حوارات نُشر

الخامري: المسئولون يستغلون البلد وأموالهم في الخارج تفوق ميزانية اليمن

بصراحة وشفافية طرحه المعهود وانتقاده البناء للوضع الاقتصادي اليمني تحدث رجل الأعمال توفيق الخامري عن تداعيات ما آل إليه الشارع اليمني والحلول الكفيلة للخروج منه وتأثيراته على المشهد
الاقتصادي اليمني وقضايا أخرى ..
 
 
 
ما هي تأثيرات الأحداث السياسية القائمة على الاستثمار والوضع الاقتصادي في اليمن؟
الوضع الحالي في اليمن خطير جدا، وضع يؤدي إلى تدهور استثماري واقتصادي كبير،‮ ونحن نرى أن الدولة غير مركزة على الجانب الاقتصادي والتنموي والاستثماري فهي مركزة على المعسكرات وزيادة الجيوش واستعراض العضلات والقوة وهذا شيء محزن جدا،‮ أنا أشكر الأخ الرئيس على المبادرة الأخيرة التي يمكن أن تدرس من المعارضة، ولكنني أتمنى من الأخ الرئيس اتخاذ إجراءات وخطوات عملية بسرعة لأن الناس ملوا من الخطابات والمحاضرات،‮ الناس تريد أن تلمس إجراءات عملية تلامس واقعهم خاصة رجال الأعمال والقطاع الاقتصادي؛ فنحن خسائرنا كبيرة جدا،‮ وأنا هنا أتحدث عن رجال الأعمال الحقيقيين ودعك من تجار القوت أو تجار الموت الذين الآن يخزنون السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية،‮ فهذه الأحداث بالنسبة لهم فرصة في ظل غياب الرقابة من الدولة لكسب المليارات ونحن نعتبرهم تجار حروب وكأن ما يحدث غنيمة.
 
هل تأثر القطاع السياحي بما يحدث في الساحة السياسية؟
بالتأكيد القطاع السياحي تأثر بشكل كبير،‮ فالفنادق دمرت تدميرا كاملا وخسائره بلغت مئات الملايين من الدولارات, ونحن في الشركة اليمنية للفنادق والاستثمار السياحي لوحدنا خسرنا حوالى 26 مليون دولار حتى العام الماضي،‮ ورغم هذا الدولة لم تعر هذا أدنى اهتمام ومناقشة الوضع المتدهور الذي يتعرض له القطاع السياحي، على الأقل تتحاور معنا حول ماذا يمكن أن تقدم لانتعاش هذا القطاع،‮ بالعكس فالدولة في وادٍ آخر، سوء إدارة مدمرة للقطاع الخاص والمستثمرين، فلا يوجد اهتمام بالاستثمار والمستثمرين.
 
يقال إن رجال الأعمال لا يبالون بهموم المجتمع.. ما تعليقكم؟
أولاً نحن يجب أن نفرق بين رجال الأعمال الحقيقيين وبين المسئولين الذين دخلوا في ممارسة التجارة؛ فالآن أصبح أغلب المسئولين أكبر رجال الأعمال وأكبر الأثرياء في البلاد؛ فهناك مسئولين وأبناء مسئولين يمارسون التجارة وأصبحت سمعة اليمن سيئة جدا بسببهم، واستغلوا سلطاتهم ونفوذهم وحولوا مؤسسات الدولة وثرواتها إلى ملكية خاصة لهم، ولم يحاسبوا نهائيا؛ بل بالعكس أصبح المسئولون الصغار يقلدون الكبار ويمارسون التجارة، تجار مستغلون ومهربون للمشتقات النفطية ومواد غذائية وهم معروفون من السابق، كانوا يأكلون الدعم بمليارات الدولارات بحماية مسئولين في الدولة، والآن ما زالوا يستغلون دعم المشتقات النفطية والمواطن لا يستفيد منها نهائيا والمستفيد منها هؤلاء المسئولون الفاسدون والتجار،‮ وهناك قطاع خاص وطني يهتم بالتنمية والمجتمع وهم جزء من المجتمع يشغل أيدي عاملة ويساهم في الهيئات والمؤسسات التي تخدم المجتمع، فيجب أن نعمل تقييما للقطاع التجاري والاستثماري.
 
