اقتصاد عالمي نُشر

الاتفاق النووي قد يعني تدفق المزيد من النفط الإيراني… ولكن ليس قبل نهاية العام

 
: توصلت إيران والقوى العالمية الست أمس الأول إلى اتفاق إطاري للحد من برنامج طهران النووي قد يسمح للجمهورية الإسلامية في النهاية إلى استعادة قوتها في سوق النفط العالمية.. لكن الاتفاق يعني ضمنيا أن ذلك لن يحدث قبل العام المقبل.
فمع الإبقاء على العقوبات دون تغيير، إلى أن تطمئن القوى الغربية بالتزام طهران بشروط الاتفاق، وإمهال المفاوضين حتى 30 يونيو/حزيران لإبرام اتفاق شامل، فإن الاتفاق المبدئي لا يتيح فرصة تذكر لأي زيادة كبيرة في الصادرات حتى 2016.
وهبط سعر مزيج برنت الخام خمسة في المئة أمس الأول إلى 54 دولارا للبرميل، تحسبا للتوصل إلى اتفاق قد يسمح لإيران بالبدء في بيع المزيد من الخام في غضون أشهر. لكن ما أن بدأ المتعاملون يمعنون التفكير في توقيت دخول المزيد من النفط الإيراني للسوق حتى تجاوز برنت 55 دولارا للبرميل في نهاية المعاملات.
وقال بوب مكنالي، رئيس مجموعة «رابيدان غروب» لأبحاث الطاقة والمستشار السابق للرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش ان التحقق من التزام إيران، التي كانت ذات يوم خامس أكبر منتج للنفط في العالم، سوف «يستغرق شهورا على الأرجح بعد التنفيذ الذي قد يتم بدوره بعد الموعد المستهدف في 30 يونيو.»
واتفق معه في الرأي جيسون بوردوف، المدير المؤسس لمركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا والمستشار السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما. وقال بوردوف «سيستغرق الأمر بعض الوقت لعودة النفط الإيراني إلى السوق العالمية ومن المرجح ألا يعود قبل 2016 على أقرب تقدير.»
وقد يكون تأخر تأثير الاتفاق نبأ سارا للسعودية والعراق وغيرهما من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» الذين كانوا يخشون تعافي الإنتاج الإيراني سريعا بما قد يزيد من الضغط على أسعار النفط التي هبطت إلى النصف منذ الصيف الماضي بسبب تخمة المعروض.
غير أن ذلك قد يتمخض عن صيف صعب. ذلك أن «أوبك» ستعقد اجتماعها في الخامس من يونيو/حزيران وهو أول اجتماع لها منذ أن قررت في نوفمبر/تشرين الثاني الإبقاء على مستوى الإنتاج دون تغيير رغم هبوط الأسعار.
في الوقت نفسه يرتفع الطلب العالمي بوتيرة أسرع من المتوقع ويتباطأ نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي سريعا بما يزيد من الغموض الذي يكتنف السوق.
ويقول جيم ريتربوش، محلل شؤون النفط «هذا الاتفاق المبدئي سيلقي بظلاله على… سوق النفط بقية الربع الحالي.»
 
