آراء وأقلام نُشر

التفكير الاقتصادي

يعتبر هذا المصطلح من المصطلحات الحديثة و التي بدء الحديث عنها مؤخرا و خاصة بعد ما ضربت الأزمات الاقتصادية العالم في الآونة الأخيرة ..

و حتى نستطيع أن ندرك هذا المعنى دعونا ، في البداية التعرف على مفهوم التفكير بشكل عام إذ يعرف على أنة عملية تهدف إلى إيجاد صور عقلية وأحكام عامة ، فالتفكير نشاط يسير في اتجاهين مزدوجين , اتجاه يبدأ من الجزئيات إلى الكليات (الاستقراء) , واتجاه يبدأ من الكليات إلى الجزئيات (الاستنتاج)؛أي باختصار يمكن تعريف التفكير بالعملية الذهنية التي تؤلف الشكل والمضمون وفق مبدأ الاستدلال عن طريق الاستنتاج والاستقراء الدائمين.

وحتى نبسط هذا المفهوم أكثر فلنلقى الضوء على مفهومي الاستقراء و الاستنتاج ، فيعرفالاستقراء بانة دراسة لمجموعة كبيرة من الحالات الفردية , والخروج بقانون عام مثل دراسة مجموعة كبيرة من قطع الحديد بعد تعرضه للحرارة , فإن كل حديدة سوف تتمدد وبالتالي سوف أخرج بقانون عام وشامل لكل الحديد وهو أن كل الحديد يتمدد بالحرارة. ام الاستنتاج فيقصد به عملية تحليل لمفهوم القانون العام والانتقال منه إلى الحكم على الحالات الخاصة. (عكس الإستقراء). مثل قولنا كل طلاب الصف مجتهدون , إذن استنتج أن هذا الطالب في هذا الصف مجتهد .

هذا هو المقصود بمفهوم التفكير فماذا يقصد بمفهوم الاقتصاد ؟ يمكنا ان نعرف الاقتصاد بأنه دراسة كيفية تخصيص أو توجيه الموارد النادرة لإنتاج سلع وخدمات مختلفة لتحقيق أقصى إشباع لرغبات المجتمع المتعددة..او بمعنى آخر هو ذلك العلم الذي يبحث في مفهوم الندرة النسبية ، فهذا المفهوم يوضح كيف أن الرغبات و الأمنيات و الاحتياجات دائما ما تكون أكثر من الموارد و الامكانات لذا فان علم الاقتصاد يبحث في مدى تعظيم و تحقيق اكبر استفادة ممكن من هذه الموارد سواء على مستوى الفرد او المجتمع و العلم على تقليل اثر المشكلة الاقتصادية .

يمكنا ان نعرف الاقتصاد بأنه دراسة كيفية تخصيص أو توجيه الموارد النادرة لإنتاج سلع وخدمات مختلفة لتحقيق أقصى إشباع لرغبات المجتمع المتعددة

ومما سبق ذكره فإننا نجد مدى الترابط والتناغم بين المفهومين و مدى احتياجنا لترسيخ مثل هذه المفاهيم في مجتمعاتنا ؛وخاصة في ظل مرور العالم بالمرحلة الأولى لمراحل التعافي من آثار الأزمة الاقتصادية و يمكننا من المفاهيم السابقة استخلاص ماذا يعنى مفهوم التفكير الاقتصادي ؟ فهو ذلك المفهوم الذي يرتبط بإيجاد صور عقلية وأحكام عامة ترتبط بدراسة كيفية تخصيص او توجيه الموارد النادرة لإنتاج سلع و خدمات و افكار مختلفة لتحقيق أقصى إشباع لرغبات المجتمع المتعددة .

ولو نظرنا لخصائص التفكير و المشكلة الاقتصادية نجد انهم يكادوا يكونوا متوافقين فيما بينهم فيمكننا ان نصف التفكير بالأصالة و الطلاقة و المرونة و الحساسية للمشكلة ام المشكلة الاقتصادية فتتصف بالعامة و الدائمة وصعوبة الاختيار و التخصيص للموارد ، لذا فإننا نجد أن خصائص التفكير تتقابل مع خصائص الاقتصاد حيث ان المشكلة الاقتصادية تتصف بالعامة فيجب أن يقابلها أصالة و طلاقة فى التفكير ، كما ان المشكلة الاقتصادية تتسم بالدائمة والتي يقابلها خاصية المرونة فى التفكير حتى تستطيع ان نواكب المتغيرات التي تحيط بالمشكلة مهما اختلف الزمان او المكان ، وام سمة الصعوبة بالاختيار و التخصيص للموارد في الاقتصاد فنجد انها تقابلها تفكير قادر على الاحساس بالمشكلة و ماهية خصائصها والقدرة على فراز عدد من الحلول المبتكرة لتخصيص هذه الموارد .

ومما سبق يمكنا استنباط خصائص التفكير الاقتصادي هي تتمثل فيما يلى :-

· الأصالة و طلاقة التفكير لمواجهة مشكلة اقتصادية عامة بفكر واعي و قادر على استيعابها .

· إنتاج أفكار مرنة لمواجهة مشكلة اقتصادية تتسم بالدائمة بشكل يجعلنا قادرن على مواجهة أي متغيرات طارئة سواء ناتجة من اختلاف الزمان أو المكان.

· حساسية التفكير تجاه المشكلة مما تساعدنا في القدرة على اختيار و تخصيص الموارد المتاحة في ظل الرغبات المتزايدة وللانهائية .

وخلاصة القول بان المجتمعات و الأفراد التي تمتلك القدرة على التفكير الاقتصادي يجعلها قادرة على خلق فكرا اقتصاديا سليما ، فإنها تستطيع تقديم حلول اقتصادية مبدعة و مبتكرة لمواجهة الأزمات والمشاكل الاقتصادية ، مما تعظم الاستفادة بمواردها مقابل حجم الرغبات اللانهائية لها فإنها بتلك الملكة والموهبة ستحقق الفارق و تهزم المستحيل .
 

مستشارمالى و باحث اقتصادى

ahmeedsherif@yahoo.com


 

مواضيع ذات صلة :