ما يحدث نتيجة تراكمات للممارسات السيئة من قبل المسئولين؟
نعم المواطن هو الضحية فأنا لا ألوم من يتظاهرون، بالعكس أنا مع المظاهرات السلمية وليس مظاهرات البلطجية والذين يدفع لهم أموال من أجل التخريب لضرب البلد.. وهذه نحن ضدها وضد أى أعمال تضر بمصلحة البلد،‮ من المستفيد من أعمال البلاطجة والذين ينزلون للشوارع بالأسلحة والرشاشات؟ هؤلاء هم من سيدمرون النظام والبلد،‮ فنحن مع الطلاب ومطالبهم المشروعة الذين فاض بهم الكيل لأنهم أصبحوا فقراء وضحية الدولة التي لم تهتم بهم ولم تلتفت إليهم لأنها مشغولة بأمورها الخاصة.
 
تقصد أنها مشغولة بزيادة ثرائها؟
بالطبع، أنا أقول إنه لا يوجد نظام ولا دولة في اليمن بالمعنى الحقيقي،‮ نريد ممارسة الدولة ولا نريد الدولة أن تتحول إلى ملكية خاصة وأن تختصر في أفراد،‮ الآن الدولة اختصرت في أشخاص معينين مسيطرين على الدولة والثروة والجيش، بينما أبناء اليمن وجميع مناطقها لا يشاركون في بناء الدولة؛ على الرغم من أن لدى اليمن كوادر قادرة على بناء الدولة وناجحين في إدارة مؤسسات دولة كبيرة ولكنهم منبوذون.
 
ممن هم مستبعدون؟
النظام والسلطة لا يريد إلا الأهل والأقارب والأصهار والأنساب والأصحاب ونسوا 25 مليونا من أبناء اليمن المتعلمين خريجي الجامعات والمثقفين،‮ لدينا شباب يستطيع أن ينهض باليمن لكن تمارس ضدهم المناطقية والطائفية وأقصوا من جميع المناصب لا لشيء لأنهم فقط من منطقة معينة، وأنا هنا لا أقصد منطقة لوحدها بل من جميع مناطق اليمن،‮ الظلم والجور هو الموجود في اليمن مثلنا مثل تونس،‮ أنا معك في أنه يوجد عندنا نوع من الديمقراطية لكن أنا لا أعتبر الشتم والقذف في الصحافة ديمقراطية.
 
ماذا تعني؟
أنا أريد أن تتجه الدولة إلى التنمية بدلاً من زيادة المعسكرات ورصد الميزانيات الكبيرة لشراء الأسلحة؛ لأن كل صفقات شراء الأسلحة تذهب إلى الأنساب والأصهار والمقربين من السلطة وكل المناقصات عبارة عن 50% فوائد،‮ وأنا أتحدث بشفافية في هذا الموضوع فيجب الانتقال إلى النقد البناء إذا أردنا أن ننهض باليمن أما عندما نقول إن كل شيء على ما يرام فهذا غلط.
 
ألا يوجد نص قانوني يحرم ممارسة التجارة على رجال السياسة؟
أعتقد أن هذا الأمر موجود في الدستور ولكن المسئولين لا يحترمون الدستور والقانون والنظام.. لماذا؟ أهداف الثورة تمنع الطائفية والمناطقية وتمنع استغلال السلطة لأغراض شخصية وهؤلاء أثروا ولديهم أموال أستطيع أن أؤكد أنها أكبر من ميزانية الدولة الموجودة في البنك المركزي.. عندهم عشرات المليارات من الدولارات في الخارج بسبب الفساد والنفوذ،‮ النظام والقانون يحرّم هذا ولكن من يحترم القانون؟ أصبح في اليمن من يحترم القانون يعتبر ضعيفا ومن يستخدم البلطجة والقوة والارتزاق يعتبر من المقربين،‮ إنها أزمة قيم وأخلاق في اليمن لم نعهدها من قبل في المجتمع اليمني،‮ أنا كرجل أعمال استطيع أن أدخل في هذا الفساد وأعمل ثروات كبيرة لكن لدي مبادئ وقيم أؤمن بها،‮ ولهذا تحملنا خسائر كبيرة جدا.
 