* العقوبات قد تعود من جديد
 
قال بيان يحدد ملامح خطة العمل التي أصدرتها إيران والقوى العالمية في سويسرا ان العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي التي عرقلت تصدير نحو 1.5 مليون برميل يوميا من النفط الإيراني منذ أوائل 2012 لن يتم تجميدها، إلا بعد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن إيران «اتخذت جميع خطواتها الرئيسية المتعلقة بالملف النووي.»
وأضاف البيان «إذا تقاعست إيران عن الوفاء بالتزاماتها في أي وقت سيعود سريان العقوبات من جديد.»
كان معظم خبراء السوق قالوا إنهم يراهنون على زيادة الصادرات الإيرانية بما يتراوح بين 200 ألف و600 ألف برميل يوميا في غضون ستة أشهر من تخفيف العقوبات. وقال تيم بورسما القائم، بأعمال مدير مبادرة أمن الطاقة والمناخ في مؤسسة «بروكنغز»، ان إيران يمكنها ضخ 500 ألف برميل يوميا في غضون 90 يوما.
لكن التعافي التام للإنتاج يعتبر مستبعدا قبل النصف الثاني من 2016، نظرا لأن الحاجة تدعو لضخ استثمار جديد من أجل تحديث الحقول. وحتى ذلك قد ينطوي على قدر من التفاؤل.
وقال محللون لدى «إنِرجي أسبكتس» في مذكرة أمس الأول «من المستبعد أن يبدأ تخفيف العقوبات قبل ما يتراوح بين ستة أشهر إلى عام على الأقل حتى بعد توقيع اتفاق في يونيو.»
ولم يتضح ما إن كان المشترون المحتملون قد يبدأون مبكرا في زيادة مشترياتهم رهانا منهم على استبعاد معاقبة واشنطن والقوى الأوروبية لهم بسبب انتهاك عقوبات أوشك إلغاؤها.
ويقول مايكل كوهين، رئيس أبحاث السلع الأولية في قطاع الطاقة لدى «باركليز»، انه حتى قبل الاتفاق كانت إيران تتجه لتصدير 300 ألف برميل إضافي يوميا في الأشهر المقبلة معظمها إلى الهند.
غير أن التخوف من رد فعل واشنطن ومن القيود الأوروبية الصارمة التي يحد من إمكانية التأمين على الناقلات سيحول على الأرجح دون التحرك المبكر من شركات تكرير مثل «بتروتشاينا» و»هندوستان بتروليوم» اللتين قالتا إنهما تتطلعان لشراء المزيد من الخام من إيران.
ولكن فيما بعد هذا العام فإن الانفراجة قد تغير دور طهران جذريا في سوق النفط العالمية.
فعلى مدى معظم السنوات الثلاث الأخيرة كانت العقوبات الصارمة عاملا داعما لتحليق أسعار النفط قرب 100 دولار للبرميل.
وقال تريفور هاوزر، الشريك لدى «روديوم جروب» الاستشارية «في حين سيستغرق تعافي صادرات الخام الإيرانية بعض الوقت – حتى وإن التزموا (الإيرانيون) التزاما كاملا بشروط الاتفاق – فإن الإعلان الجديد يحد بشكل أكبر من فرص ارتفاع الأسعار في سوق النفط العالمية التي تشهد حاليا وفرة في المعروض».
وفيما يلي المزيد من ردود الأفعال على الاتفاق:
*تيم بورسما القائم بأعمال مدير أمن الطاقة والمناخ في مؤسسة «بروكنغز للأبحاث قال أنه يوجد بعض التوافق في الرأي على أن إيران يمكنها خلال 90 يوما بعد تخفيف العقوبات ضخ كميات كبيرة من النفط الخام في السوق وان التقديرات تبلغ نحو 500 ألف برميل يوميا.
وإضافة إلى ذلك ترددت تقاير عن نحو 30 مليون برميل من الخام يجري تخزينها في إيران ويمكن إطلاقها في السوق.
 
*أمريتا سين، كبيرة محللي النفط في مؤسسة «إنِرجي أسبكتس»، ترى
 
ان صادرات إيران قد ترتفع من 1.1 مليون برميل يوميا إلى 1.4 مليون في الربع الثاني من عام 2015 مع استئناف الهند عمليات الشراء، وان مشترين آخرين قد يزيدون أيضا وارداتهم. ولكن بخلاف ذلك لن يكون أثر أي اتفاق مع إيران حتى إذا تم التوصل إليه في اواخر يونيو/حزيران ملموسا في عام 2015 على الإطلاق.
*إليزابيث روزنبرغ، المستشارة السابقة في وزارة الخزانة الأمريكية، والمديرة الحالية لبرنامج أمن واقتصادات الطاقة في مركز الأمن الأمريكي الجديد، ترى ان نجاح المفاوضات في الوصول إلى هذا المستوى المهم يعد دلالة قوية على أن كميات إضافية من النفط الإيراني ستتدفق إلى السوق..ليس على الفور ولكن حتى يتوصل الخبراء الفنيون لاتفاق بشأن آلية رفع العقوبات عن تجارة الطاقة وشحن الطاقة ومسائل التأمين وإعادة التامين والتعاملات المالية. ولا ينبغي أن يتوقع التجار تدفقات فورية من النفط الإيراني إلى السوق.
* يقول إدوارد شو، خبير الطاقة لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، انه إذا مضت المحادثات قدما مع إيران فمن المرجح أن نرى بعض التخفيف في العقوبات، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الإمدادات في السوق بنحو نصف مليون إلى مليون برميل في وقت لاحق هذا العام.
وبرأيه فانه لا يوجد ما يدفع أسعار النفط للصعود إذا استمرت المحادثات، وربما يكون هناك سبب لإطالة أمد الهبوط الحالي في مستويات الأسعار إذا بدأت إيران ضخ مزيد من النفط في السوق وبصفة خاصة في النصف الثاني من العام. 

 

مواضيع ذات صلة :