حوارات نُشر

أعداد اللاجئين تفوق امكانياتنا ،والانقسام الفلسطيني يخدم الإحتلال

الدكتور أبو بكر القربي

وزير الخارجية اليمني

من الواضح جدا ً أن اليمن باتت متعبة للغاية جراء كثافة تزايد نزوح اللاجئين الصومال على الأراضي اليمنية ، وهو ما يحمل اليمن عبئا ً اقتصاديا ً واجتماعيا ً فوق العادة ، لكن أعداد اللاجئين في تزايد مستمر فعدد الموجودين على الأرض يفوق بأضعاف المسجلين في كشوفات المفوضية العليا لشئون اللاجئين ، وهو ما أفصح عنه معالي الدكتور أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمنية أثناء تحدثه للزميل سليمان الهبوب من مال وأعمال .. هذه مقتطفات :

السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة ... كيف ترون رياح التغيير ؟
من المعلوم أن السياسة والاقتصاد يمثلان طرفا معادلة كل منهما يؤثر ويتأثر بالأخر، وما يشهده العالم اليوم من أزمة مالية واقتصادية خانقة منبعها الولايات المتحدة أكبر اقتصادات العالم بل وربع الاقتصاد العالمي نتجت بالفعل عن سياسات معينة وفي نفس الوقت تؤثر في السياسة الأمريكية، وشعار التغيير الذي تبناه الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما و كان من أسباب فوزه جاء لينقل أمريكا من مرحلة يراها الكثير أنها من أسوأ مراحل مسيرة الولايات المتحدة. ومن خلال قراءتنا لأحاديث الرئيس أوباما قبل وبعد وصوله إلى البيت الأبيض نرى أن هناك تغيراً في سياسة الولايات المتحدة وهذا التغيير يهدف إلى استعادة مكانة أمريكا وترميم صورتها وإنعاش اقتصادها وهذا كله يأتي في مصلحة الولايات المتحدة ولكن ما يهمنا هنا هو رياح التغيير تجاه قضايانا العربية. من الخطوات الملموسة تعيين الرئيس أوباما لمبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل والبدء بمهمته ولكن الأهم مدى الجدية والجهود الفاعلة التي يمكن أن يبذلها الرئيس الجديد لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي والعربي الإسرائيلي باعتباره مسألة جوهرية للاستقرار في المنطقة والعالم. هناك وعود كثيرة أطلقها الرئيس أوباما بانتهاج الدبلوماسية والحوار مع سوريا وإيران وحل الصراع في الشرق الأوسط ونحن نتمنى أن نرى سياسة منفتحة تسهم في إعادة الاستقرار إلى المنطقة.

ماذا عن الشراكة التنموية والدعم للديمقراطية والتعاون المشترك وفيز الأعمال والدراسة؟
لا شك أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر مثلت نقطة تغير في سياسة الولايات المتحدة حيث طغى الهم الأمني على محركات تلك السياسة وبالتالي تأثرت جوانب الشراكات التنموية والتعاون الاقتصادي للولايات المتحدة مع كثير من الدول. ولكن في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة ورغم التحديات الاقتصادية التي ستواجهها نتطلع إلى بل سنعمل على تفعيل التعاون في الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية بما في ذلك دعم برامج التنمية في بلادنا وتسهيل فيز الأعمال وبرامج المنح الدراسية فضلاً عن التعاون في المجال الأمني. أما ما يتعلق بدعم الديمقراطية، فلا شك أن إدارة أوباما لن تكون أقل حماسة في دعم الديمقراطية في العالم النامي، ونحن في اليمن كأحد الديمقراطيات الناشئة خطونا خطوات إيجابية نالت إعجاب الكثيرين ولا شك أن الإدارة الجديدة ستسير في النهج الداعم لهذه التجربة.

