دين نُشر

الفصل بين السلطات.. سياج للوحدة الوطنية

Imageقال القاضي يحيى الماوري, إن  تسعة عشر عاماً مضت على التجربة الدستورية اليمنية

الحديثة القائمة على: التعددية السياسية- مبدأ الفصل بين السلطات - الانتخابات الديمقراطية التنافسية - حرية الصحافة . تخللت هذه التجربة بضعه تعديلات وبإضافات دستورية في شكل نظام الحكم , كما تناولت تجربة الحكم المحلي وآخرها إستقلال السلطة القضائية بتخلي رئيس الجمهورية عن رئاسة مجلس القضاء الأعلى.
وأشار في حلقة النقاش التي نظمها المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" بعنوان " الإصلاحات الدستورية .. مدخلاً لبناء دولة المؤسسات والفصل بين السلطات : سياج الوحدة الوطنية, إلى أن مضي هذه الفترة مع كل ما تخللها من تحولات ومتغيرات سياسية واقتصادية داخلية ومن تطورات في العلاقات الخارجية تكفي لاستخلاص الكثير من المؤشرات على جوانب النقص والقصور أو حتى الأخطاء في نظامنا الدستوري وما انبثقت عنه من التشريعات القانونية وفي ذات الوقت الجوانب الايجابية التي أثبتت التجربة نجاحها .
 ولا شك أن ما شهده اليمن من تحولات سياسية خلال التسعة عشر عاماً الماضية يجعل القيام بإعادة النظر في الجوانب الدستورية والتشريعية مسألة طبيعية في بلد من بلدان الديمقراطيات الناشئة - فأين نجحنا , وأين أخفقنا , في تجربتنا الدستورية , كيف تقيّم هذه التجربة , وما هي جوانب النقص , والقصور التي تتطلب منا إصلاحها وما هي آلية الإصلاح المناسبة لإجراء هذه الإصلاحات ؟ إن عملية الإصلاح للنظام الدستوري والديمقراطي إذا ما أردنا أن تكون جادة وعملية فلا بد من أن تكون موضوعية وعقلانية تراعي عدة جوانب واعتبارات داخلية وخارجية :
 1. الجوانب الداخلية تتمثل في ما شهدته البلاد من تحولات ديمقراطية وسياسية واقتصادية على مستوى المؤسسات المركزية والسلطات المحلية والتجارب الانتخابية
. 2. الجوانب الخارجية - تتمثل في مراعاة متطلبات التكامل الإقليمي مع دول الجوار (مجلس التعاون الخليجي) والدول العربية بشكل عام تطبيقا لنص المادة الأولى من الدستور التي تنص على إن: (الجمهورية اليمنية دولة عربية إسلامية مستقلة ذات سيادة , وهي وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها , والشعب اليمني جزء من الأمة العربية والإسلامية ) ثم الجانب الدولي المتمثل في المعاهدات والمواثيق الدولية والمؤسسات والهيئات العالمية التي تتطلب الشراكة معها مسوغات تشريعية داخلية تهيئ المجال لشراكة ناجحة ومتكافئة حتى نتمكن من تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الشراكة ونحتل الموقع المناسب على الساحة الإقليمية والدولية كدولة ذات سيادة واستقلال سياسي واقتصادي تحظى بالثقة والاحترام الإقليمي والدولي .
 جوانب الإصلاح في النظام الدستوري اليمني يمكن أن نستخلص من تجربتنا الدستورية خلال المرحلة الماضية وما يطرح على الساحة السياسية من تصورات ومشاريع للإصلاح الدستوري في جوانبه المختلفة أهم الجوانب التي تناولتها المقترحات الواردة في المشاريع المقدمة من بعض المؤسسات الرسمية والتنظيمات والأحزاب السياسية ووسائل الإعلام المختلفة والتي يمكن حصرها في الجوانب التالية :
 أولاً:عدم إستقرار النظام الدستوري على شكل محدد من الأشكال المتعارف عليها في التشريعات الدستورية المقارنة وأشهرها :
 1. النظام الرئاسي – نموذج الولايات المتحدة الأمريكية .
 2. النظام البرلماني – نموذج المملكة المتحدة (بريطانيا ) .
 3. النظام المختلط – رئاسي برلماني – نموذج جمهورية فرنسا .
