آراء وأقلام نُشر

خطوة نحو تعافى الإقتصاد العالمي

يعقد الملتقى الإقتصادي العربي الألماني الثالث عشر في ظل تحسن ملحوظ للإقتصاد الألماني أذهل المراقبين و المحللين ومؤسسات  البحوث الاقتصادية محقق بذلك شبة انفراجة و تعافى حذر من اثأر الأزمة المالية و أن كانت التوقعات تشير إلى إمكانية حدوث انتكاسات قادمة ومن هذه التوقعات "تقرير الربيع" الصادر أخيرا عن ثمانية معاهد بحوث اقتصادية، إلى أن الانتعاش سيستمر بطيئا لمدَّة غير قليلة من الزمن دون استبعاد حدوث انتكاسات خطيرة. وأكد آخرون إلى أن الانتعاش الحاصل لا يزال غير ذاتي الحركة ويعتمد بشكل كبير على الدعم الحكومي.

وعلى أية حال يمكن التأكيد بأن البيانات المالية والاقتصادية الصادرة من المؤسسات الحكومية والخاصة في ألمانيا ودول أوروبية أخرى، كذلك في الولايات المتحدة أيضا، تؤكد خروج الاقتصاد العالمي من عنق الزجاجة وبدء مسيرة نمو مستدامة بصورة أسرع مما كان ينتظره الجميع، خاصة في ألمانيا. وينتظر اتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية DIHK المزيد من التحسّن الاقتصادي هذا العام مؤكد " على أن التجارة الخارجية ترتفع، والشركات الألمانية تضخ استثمارات جديدة، وسوق العمالة في صمود". و قد أضاف الاتحاد أنه على خلفية هذه الوقائع "سيكون تحقيق نمو من 2،3 في المئة هذه السنة أمرا واقعيا. و ذكر ايضا مؤشر DIRK لأجواء الشركات العاملة في بورصات الدول الناطقة بالألمانية (ألمانيا والنمسا وسويسرا) الذي نفّذته مؤسسة بحوث الاستهلاك الألمانية GfK مع أربعمائة و ستون مدير استثمار أن الوضع الاقتصادي لهذه الشركات "مواصل التحسن الذي بدأ منذ أواخر الصيف الماضي".

و لقد أثبتت العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية متانتها في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، فبعد أن سجلت المبادلات التجارية عام 2008 م معدلات نمو عالية،واستمرت المؤشرات الإيجابية لهذه العلاقات في تطور رغم التراجع الذي شهده التبادل التجاري بين الجانبين خلال العام 2009 م كنتيجة طبيعية لهذه الأزمة ، إلا أنة و رغم ذلك كله قد شهدت العلاقات بين الجانبين أنشطة استثمارية كبيرة قامت بها كل من إمارة أبو ظبي ودولة قطر مستثمرة في أحدث المنشآت الصناعية الألمانية وأكثرها انتشارا و شهرة عالمية، مما أسهمت هذه الاستثمارات بشكل كبير في تجاوز تبعات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية على الاقتصاد الألماني

و على هذه الخلفية و من هذا المنطلق يعقد الملتقى الاقتصادي العربي الألماني الثالث عشر في الفترة من 2 إلى 4 يونيو 2010 في فندق ريتز كارلتون (Ritz Carlton) في برلين بتنظيم من الغرفة التجارية الألمانية وبالتعاون مع إتحاد غرف التجارة والصناعة الألمانية والإتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية. ويعتبر هذا الملتقى أهم فعالية اقتصادية للتعاون العربي الألماني.

و تسعى من خلاله الدول العربية إلى تحقيق إنجازات كبيرة في إطار تنفيذ خططها الاقتصادية الطموحة والتي تؤدي إلى خلق و زيادة الطلب بشكل كبير على الخدمات الهندسية والمنشآت الصناعية وآلات البناء والتشييد وما إلى ذلك من تجهيزات فنية ولذلك يكتسب التعاون والشراكات الإستراتيجية بين الشركات العربية والألمانية أهمية بالغة للدفع بعجلة التنمية المستدامة، ومما يؤكد على أن مستقبل العلاقات العربية الألمانية لا يرتبط فقط بعملية الاستيراد والتصدير ،بل يعتمد بشكل أساسي على السعي نحو تنشيط عمليات الاستثمار المتبادل. وسيكون هذا المجال أحد المواضيع الهامة التي سيتم مناقشتها بإسهاب ضمن فعاليات الملتقى.

وسيتابع ملتقى هذا العام القيام بدوره كأرضية لتبادل المعلومات والخبرات والآراء بهدف تعميق العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية حيث سيتم التركيز على قطاعات البنية التحتية بما فيها النقل و اللوجستيك وتخطيط المدن وتقنية البيئة واقتصاديات المياه وكفاءة استخدام الطاقة خاصة في تجهيزات الأبنية إضافة إلى الصناعات البتر وكيماوية وصناعة السيارات والمعلوماتية والاتصالات والخدمات المالية وتمويل الصادرات والتمويل والعمل المصرفي الإسلامي كما سيتم تخصيص جلسة خاصة تتناول دور المرأة العربية في الحياة الاقتصادية وجلسة عن التعاون مع العراق وجلسة أُخرى عن آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية.

ويذكر أن ملتقى العام الماضي قد سجل رقما قياسيا بعدد المشاركين فاق الـثمانمائة و خمسون من ممثلي مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية من الدول العربية وألمانيا. و الذي عقد في 24 يونيو 2009 ، كما انه قد سجلت أرقام التجارة الخارجية الألمانية خلال العام 2009 م تراجعاً واضحاً بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث انخفضت قيمة الصادرات الألمانية بواقع 18,4 بالمائة مقارنة بالعام قبل الماضي 2008 م، كما تراجعت قيمة الواردات بنسبة 17,2 بالمائة. ولم تكن التجارة الخارجية الألمانية مع الدول العربية بعيدة عن هذه التأثرات حيث تراجعت قيمة الصادرات الألمانية إلى العالم العربي بواقع 13,4 بالمائة بينما تراجعت قيمة الواردات الألمانية من الدول العربية بواقع 40,8 بالمائة بسبب انخفاض أسعار النفط الذي يشكل الجزء الأكبر من الصادرات العربية إلى ألمانيا. وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة مركز الصدارة كأكبر سوق للصادرات الألمانية بين الدول العربية تليها المملكة العربية السعودية ثم جمهورية مصر العربية.

محلل مالي و باحث اقتصادي

ahmeedsherif@yahoo.com

 


 

مواضيع ذات صلة :