ما المخرج من هذا الوضع؟
لدي أمل في أن المسئولين قبل أن يخافوا من الشعب يخافون من الله لأنهم إذا لم يخافوا من الله فإن النهاية ستكون وخيمة جدا،‮ وأتمنى من بعض العلماء الذين أسميهم علماء السلطة أن يعودوا إلى صوابهم وأن يتقوا الله وينصحوا السلطة بنصائح حقيقية.
 
كيف تقيم مبادرة العلماء لحل الأزمة بين السلطة والمعارضة؟
أنا أعتبر أن العلماء ومبادرتهم في وادٍ والسلطة في وادٍ آخر،‮ فعلماء السلطة يتكلمون عن مصالحهم الخاصة أكثر من المصالح العامة،‮ ولكني لا أتمنى أن أرى بلادي مثل تونس ومصر.
 
أترى أن المعارضة وبرامجها السياسية وتوجهاتها البديل الأمثل لإصلاح الأوضاع في اليمن؟
المعارضة الآن رفعت سقف المطالبة بالرحيل و السلطة تريد أن تكون المعارضة موظفة عندها،‮ وهذا غلط،‮ أنا اعتبر المعارضة حتى الآن حكماء لا يريدون الخروج إلى الشارع ويدمرون البلد،‮ لكن الدولة مستميتة على السلطة،‮ لماذا هذه الاستماتة؟ على مر هذه السنوات الماضية أغلب المسئولين تحولوا إلى سكرتاريات مسئولين ضعفاء جدا ولهذا دمرت اليمن؛ فلو كان هناك دولة وإدارة ومؤسسية لا يمكن أن يصل الدولار إلى 220 ريالا،‮ هذا بسبب سوء الإدارة؛ لأن الدولة تحولت إلى مؤسسة خاصة لأشخاص ليسوا مؤهلين،‮ وإنما هم مؤهلون في النهب وسرقة الدولة لكنهم ليسوا مؤهلين في بناء وطن،‮ والى أنهم يعملون مساواة وعدالة وإدارة .. لو كانت السلطة عندها إدارة،‮ صحيح المفروض أنها ترحب جدا بمعارضة قوية لأن المعارضة القوية تخلق حكما قويا لكنهم مع الأسف الشديد لا يعرفون ذلك نهائيا،‮ فهم يهمهم مصالحهم وأسرتهم يجب أن ينظروا إلى حولهم،‮ اليوم الشعب اليمني أغلبيته مل من الفقر والبطالة وسوء الإدارة والاستثمار، فمن هو السبب؟ الحزب الحاكم.
 
ما الذي يجب أن يتخذه حاليا؟
يجب على الحزب الحاكم أن تكون لديه قوة ويعترف ويقول هذه الأسباب،‮ نحن أخطأنا،‮ الخطأ ليس عيبا بالعكس عليهم أن يصححوا أمورهم وأتمنى أن يوجد قطاع خاص،‮ الآن في الحكومة أو على الأقل يكون بيننا شراكة فعلية لكن عندما تعمل مشاريع الهم الوحيد.. كيف أكسب منها،‮ مشاريع خليجي 20 أكبر سرقة في تاريخ اليمن فهي لا تساوي حتى 20 مليار ريال،‮ ففندق القصر الذي بلغت تكلفته 100 مليون دولار لا يكلف 40 مليون دولار ومشاريع أخرى.
 
لكنه تابع للشركة اليمنية الليبية القابضة؟
هذه أموال عامة،‮ هذا قطاع تأمينات قطاع عام،‮ أموال دولة يجب الحرص عليها أكثر من الأشياء الخاصة،‮ ويجب أن تعمل مناقصات عالمية،‮ وليس تكليفا من أجل أن تأخذ أرباحا،‮ ومشاريع الغاز والنفط فيها فساد،‮ هناك ناس لا يجرؤن التحدث في هذا،‮ وأنا أتحدث في هذا الموضوع بكل شفافية ووضوح.
 