4. الحكم المحلي – لا مركزية – حكم محلي واسع الصلاحيات – حكم محلي كامل الصلاحيات
 5. النظام الانتخابي –إدارة حزبية –إدارة حكومية – إدارة محايدة –القائمة الفردية – القائمة النسبية المغلقة – القائمة النسبية المفتوحة
. 6. مبدأ الفصل بين السلطات –الفصل الكامل –الفصل المرن – توازن السلطات – التداخل بين السلطات - تحديد المرجعية الدستورية لاحترام مبدأ الفصل ومنع تجاوز أي سلطة لحدود اختصاصاتها الدستورية والقانونية .
 7. النظام القضائي –القضاء الموحد – القضاء المزدوج – فصل القضاء الدستوري عن القضاء العادي – فصل مجلس القضاء الأعلى عن المحكمة العليا – إلغاء منصب وزير العدل .
8. الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية – مجلس النواب – المحكمة الدستورية والإدارية – جهاز الرقابة والمحاسبة .
 9. حرية الصحافة – وتحديد سقف دستوري وقانوني لهذه الحرية في إطار الدور الوطني الذي يقع عليها وتأكيد الحماية القضائية لحرية الصحافة ووسائل الإعلام بما يمكنها من القيام بدورها الرقابي والتوعوي والإسهام في تعزيز الوحدة الوطنية ونشر الثقافة الوحدوية ومحاربة كل مظاهر نشر الثقافة المشوهة والمنحرفة التي تستهدف المساس بالثوابت الوطنية . وسنتناول هذه الجوانب بإيجاز من خلال استعراض الأنظمة الدستورية العالمية والعربية ومقارنتها بنصوص الدستور اليمني لنستخلص ما يمكن إن نتوخى فيه الحلول المناسبة لنظامنا الدستوري في ضوء الخصوصيات اليمنية ومتطلبات المصلحة الوطنية العليا .
وقال الدكتور حمود العودي, في ورقة العمل التي قدمها بعنوان مشروع رؤية عامة للعمل المشترك لمرحلة ما بعد تأجيل الانتخابات وموعد استحقاقها:
1. إن الاستجابة لمسار الإصلاح الوطني العام من شأنه تعزيز وحماية المكاسب الوطنية الكبرى في مسيرة الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية وتطويرها في المقابل فان الإحجام والتردد من شأنه يقيناً تهديد كل هذه المكاسب بالانهيار الفوري أو التآكل التدريجي، وضياع المصلحة الوطنية المشتركة للحاكم والمحكوم معاً، وحتى لا نندم وقت لا ينفع الندم.
2. إن الاستجابة للإصلاح السياسي من شأنه حماية الوحدة الوطنية وتوفير الأمن والاستقرار وإرساء مداميك دولة النظام والقانون وتحقيق الشراكة الحقيقية في السلطة وتأمين تداولها السلمي الحق، في مقابل أن الإحجام أو التردد من شأنه الحيلولة دون كل ذلك والدنو أكثر فأكثر نحو هاوية الفوضى والتمزق المُدمر للجميع وللسلطة قبل المجتمع، والعاقل من اتعظ بغيره.
3. إن الاستجابة للعمل على مسار الإصلاح الاقتصادي المشار إليه من شأنه إطلاق الصفارة الحقيقة لقاطرة النهوض والتقدم الحقيقي في الاتجاه الصحيح، وبأقل كلفة وأقصى عائد ممكن وأكبر درجة ممكنة من التوازن والعدالة الاجتماعية والضمان الاجتماعي، وفي المقابل فان الإحجام أو التردد من شأنه تكريس حالة الفساد المالي والإداري وتعطيل حركة التنمية وتشويهها والانحدار إلى مهاوي المزيد من تدهور الأمن السياسي والاجتماعي والمعيشي للمجتمع على رؤوس الجميع دون استثناء والحُكام أكثر من المحكومين.
 4. إن الاستجابة والفهم لدور اليمن المستقبلي وطنياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً في ظل متغيرات الزمان والمكان من شأنه أن يجعل من اليمن أعلى قامة وأكبر حجماً وأكثر فاعلية على كل الأصعدة وانتفاعاً من الغير ونفعاً لهم، في مقابل أن الإحجام والتلكؤ من شأنه العودة باليمن إلى دائرة النسيان حجماً وفاعلية ونفعا للغير وانتفاعا بها، ومن لا يُحسن اختيار مكانه ودوره في عالم اليوم اقتيد رغم أنفه إلى حيث يريد له الآخرون أو يتعفن في مكانه، والمرء حيث يضع نفسه.

