"أبل"، "سامسونج"، "إل جي"، "موتورولا"، "سوني" وغيرها من الشركات، مدفعية ثقيلة للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، تستعد لمهاجمة المنطقة المقدسة في سويسرا، التي تجلب لها 25 مليار فرنك (27 مليار دولار) سنويا وتوظف عشرات الآلاف من الأشخاص.
أدى ظهور الساعات «المتصلة الموصولة بالإنترنت» إلى توجه كل العيون إلى بلد الساعات القديمة والجديدة أيضا، وإلى عصفورها الشهير في "ساعات الكوكو".
الأوساط الصناعية، والاقتصادية والمالية كافة تسأل هنا: هل سويسرا في خطر حقيقي، هل ستختفي ساعاتها في أقرب وقت أمام الـ "آي ووتش"؟ هل ينبغي على البلاد الخوف من هذه الموجة من الساعات الإلكترونية؟ أم ينبغي عليها الشعور بالسعادة؟ وما وزن الساعات السويسرية التي تواجه "أبل" العملاقة و"سامسونج"؟ وماذا ستفعل بلاد الساعات؟ يمكن أن نرى هنا الأمر بصورة أكثر وضوحا، وإن كان قليلا.
أفضل تجل للمخاوف، يبرز من رسم كاريكاتيري سويسري يظهر فيه "عصفور الكوكو" يخرج من صندوقه هلعا، عيناه جاحظتان، ريشه منتوفا، على وشك السقوط من منصته، دون أن يقدر إطلاق نغمته الشهيرة التي تعلن التوقيت.
بعد نحو أسبوعين من الكاريكاتير، قال مسؤول كبير في صناعة الساعات، لا نريد للكوكو أن ينتف ريشه ونحن نعمل على إنقاذه، في إشارة واضحة إلى هذا الرسم الكاريكاتيري.
وفقا للاقتصادي السويسري، ديفيد تالرمان، فإن سويسرا قد خسرت فعلا، من ناحية عدد إيداع العلامات التجارية، التي قدمتها "سواتش" مقارنة بـ"آي ووتش" التي أصدرتها "أبل".
حول "آي ووتش"، قال لـ "ايجبت نيوز" جان- كلود بيفير، راعي ساعات شركة "إل في إم إتش"، لا يمكن أن تنتهي الساعات في سويسرا، "نعم أنا شخصيا أعتقد أنه قد يكون هناك تهديد حقيقي للصناعة من جانب شركة "أبل"، لكن سويسرا لم تقف مكتوفة الأيدي، وها هي نزلت بساعاتها المتصلة أيضا".
وفي الواقع، فإنه إضافة إلى شركة "سواتش" وشركة "فيستينا"، أظهرت شركتا "تيسو" و"تاك هويير" أنيابهما في معرض بازل العالمي للساعات للعام الحالي، إذ أطلقت هذه الشركات هجوما مضادا لعمالقة التقنيات العالية في صناعة الساعة المتصلة.
كانت الأولى "سواتش" ثم "فستينا" وستطلق الشركتان الأخريان ساعاتهما المتصلة قبل نهاية العام الحالي.
من بين 200 ساعة معصم مصنعة في العالم هناك واحدة فقط من صنع سويسري.
مع ذلك أثارت شركة "تاك هيور" مشكلة "صنع في سويسرا" ما يتعلق بالساعة المتصلة، فبعض المسائل الإلكترونية لا يمكن إنتاجها في سويسرا 100 في المائة.
لعل سرعة دخول قطاع صناعة الساعات السويسري ميدان الساعة المتصلة آت من رغبة في عدم تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكبه في السبعينيات، عندما أهمل منافسة ساعات "الكوارتز" اليابانية المصنوعة من البلاستيك.
وهكذا، أسرع في نهاية السبعينيات ثلاثة سويسريين (إرنست ثومكي، جاك مولر، المار موك) بتأسيس شركة "سواتش" لصنع ساعة اقتصادية بلاستيكية تنافس نظيرتها اليابانية التي أبهرت الكثيرين لرخص ثمنها وخفتها، ونجحت الشركة في مهمتها.
منذ ذلك الحين، لا تزال "سواتش" تكنى في سويسرا بـ "الشركة التي حولت البلاستيك إلى ذهب".
موش المار، أحد مؤسسي "سواتش"، قال لـ "ايجبت نيوز": "قبل الحديث عن الساعة المتصلة لا بد الحديث عن الساعة العادية، إذ إن سويسرا فقدت بالفعل معركة ساعة المعصم التقليدية، فمن بين 200 ساعة معصم مصنعة في العالم، هناك واحدة فقط من صنع سويسري".
لكنه يشير من ناحية أخرى، إلى أن الأرباح التي يتم تحقيقها من هذه الساعة الوحيدة هي أكبر من مجموع أرباح الساعات الـ 199 الأخرى.
يضيف: "على هذا الأساس، نحن انتصرنا في حرب المال … وإذا أخفقت الساعة المتصلة في أن تقتل الساعة الميكانيكية، وهذا ما نتوقعه بشكل شبه مؤكد، فسنواصل كسب الحرب في ميدان الساعة التقليدية، ونبقى نشاغل في ميدان الساعة المتصلة، وهي فرصة رائعة لم تضع منا حتى الآن".
وكان رئيس شركة "سواتش"، نيكولا حايك قد قال في وقت سابق: "لا تزال هناك الكثير من المعاصم ينبغي أن نقهرها".
وأشار أن 30 في المائة فقط من الأمريكيين يلبسون ساعة، بالتالي هناك نمو قوي محتمل لهذه الصناعة، سواء كانت الساعة متصلة أم لا، ليس مهما.
أما الآن، وفي آخر تصريح له، قال، حايك: "بعد وصول الساعة المتصلة سيساعدنا هذا على إقناع المزيد من الناس، خاصة الشباب، على ارتداء ساعة تقليدية في المعصم بعد أن يتخلوا عن الساعة المتصلة، مثلما هو متوقع … هذه هي القضية الحقيقية".
الانطباع السائد هنا عموما أنه ليست العلامات السويسرية هي التي ستتولى القيادة العالمية للساعات المتصلة، لكن هذا لا يعني أن بلاد الساعات التقليدية لن تدخل المهمة الإبداعية والتقنية للساعات المتصلة بقوة، ولا يعني أيضا أنها لن تحقق أرباحا من هذه الساعات.
يقول صناع الساعات السويسريون إنهم لا يخشون منافسة الساعة المتصلة، فالسوق ليست هي نفسها، والجمهور المستهدف ليس نفسه، وفي النهاية، إذا نما افتتان العالم بالساعات المتصلة، فالجميع يمكن أن يتنافس في اللعبة، بما في ذلك سويسرا.
عناصر الأجوبة على القدرة التنافسية لسويسرا في صناعة الساعات لن تأتي قبل ما لا يقل عن عام واحد في الأقل، وحتى أكثر.
ويقول المعنيون هنا إنه ينبغي انتظار مبيعات "أبل" ليس في شهورها الأولى، بل لفترة أطول، ثم نرى كيفية تفاعل الناس مع الساعة المتصلة، فهؤلاء هم الذين سيحددون حجم إقبال الجيل المقبل عليها … وعندها يمكن تحديد الرابحين والخاسرين، أو معرفة ما إذا كان الجميع سيخرج رابحا.
