آراء وأقلام نُشر

البنوك و النفق المظلم

رداد الشامي

بقلم / رداد الــــشــامــي*

هبت العاصفة المالية في أرجاء الارض و اجتثت كل القطاعات التي لا تمتلك جذور ثابتة فى أعماق الاقتصاد،

اجتثت كل قطاع كان ينمو على السطح ،مثل البنوك و شركات التامين و غيرها و المتتبع لهذه لأازمه يجد ان اصلها يرجع الى مطلع القرن الحالى فى سنوات الوفرة حيث كانت البنوك تمتلك فائضاً هائل من السيولة و كانت لا تجد منافذ أمنة لإستثمار هذا الفائض ، و فى خطوات غير مدروسة اتجهت الى الاستثمار فى قطاع الخدمات و العقار ظناً منها ان قطاع العقار هو من أأمن القطاعات استثمارياً،

انطلقت البنوك بالترويج للقروض العقارية دون اى ضمانات او عملية معقدة حتى انها وصلت الى حد انها تكتفي باخذ اسم المقترض و عنوانه فقط.

و فجأة وجدت البنوك نفسها امام مشكلة كبيرة و هى ارتفاع نسبة الديون المعدومة(Bad Debt) فحاولت حل هذة المشكلة بتوريق هذة الديون و بيعها و لكن هذا الحل لم يدم طويلاً حتى جاءت الصدمة الكبرى و هي إنهيار أسعار العقار في امريكا وغيرها و بهذا انكشفت اوراق البنوك فانقسمت الى ثلاثة اقسام منها من أفلس و منها من تم انقاذة من خلال البنوك المركزية و اما القسم الثالث و هو يشكل الاغلبية الساحقة ما زال فى صراع مع الازمة و ما زال يخفي بعض اوراقة من ديون معدومة و استثمارات منهارة .
الى متى؟؟؟ لا ندري !!!! .

هذه الحالة هي بداية النفق المظلم الذي دخلته البنوك ، نفق الديون المعدومة (Bad Debt Tunnel) و كما أشرنا سابقا ان قسم من هذة البنوك قد اتهى به المطاف بالموت داخل هذا النفق و اما القسم الثاني و هو الذي تم انقاذة من قبل البنوك المركزية بشرط اعادة عجلة الاقتصاد الى الدوران .. فهى امام خيارين الاول هو ان تلبي مطالب الحكومات التى مولتها بخفض نسبة الفائدة و اقراض القطاعات المتعثرة ماليا للخروج من هذة الازمة الاقتصادية الخانقة فهذا خيار صعب في ظل هذا الركود الاقتصادي و الذي سوف يؤدي الي عودة مشكلة الديون المعدومة الي الساحة اما الخيار الثاني هو ان تستفيد البنوك من الدرس السابق و تشدد على قضية القروض لتضمن عدم تكرار مشكلة الديون المعدومة و هذا خيار صعب ايضاً حيث ان نسبة الاقبال على القروض سوف تقل مما يؤدى الى استمرار الركود الاقتصادي و هذا ما لا تريده الحكومات ...فالخيارين احلاهما مر.

و اما القسم الثالث فهي امام خيارين الخيار الاول هو ان تكشف اوراقها و تواجة المجتمع بكل شفافية و تبحث عن ممول لكي تخرج من هذا النفق .
اما الخيار الثاني فهو ان تمضي على ما هي علية و الذي سوف يؤدي الى الانتحار داخل هذا النفق المظلم.

و خلاصة للموضوع هو أن البنوك اتجهت بكل ثقلها الى دعم قطاع الخدمات على حساب قطاعات الاقتصاد التقليدية من تجارة و صناعة و زراعة وهذا ادى الى نمو سريع فى قطاع الخدمات و بنفس الوقت كان الانهيار اسرع .






* باحث في ادارة و تطوير المشاريع الصغيرة


 

مواضيع ذات صلة :