من جانبه أشار سالم محمد حسين, في ورقة مداخلته بعنوان ( في مسألة بناء الدولة واشكالية الخطاب الاعلامي ) إلى أنه - في هذه الظروف الصعبة والمعقدة وما تحمله تفاعلاتها من مخاطر حقيقية على أمن واستقرار البلاد وعلى الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية وفي أجواء الاستعدادات للاحتفال بالذكرى السنوية لإعادة تحقيق الوحدة وإعلان قيام الجمهورية اليمنية وفي سياق أنشطة مركز ( منارات ) تأتي هذه المساهمة المتواضعة ضمن فعالية اليوم الفكرية الثقافية .
- نعلم جميعاً أن إعادة تحقيق الوحدة والإعلان عن قيام الجمهورية اليمنية توجا عن طريق التوحيد الاندماجي بين كل سلطات ومكونات ومؤسسات الدولتين في الشطرين الشمالي والجنوبي وجل وتصفية كيانيهما السابقين المتمثلان بالجمهورية العربية اليمنية في الشمال وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب وذوبانهما في كيان واحد جديد هو الجمهورية اليمنية .
- إن الجمهورية اليمنية هي حاصل عملية التوحيد الاندماجي يمن مؤسسات وأجهزة دولتي الشطرين السابقين وقد جاء خيار النهج الديمقراطي بمبادئه المعروفة وأهمها التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الانتخابات وحرية الصحافة والرأي والتعبير وحرية السوق وجملة الحقوق العامة والخاصة ومبدأ الفصل بين السلطات , أقول جاء هذا الخيار الديمقراطي ليشكل مضامين وجوهر الدولة والنظام السياسي الجديد المختلف عما كان في الدولتين والنظامين السياسيين السابقين على الوحدة كما يشكل في نفس الوقت الوسائل والأدوات التي يعول عليها في تخليق ورعاية وتطوير وترسيخ الدولة والنظام والمجتمع اليمني الجديد الواحد والشرعية الدستورية الديمقراطية .

واستعرض سالم أحمد الخنبشي, في مداخلته بعنوان " النظم الانتخابية وأهميتها في تعزيز دولة المؤسسات وترسيخ النظام الديمقراطي"
أنواع النظم الانتخابية:حيث قال:  يتم اليوم تطبيق العديد من النُظم الانتخابية في بلدان العالم وقد قسّم العلماء والمختصون بالشئون الانتخابية هذه النُظم إلى ثلاث عائلات كبيرة هي: الأغلبية العددية.
 2.التمثيل شبه النسبي.
 3.التمثيل النسبي. ويوجد في إطار هذه العائلات الثلاث
(9) عائلات فرعية تتوزع على العائلات الثلاث الكبيرة على النحو الآتي: أولاً: الأغلبية العددية وتضم العائلات الفرعية:
 (أ) الفائزة الأول.
(ب) تصويت الكتلة.
(ج) التصويت البديل.
(د) نظام الجولتين.
ثانياً: التمثيل شبه النسبي وتضم العائلات الفرعية:
(أ) النظم المتوازية.
(ب) نظام الصوت الواحد غير المتحول.
 ثالثاً: نظام التمثيل النسبي، وتضم العائلات الفرعية:
 (أ) الدوائر المتعددة العضوية.
(ب) نظام الصوت الواحد المتحول. ويمكن لنا هنا أن نستعرض بشكل مكثف بعض النماذج المتبعة والأكثر شيوعاً وتطبيقاً للأنظمة الانتخابية: نظام الأغلبية التعددية (الفائز الأول): يتم اعتماد نظام الفائز الأول حتى اليوم في بريطانيا وفي الدول التي كانت في يوم ما خاضعة للاستعمار البريطاني بالإضافة إلى كندا، الهند، الولايات المتحدة الأمريكية، هذا بالإضافة إلى عدد من بلدان البحر الكاريبي، وفي باكستان، وبنجلادش، وماليزيا، وبالإجمالي فقد بلغ عدد الدول التي تأخذ بنظام الفائز الأول (68) دولة من بين (211) دولة في العالم.
