبدأ الفصل بين السلطات ويتفق مع الغاية من وضع هذا المبدأ وهو التكامل والتوازن والتعاون والرقابة المتبادلة بين سلطات الدولة بحيث لا تطغى احدى السلطات على السلطتين الأُخريين أو تنفرد بجميع سلطات الدولة في يدٍ واحدة أو في سلطة واحدة منعا للتعسف في استخدام السلطة ولهذا نجد النظام الدستوري اليمني في تنظيمه للعلاقة بين السلطات الثلاث قد وضع عدة مبادئ منها : 1. مبدأ المساءلة والرقابة على السلطة التنفيذية والذي يقرر خضوع أعضاء السلطة التنفيذية للمسائلة التشريعية الرقابية والقضائية .
مادة (139):
 1- لرئيس الجمهورية ولمجلس النواب حق إحالة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء إلى التحقيق والمحاكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم أو بسببها، ويكون قرار مجلس النواب بالاتهام بناءً على اقتراح مقدم من خُمس أعضائه على الأقل، ولايصدر قرار الاتهام إلاّ بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.
 2. يوقف من يتهم ممن ذكروا في الفقرة (1) من هذه المادة عن عمله إلى أن يفصل في أمره ولايحول انتهاء خدمته دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها.
 3. يكون التحقيق ومحاكمة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وإجراءات المحاكمة وضماناتها على الوجه المبين في القانون.
 4. تسري أحكام الفقرات السابقة من هذه المادة على نواب الوزراء.
 5. مادة (93):
 أ- لمجلس النواب حق توجيه التوصيات للحكومة في المسائل العامة أو في أي شأن يتعلق بأدائها لمهامها أو بأداء أي من أعضائها وعلى الحكومة تنفيذها فإذا استحال عليها التنفيذ بينت ذلك للمجلس.
 6. ب- إذا لم يقتنع المجلس بالمبررات يحق له مباشرة إجراءات سحب الثقة من أحد نواب رئيس مجلس الوزراء أو أي من الوزراء المعنيين ولايجوز عرض طلب سحب الثقة على المجلس إلا بناءً على اقتراح من ربع أعضاء المجلس وبعد استجواب، ولا يجوز للمجلس أن يصدر قراره في الطلب قبل مرور سبعة أيام من عرضه، ويكون قرار سحب الثقة بأغلبية أعضاء المجلس.
وفي مقابل ذلك فان مبدأ التوازن يتجسد من خلال منع أعضاء مجلس النواب من التدخل في أعمال السلطتين التنفيذية والقضائية .
مادة (79): لايجوز لعضو مجلس النواب أن يتدخل في الأعمال التي تكون من اختصاص السلطتين التنفيذية والقضائية.
كما منح الدستور رئيس الجمهورية حق حل مجلس النواب في أحوال خاصة وبشروط معينة :
 مادة (101):
 أ. لايجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة وبعد استفتاء الشعب، ويجب أن يشتمل قرار الحل على الأسباب التي بني عليها وعلى دعوة الناخبين لانتخاب مجلس نواب جديد خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار الحل.
ب- لرئيس الجمهورية حق الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة دون حاجة إلى استفتاء في الأحوال الآتية:
- إذا لم تفض الانتخابات إلى أغلبية تمكن رئيس الجمهورية من تكليف من يشكل الحكومة وتعذر تشكيل حكومة ائتلاف.
 إذا حجب مجلس النواب الثقة عن الحكومة أكثر من مرتين متتاليتين مالم يكن الحجب بسبب التعارض مع أحكام البند (1) من الفقرة (ب) من هذه المادة.
تحديد هذا الميعاد بنص خاص في القانون إذا سحب المجلس الثقة من الحكومة أكثر من مرتين خلال سنتين متتاليتين.
وفي كل الأحوال إذا لم يتضمن قرار الحل أو الدعوة لانتخابات مبكرة دعوة الناخبين خلال الستين يوماً التالية لصدور قرار الحل أو الدعوة لانتخابات مبكرة أو لم تجر الانتخابات في الموعد المحدد أعتبر القرار باطلاً ويجتمع المجلس بقوة الدستور، فإذا أجريت الانتخابات يجتمع المجلس الجديد خلال العشرة الأيام التالية لإتمام الانتخابات، فإذا لم يدع للانعقاد اجتمع بحكم الدستور في نهاية الأيام العشرة المشار إليها، وإذا حل المجلس فلا يجوز حله مرة أخرى للسبب نفسه، كما لايجوز حل المجلس في دورة انعقاده الأولى إلا بثلثي أعضاء المجلس.
الحماية الدستورية للسلطتين التشريعية والقضائية تتجسد الحماية الدستورية للسلطتين القضائية والتشريعية من خلال تقرير مبدأ الحصانة لكل من أعضاء السلطتين التشريعية والقضائية ، وهي حصانة على نوعين :
 إجرائية وموضوعية كما قد تكون دائمة أو مؤقتة وقد تكون مطلقة أو مقيدة وفي حالة تحقق شروط الحصانة فإنها تحول دون اتخاذ أي إجراءات ضبطية ضد القاضي أو عضو مجلس النواب إلا بإجراءات خاصة تتولاها السلطة المختصة ،
لا يجوز إعتقال عضو مجلس النواب أو توجيه إتهام له بغير موافقة أغلبية أعضاء المجلس على رفع الحصانة عنه كما لايجوز إتخاذ أي إجراء ضد القاضي دون موافقة مجلس القضاء إلا على ما لم يكن القاضي أو عضو مجلس النواب في حالة تلبس


 

مواضيع ذات صلة :