اقتصاد يمني نُشر

أول عاصمة مهددة بنضوب المياه فيها ... مياه حوض صنعاء على طاولة الحوار ، بين المشكلة والحل

تصنف اليمن كأحد أشد بلدان العالم فقرا بالمياه، حيث أضحت الكثير من القرى والمدن والأحواض اليمنية تأن تحت وطأت الأزمة المائية، وحوض صنعاء الذي تقدر  مساحته بـ3200 كم مربع وبتعداد سكاني يقدر ب 2.3 مليون نسمة في كلا من أمانة العاصمة والثمان المديريات المحيطة بها يأتي في مقدمة تلك الأحواض التي باتت مهددة بالنضوب حيث تصنف العاصمة صنعاء كأول عاصمة مهددة بنضوب المياه على مستوى العالم.

المشكلة المائية في هذا الحوض لها العديد من الأوجه أبرزها هو ذلك الاستنزاف الرهيب للمياه الجوفية بمعدلات سحب سنوي تفوق معدلات التغذية ب 150% حيث يتم سحب قرابة 280 مليون متر مكعب سنوياً من مياه الحوض يذهب معظمها بنسبة 82 % للاستخدام الزراعي لمحاصيل القات والأعناب بدرجة رئيسية، مؤديا إلى هبوط حاد في مناسيب المياه الجوفية بمعدل 6م سنويا، كان للحفر العشوائي الدور الكبير في تفاقم تلك الأزمة حيث يوجد أكثر من 14000 بئر مياه جوفي معظمها تم حفره بطرق عشوائية.

مشروع إدارة مياه حوض صنعاء الذي أنشئ للتخفيف من حدة هذه الأزمة وإطالة عمر مخزون المياه الجوفية في الحوض وتعزيز البناء المؤسسي والتنظيمي والقانوني وكذلك تعزيز مبدأ اللامركزية في إدارة مياه الحوض عبر تفعيل المشاركة الشعبية قطع مرحلته الأولى التي امتدت ما بين 2004-منتصف 2010 مسجلا العديد من الإنجازات النوعية والكمية عبر تطبيق عدد من الأدوات الفنية والاقتصادية والتقنية والاجتماعية والتنظيمية التي من شأنها بلوغ التكامل في إدارة مياه الحوض.

حيث إستعرض المشروع تحت شعار (جهود مستمرة وتستمر الحياة) في معرض الصور الذي أقامه في الفترة بين 08 إلى 10 من فبراير 2010 تلك التجارب الرائدة والناجحة، فعلى سبيل المثال يقول م.عبدالخالق علوان أنه في مجال إدارة الطلب على المياه وترشيد الاستهلاك تمت تغطية أكثر من 1521 هكتار بشبكات الري الحديث وقرابة 2504 هكتار بشبكات النقل والتوزيع وتركيب أكثر من 58 بيت للزراعة المحمية وثلاثة مشاتل لأشجار اللوز ذات الاستهلاك المائي الأقل والمردود الاقتصادي الأعلى بطاقة إنتاجية تبلغ أكثر من 80000 شتلة سنويا، حيث بلغت الوفورات المائية من هذه الأنظمة قرابة 17 مليون متر مكعب سنويا، ناهيك عن الفوائد الاقتصادية المباشرة التي تحققت للمزارعين عبر انخفاض تكاليف التشغيل والصيانة وارتفاع كمية وجودة المحاصيل وبجهد أقل.

كما تم على صعيد إدارة العرض على المياه وتحسين تغذية المياه الجوفية إنشاء سد جديد وصيانة وتأهيل عشر سدود قائمة كانت مهددة بخطر الانهيار في مختلف مناطق الحوض وكذلك تنفيذ عشر برك لحصاد مياه الأمطار وإنشاء 74 حاجز تهدئة لتدفق مياه السيول وأكثر من 5000م جابيونات لحماية ضفاف الأودية بوادي قرضة مديرية بني حشيش.

وعلى مستوى البناء المؤسسي عمل المشروع على تنظيم وتأهيل 58 جمعية مستخدمي مياه فنيا ومؤسسيا عبر العديد من البرامج التدريبية الداخلية والخارجية وتزويدها بمقرات مؤثثة ومجهزه لضمان مشاركتها الفاعلة في إدارة مياه الحوض، حيث بات المجتمع المحلي اليوم ممثلا بتلك الجمعيات يشارك في عملية التخطيط وتنفيذ البرامج والخطط المائية وأصبحوا بات قاب قوسين أو أدنى من تشكيل إتحاد جمعيات مستخدمي مياه حوض صنعاء.

رفع الوعي المائي الذي استهدف المجتمع المحلي وصناع القرار كان الرديف المستمر لكل تلك الأنشطة حيث عمل هذا المكون في المشروع على تغيير تلك السلوكيات والمفاهيم الخاطئة عند استعمال المياه في كافة مجالات الاستخدام.

المشروع أيظا تبنى في مرحلته الأولى العديد من الإجراءات التي هدفت الى التخفيف من الآثار السلبية على النظم البيئية المختلفة حيث نفذ المشروع العديد من الأنشطة التي هدفت بشكل كبير الى التعامل مع قضية اعادة استخدام المياه العادمة في الزراعة وكذلك الادارة السليمة لاستخدام الاسمدة والمبيدات الكيميائية ومراقبة الآثار المترتبة على نوعية مياه الحوض.

تلا ذلك استعراض تلك التجربة الرائدة للمشاركة المجتمعية من قبل الأخ/ محمد حجازي رئيس جمعية مستخدمي المياه بالمحجل مديرية بني الحارث الذي عرض التجربة الناجحة لجمعيته، التي حققت في أقل من عامين العديد من الإنجازات أثمرت العديد من الفوائد الاقتصادية والاجتماعية على المزارعين بدرجة أولى.

المهندس/ سالم باشعيب رئيس الهيئة العامة للموارد المائية أشاد في كلمته التي ألقاها باسم وزارة المياه والبيئة بالمشروع وإنجازاته في المرحلة الأولى منه، كما أكد السيد/ يوشي كوربا ياشي مشرف المشروع من هيئة التنمية الدولية على ضرورة تعميم هذه التجربة الناجحة في بقية الأحواض.

المهندس/ صالح الضبي مدير عام مشروع إدارة مياه حوض صنعاء أكد في كلمته التي القاها على ضرورة استمرار المرحلة التالية من المشروع لضمان ديمومة واستمرارية وتوسع استخدام نظم الري الحديثة ولضمان ديمومة تلك المشاركة الشعبية التي مازالت بحاجة الى شريكها الرسمي.

حيث قال إن ضرورة تنفيذ المرحلة التالية من المشروع ليست من أجل مشروع إدارة مياه حوض صنعاء كجهاز بشري وإداري ولكنها من أجل الحفاظ على ما تبقى من مخزون المياه الجوفية في الحوض.

في الختام تجول المشاركون عبر المعرض الذي حوى الكثير من الصور والفلاشات التوعوية المرئية التي جسدت تلك المشكلة المائية وتلك الجهود المبذولة للتخفيف منها.

 


 

مواضيع ذات صلة :