 الفائز في هذا النظام هو المرشح الذي حصل على أغلبية الأصوات، وهناك تعديلات تجرى على هذا النظام وتحوله إلى نظام (تصويت الكتلة) أو (نظام الجولتين) أو إلى نظام (صوت واحد غير متحول).
مميزات هذا النظام:
يتميز النظام بعدد من السمات وهي:
1- هو نظام بسيط وغير معقد، ويؤدي إلى انتخاب ممثلين يدينون بالولاء للناخبين الذين انتخبوهم مباشرة في الدوائر والمناطق المحددة جغرافياً.
2- يوفر هذا النظام للناخبين اختياراً واضحاً للمرشحين أكانوا من أحزاب أو مستقلين وعادة ما يخدم هذا النظام الأحزاب الكبيرة والشخصيات الاجتماعية ذات التأثير في أوساط الناخبين.
3- يؤدي هذا النظام إلى قيام وتشكيل حكومات تعتمد على الحزب الواحد الذي ينال أغلبية المقاعد وفي الغالب تتسم هذه الحكومات بالقوة بعيدة عن المساومات التي تجري مع الشركاء من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.
4- يحقق هذا النظام –أيضاً- معارضة برلمانية متماسكة مكونة من أعضاء البرلمان الممثلين للأحزاب التي لم تحصل على الأغلبية.
5- يعطي نظام الفائز الأول مميزات للأحزاب السياسية ذات التأثير الواقع في الحياة السياسية العامة ويسمح هذا النظام للأحزاب بأن تتحول لتشكل مظلة لكثير من القوى الاجتماعية.
6- يعيق هذا النظام وصول بعض الأحزاب الصغيرة القائمة على بعض الأقليات العرقية أو القومية أو غيرها من الوصول إلى عضوية البرلمان.
7- يؤمن هذا النظام استمرارية العلاقة بين الناخبين في الدائرة وبين أعضاء البرلمان الذي يمثلونهم ويحرص عضو البرلمان على التواصل باستمرار مع الناخبين وتبني قضاياهم.
 8- يكفل هذا النظام إنشاء برلمان يتسم بالتمثيل الجغرافي حيث يمثل أعضاء البرلمان أجزاء محددة من المدن الكبرى والصغرى وكذا مختلف المناطق.
 9- يتيح هذا النظام للناخب حرية الاختيار من بين المرشحين كما يسمح بتقييم أداء الفائز ومحاسبته من قبل الناخبين.
10- سهولة وبساطة الإجراءات المتبعة في هذا النظام لأنه لا يتطلب سوى وضع علامة واحدة بجانب اسم المرشح المُراد انتخابه كما أن عدد المرشحين في ورقة الاقتراع يكون قليلاً مما يسهل على الناخب التأشير على الاسم أو الرمز وبنفس القدر يقدر على اللجان الانتخابية عملية فرز الأصوات وإعلان النتائج.
 عيوب النظام: توجد في هذا النظام بعض العيوب أبرزها:
 1- استبعاد أحزاب الأقليات من التمثيل في البرلمان ويحدث أن بعض الأحزاب الصغيرة تفوز بـ(10%) من الأصوات مثلاً ولكنها لا تمثل إلا بعدد قليل من المقاعد كـ(3) مقاعد مثلاً.
 2- نتيجة للظروف التاريخية والاجتماعية لبعض البلدان والشعوب لا تنال المرأة حقها في الوصول إلى مجلس النواب فنجد أن المرأة تشكل نسبة متقدمة بين المسجلين ولكن لا تنعكس هذه النسبة في تواجدها داخل مجلس النواب.
 3- يسمح هذا النظام ببروز ظاهرة تكوين أحزاب سياسية قائمة على العشيرة أو العِرق أو المنطقة وكذلك المبالغة في تمكين بعض الأحزاب وخاصة الكبيرة بالفوز بكل مقاعد منطقة أو إقليم.
 4- بروز ظاهرة الأصوات الضائعة الغير صحيحة التي لا تذهب لصالح أي مرشح وهذا ينعكس بشكل سلبي في تدني أرقام الأصوات الصحيحة مقارنة بعدد المقترعين.