من وجهة نظركم ما هي الأولويات في هذه المرحلة؟
الأولويات يجب أن يكون لدى الدولة برنامج وتوجه اقتصادي،‮ أما الآن توجه الدولة فهو توجه فوضوي وعسكري وخطابات،‮ فإذا أرادت الدولة أن تعمل تنمية يتركون «الخبز لخبازه» عندنا في اليمن كوادر، سواء في المؤتمر أو المعارضة أو المستقلين، يستطيعون أن يديروا البلد أفضل إدارة،‮ نستعين بهم أيضا،‮ هناك كوادر في القطاع الخاص تستعين بهم إذا كانوا يديرون بلدانا ومؤسسات عالمية إلا في بلدهم لا ينجحون.
 
لماذا؟
لأن السلطة لم تتح لهم فرصة كما أنها تدمر أي إنسان لديه إمكانيات لأحدث تنمية،‮ السلطة ضد النجاح والتنمية،‮ أتمنى الآن أن يعودوا إلى صوابهم،‮ ويرحموا هذا البلد ويعملوا تنمية حقيقية لأن الشعب اليمني لن يصبر على هذا الجوع والفقر وسوء الإدارة وسوف تكون العواقب وخيمة.
 
بماذا تنصح الحكومة؟
أنا كيمني ورجل أعمال أنصح السلطة وبالذات رئيس الجمهورية أن يعمل حلا لسوء الإدارة القائمة،‮ ولمن حوله الذين عرقلوا اليمن واليمنيين والاقتصاد وكل شيء, ولا اعتقد كما يقولون الناس انه لا يستطيع أن يغير بل هو قادر على هذا وبيده القرار.
 
بماذا تطالب في ظل الأوضاع القائمة لإدارة البلد؟
أطالب بتشكيل حكومة وطنية حقيقية تضم النخبة من الكوادر الموجودة في اليمن من ذوي الخبرات وليس حكومة وطنيه بالاسم ونكرر الأخطاء ونختار من اضعف الشخصيات فهذا لا يجوز إن تحول مؤسسات الدولة ووزاراتها إلى سكرتاريات لبعض المتنفذين هذا لا يمكن أن نقبله.. أنا كرجل أعمال خسرنا ومستعدين أن نخسر ونناضل من أجل هذا, أنا ضد الفوضى واستخدام السلطة والثروة أنا مع أن الناس يتحدثوا بحرية الحرية هي المستقبل ويجب على الدولة أن تكفلها وتحميها إما هذه الفوضى والبلطجة فإنها لن تأتي إلا بالدمار.

أيمكن أن يحارب الفساد خلال فترة وجيز أم أنه بحاجة لوقت للقضاء عليه ؟
اجتثاث الفساد شيء بسيط جدا السؤال هل توجد إرادة سياسية لاجتثاث الفساد ؟ لكنها لا توجد إرادة سياسية فإذا كانت موجودة لرأينا محاكمة واحد من الفاسدين الكبار، لكن يحاكمون الصغار المظلومين، واللصوص الكبار الذين ينهبون ثروات الدولة لا تتخذ ضدهم أى ؤجراءات، بالعكس هؤلاء في مقدمة الصفوف ومن المقربين، وترى الفاسدين والمهربين والذين يحاكمون اليوم عند كبار المسئولين في مكاتبهم يجب تفعيل مؤسسات الدولة وما يسمى بهيئة مكافحة الفساد.. وهي عبارة عن اسم لم تعمل شيء يذكر وإذا عملت شيئا على استحياء والجهاز المركزي للمراقبة والمحاسبة شيء مؤسف ومحزن جدا لم يفعل شيئا بل إنهم يقولون إن المتنفذين يتدخلون في أعمالهم.
 
عن مجلة الاستثمار العدد(36) مارس 2011

 

مواضيع ذات صلة :