 5- يسمح هذا النظام بسيطرة حزب معين بشكل كبير على نتائج الانتخابات رغم حدوث تقلص جوهري في الدعم الشعبي.
 6- يمكن أن تجري في ظل نظام الفائز الأول بعض عمليات التلاعب في الحدود الانتخابية لبعض الدوائر وعدم وجود توازن في إجمالي الناخبين في ما بين الدوائر.
ويمكن هنا أن نوضح وبشكل مكثف بعض سمات الأشكال الأخرى لنظام الأغلبية التعددية:
 تصويت الكتلة: يعني استخدام تصويت الفائز الأول في دوائر متعددة العضوية، فالناخب يمتلك عدد من الأصوات يدلى بها بعدد المقاعد التي تُمثل بها هذه الدائرة في البرلمان.
 التصويت البديل: يستخدم هذا النظام في استراليا فقط وهو غريب نسبياً ويتم الأخذ بهذا النظام في دوائر منفردة العضوية مثل نظام الفائز الأول ويعطي هذا النظام للناخبين خيارات أكبر بكثير من خيار الفائز الأول فالناخب بدلاً من التأشير أمام اسم المرشح الذي يرغب فيه يقوم الناخب بترتيب المرشحين وفقاً لاختياراته عن طريق كتابة رقم (1) على أفضل مرشح، ورقم (2) على الذي يليه ورقم (3) على الخيار الثالث وهكذا فهذا النظام يعبر عن اختيار المفضل من بين المرشحين وليس ذكر الاختيار الأول فقط ويطلق عليه التصويت التفضيلي.
نظام الجولتين: هو النوع الأخير من نُظم الأغلبية التعددية ووفقاً لهذا النظام فأن الانتخابات لا تُجرى لمرة واحدة وإنما تكون على جولتين تفصل بينهما فترة زمنية محددة وتجرى الانتخابات في الجولة الأولى على أساس نظام الفائز الأول وإذا لم يتحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة من الأصوات تجرى انتخابات الجولة الثانية ويفوز فيها من يحصل على الأغلبية.
 نظام التمثيل شبه النسبي: هذا النظام يأخذ بأسلوب يقع من نظام الأغلبية التعددية والتمثيل النسبي وهو يترجم الأصوات إلى مقاعد فائزة وهناك نوعان أساسيان لهذا النظام:
 نظام (صوت واحد غير متحول): وفقاً لهذا النظام يمتلك الناخب صوتاً واحداً فقط في الدائرة التي تمثل بعدة مقاعد في البرلمان ويتم شغل هذه المقاعد بين المرشحين الذين يحصلون على أعلى نسبة من الأصوات فمثلاً دائرة لها أربعة مقاعد في البرلمان فأي فائز في الانتخابات من بين المرشحين عليه أن يحصل على نسبة تزيد على 20% من الأصوات لضمان نجاحه وهذا يسمح لبعض المرشحين بالفوز حتى وأن لم يكونوا ينتمون لأي من الأحزاب الكبيرة.
النُظم المتوازية: يجمع هذا النظام باستخدام نظام الفائز الأول ونظام القائمة النسبية بحيث تُحدد دوائر يتم فيها الأخذ بنظام الأغلبية العددية ودوائر يتم فيها تطبيق نظام القائمة النسبية أو أن يتم تخصيص عدد من المقاعد يتم فيها انتخاب المرشح على أساس الأغلبية العددية ومقاعد تُنتخب على أساس القائمة النسبية وبالتالي فأمام الناخب ورقتي اقتراع أحدهما لنظام الفائز الأول والثانية لنظام القائمة النسبية.
 نظام التمثيل النسبي: يعتبر نظام التمثيل النسبي الأكثر شيوعاً في الديمقراطيات الجديدة ويتم استخدامه في أكثر من (20) ديمقراطية راسخة ويسود هذا النظام في أمريكا اللاتينية وبعض بلدان أوروبا الغربية وهذا النظام يُترجِم نصيب الحزب للأصوات إلى نُسب مماثلة في المقاعد النيابية ومن أبرز أنظمة التمثيل النسبي:
قائمة التمثيل النسبي: وتضم قائمة التمثيل النسبي قائمة المرشحين التي يقدمها كل حزب إلى الناخبين الذين يدلون بأصواتهم للحزب وتحصل الأحزاب على مقاعد تتناسب مع حصتها الكلية من الأصوات القومية ويتم انتقاء المرشحين الفائزين من خلال القوائم بناءً على ترتيبهم في القائمة.
مميزات نظام قائمة التمثيل النسبي:
1- تجنب بعض النتائج الشاذة التي تنجم عن نظام الأغلبية العددية ويؤدي إلى وجود هيئة تشريعية أكثر تمثيلاً.
2- يترجم الأصوات إلى مقاعد يتم الفوز بها في البرلمان وتعطى اعتبار لكل الأصوات وتتجنب الأصوات الضائعة أو الغير صحيحة.
 3- تسهل الوصول للأحزاب الصغيرة أو أحزاب الأقليات وخاصة إذا كان حد الدائرة من الأصوات غير مرتفع.
 4- تشجع الأحزاب على تقديم مرشحين من كل المناطق ومن مختلف التكوينات الاجتماعية وكذلك يتيح هذا النظام انتخاب المرأة إلى البرلمان.
5- يؤدي هذا النظام إلى زيادة فعالية الحكومة وخاصة عندما يتم تكوين الحكومات الائتلافية الواسعة والتي تعمل على تحقيق الاستقرار والتماسك في اتخاذ القرار.
6- تزيد من الشفافية بين الكتل السياسية في البرلمان.
عيوب النظام: يبرز هذا النظام عدد من العيوب أهمها:
1- تشكيل حكومات ائتلافية قد تؤدي إلى حدوث مشكلات تشريعية خانقة مما يؤدي إلى انعدام القدرة على تنفيذ سياسات متماسكة في فترات تكون الحاجة ماسة لمثل هذه السياسات.
2- الانقسامات في الأحزاب، وقد تؤدي إلى أن أحزاب صغيرة تُملي رغباتها على الأحزاب الكبيرة في المفاوضات الائتلافية.
 3- يسمح هذا النظام بخلق قاعدة لبعض الأحزاب المتطرفة من الناحية العرقية، الدينية، الشوفينية، والقومية.
4- تشكيل ائتلافات حاكمة لا تمتلك أرضية مشتركة سواءً في السياسات أو غيرها مما يعرقل أداء الحكومة بشكل إيجابي وتولد أزمات سياسية وغيرها.
5- ضعف الرابطة بين أعضاء البرلمان وناخبيهم. كذلك هذا النظام يضع الكثير من السلطات في يد الأحزاب ويعتمد فوز المرشح على موقعه في القائمة الحزبية وهذا يؤدي في كثير من الأحيان إلى فوز العناصر المتنفذة في هذا الأحزاب بعيداً عن مراعاة التوزيع الجغرافي.
 6- صعوبة تطبيق هذا النظام في البلدان التي لا تعتمد العمل الحزبي أو أن الأحزاب في هذه البلدان أحزاب هشة وليدة.
ومن النماذج الأخرى للتمثيل النسبي:
العضوية المختلطة: هذا النظام يأخذ بالعناصر الإيجابية في كل من نظام الأغلبية العددية ونظام التمثيل النسبي، حيث يتم انتخاب نسبة من أعضاء البرلمان عن طريق نظام الأغلبية العددية والنسبة الأخرى يتم انتخابها عن طريق قوائم التمثيل النسبي.
وفي هذا النظام يحدث إذا لم يحز أي حزب على أي مقعد من مقاعد نظام الأغلبية العددية وتحصل على 10% من أصوات القائمة النسبية يتم تقديم مقاعد كافية من قائمة التمثيل النسبي كي ترفع تمثيله إلى ما يقرب من 10% في البرلمان (ألمانيا، نيوزيليذا، أيطاليا، المكسيك).
 الصوت الواحد المتحول: يستخدم هذا النظام في الدوائر المتعددة العضوية ويقوم الناخبون بترتيب المرشحين طبقاً للأفضلية على ورقة الاقتراع على غرار أسلوب نظام (التصويت البديل) وتحديد الأفضل يتم بشكل اختياري ولا يتطلب من الناخبين ترتيب جميع المرشحين لأن بإمكانهم إذا رغبوا تحديد مرشح واحد فقط.
 وبعد الفرز للأصوات يتم تحديد العدد المطلوب لانتخاب مرشح واحد، ويعتبر الفائز الأول هو الذي حاز على أكبر حصة من أصوات التفضيل الأول.
 إذا لم يصل المرشح إلى الحصة المقررة يتم إلغاء المرشح الحاصل على أقل الأصوات من التفضيل الأول ويتم إعادة توزيع أصواته على البقية.
 وإذا زادت الأصوات في التفضيل الثاني على النسبة المقررة يتم توزيع هذه الأصوات بالتساوي على البقية وتستمر العملية هكذا حتى يتم فوز العدد المطلوب.
مقترحات عملية لإصلاح أي نظام انتخابي: من كل الخبرات التي تقدمها لنا الأنظمة الانتخابية وتطبيقاتها في مختلف البلدان فإنه علماء السياسة والأنظمة الانتخابية يرون الأخذ بالآتي: تدل الخبرات الناتجة عن مجال الإصلاح الانتخابي أن الإصلاحات المعتدلة والمتدرجة هي الأفضل فيمكن أن يتم تحسين وإصلاح النظام القائم الذي يدل بشكل جيد أفضل بكثير من القفز إلى نظام انتخابي جديد غير مألوف.
أن تتم الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين ودراستها وأخذ ما يمكن أن يُستفاد منه فيها والعمل على تطبيقه بما يتناسب والواقع السياسي والاجتماعي والتاريخي لهذا البلد فمثلاً إذا أراد بلد ما أن يستخدم نظام الفائز الأول ويرغب في الانتقال إلى نظام آخر مع المحافظة على أسس النظام المعمول به فإن عليه أن يدرس تجارب الآخرين كـ(نيوزيلندا مثلاً) التي تبنت نظام تناسب العضوية المختلطة أو أن يؤخذ بنظام التصويت البديل إذا ما أراد الاحتفاظ بنظام دوائر العضوية المنفردة.
 يجب أن تتوفر عند اختيار بلد ما لنظام انتخابي معين الصفات الآتية:
 1- بساطة وسهولة النظام: ينبغي أن تكون الإجراءات المعمول بها في النظام يسيرة الفهم بالنسبة للناخبين وغير معقدة.
 2- عدم التسرع في تطبيق أية إجراءات إلا بعد دراستها دراسة عميقة وتطبيقها بشكل تدريجي.
 3- مراعاة السياق السياسي والاجتماعي الذي أُعِمل النظام في إطاره لأن النُظم الانتخابية لا تُعمل في الفراغ.
 4- إعداد جمهور الناخبين إعداداً جيداً يمكنهم من فهم وإدراك وتطبيق أي نظام انتخابي جديد من خلال توعية انتخابية شاملة حتى يتم تفادي أي قصورٍ أو سلب.
 5- أن يؤدي النظام الانتخابي إلى انتخاب برلمان يميل نحو تمثيل كل مصالح الأمة الهامة وأن يعكس البرلمان الإرادة الكلية للمجتمع وليس جماعة معينة.
 6- الذين يخسرون في الانتخابات يجب عليهم عدم ترجمة خسارتهم إلى النظام الانتخابي القائم كعذر لعدم استقرار وتقدم النهج الديمقراطي.
 7- أن يؤمِن النظام لجمهور الناخبين قدراً من النفوذ على أعضاء البرلمان ومحاسبتهم سواء من الأحزاب أو المستقلين.
 8- يجب أن لا تفكر الأحزاب وهي تناقش اعتماد نظام انتخابي جديد مصالحها الحزبية الخاصة بها فمثل هذه العمل خاطئ فأي تفكير محصور في هذا المجال فأنه سيؤدي إلى انهيار سياسي وعدم استقرار اجتماعي على المدى البعيد.
 9- أن تستجيب النظم الانتخابية بدرجة كافية وفعالة للظروف السياسية المتغيرة لنمو الحركات السياسية، فالنظام الانتخابي ليس وحده القادر على حل قضايا المجتمع بل لابد من تفاعل كل المتغيرات الأخرى في مجال السياسة والاجتماع والثقافة والاقتصاد وغيرها.
 10- عند اختيار أي نظام انتخابي جديد بهدف تجنب الأخطاء السابقة ينبغي توخي الدقة والحذر عند القيام بذلك حتى لا يتم خلق نظام انتخابي يضخم من المشكلات السابقة.


 

مواضيع ذات صلة :