وزيرة الخارجية الجديدة.. يقال لها قدم في الخارجية وعين على الرئاسة القادمة .. من خلال خطواتها في الشرق الأوسط وباكستان وأفغانستان .. كيف تقرئون ملامح التغيير لعام 2009 بين اليمن وأمريكا؟
نعلم أن الرئيس أوباما سيسعى لترميم صورة أمريكا التي شوهتها الحروب وبعض الممارسات في إطار الحرب على الإرهاب وخاصة في سجن جوانتنامو ولذلك فقد باشر أوباما خلال أيامه الأولى بتوقيع مرسوم يقضي بإغلاق معتقل جوانتنامو خلال عام ، كما خاطب العالم الإسلامي بأنه سيعمل على احترام المصالح المشتركة للطرفين، كما أعلن أن أفغانستان ستكون الجبهة الأولى للحرب على الإرهاب، ومع وجود السيدة هيلاري كلينتون على رأس الدبلوماسية الأمريكية وإن كانت منافسة أوباما في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي وكان لها وجهات نظر مختلفة تجاه عدد من القضايا الدولية، فأعتقد أن خطواتها لن تخرج عن النهج المرسوم للسياسة الجديدة، وبالنسبة لملامح التغيير للعلاقات بين اليمن والولايات المتحدة وخاصة في مكافحة الإرهاب، فنحن نتطلع إلى تعاون أكثر جدية وفاعلية، ومن جانبنا نعمل لإعداد برنامج تأهيلي لاحتضان اليمنيين العائدين من معتقل جوانتنامو خاصة وقد كان لنا السبق في برامج المناصحة والتي أعطت نتائج طيبة في الفترة السابقة، وبطبيعة الحال فإن إمكانياتنا المتواضعة بحاجة لدعم وتعاون الجانب الأمريكي حتى ننجح في ذلك.

ماذا عن استقرار القرن الأفريقي؟ ثم وضع اللاجئين في اليمن؟
في الحقيقة، من الطبيعي أن يكون لنا دور في القرن الأفريقي بحكم القرب الجغرافي وبحكم انعكاسات ما يحدث هناك على بلادنا، والحقيقة الأخرى أننا في اليمن البلد التي تسعى إلى استقرار الصومال دون أن يكون لنا أي أجندات أو مصالح ضيقة. على مدى السنوات الماضية سعت بلادنا للتقريب بين الفرقاء الصومال ودعمنا جهود المصالحة واتفاق جيبوتي، والآن نؤيد وندعم شيخ شريف كرئيس للصومال ونتمنى أن يتمكن من إشراك ما تبقى من إطراف صومالية معارضة إلى عملية المصالحة ومن ثم الانتقال إلى مرحلة إعادة بناء الصومال ومؤسساتها، وهذا الأمر يتطلب جهود إقليمية ودولية داعمة، لان استقرار الأوضاع في الصومال والقرن الأفريقي سيخفف على المنطقة ومنها بلادنا كثير من الأعباء الاقتصادية التي تفاقمت بفعل توافد اللاجئين من مناطق النزاع. من جانب أخر استقرار الصومال والقرن الأفريقي مطلب إقليمي ودولي لان ذلك سيجنب العالم الكثير من المشاكل بما فيها القرصنة وانتشار تهريب السلاح والجريمة. والعالم اليوم مطالب ببذل جهود جدية لدعم الاستقرار والأمن في تلك المنطقة. وبالنسبة لوضع اللاجئين في اليمن، فاليمن تركت أبوابها مفتوحة لاستقبال اللاجئين منذ انهيار الدولة الصومالية، ونحن كدولة شقيقة ودولة موقعة على الاتفاقات الخاصة باللاجئين ملتزمون بتقديم الدعم لهؤلاء اللاجئين وفقاً لإمكانياتنا. لكن أعداد اللاجئين تفوق إمكانياتنا والموجودين على الأرض يفوقون بأضعاف المسجلين في كشوفات المفوضية العلياء لشئون اللاجئين، وهذا يقودنا إلى الدعوة المتكررة للمجتمع الدولي لزيادة الدعم لبلادنا لمواجهة مشكلة اللاجئين.

المبادرة اليمنية لجمع المقاومة الفلسطينية بعد محرقة غزة الصهيونية... هل ستقتصر الدعوة على حماس وفتح ؟ أم لكافة فصائل المقاومة؟ كيف توضحون ذلك؟
رؤية اليمن واضحة وهي أن الانقسام الفلسطيني يخدم الاحتلال وهذا هو المحرك لإطلاق المبادرة اليمنية الجديدة لاستئناف الحوار الفلسطيني، وباعتبار فتح وحماس هما طرفا الخلاف والنزاع فمن الطبيعي أن تبدأ الدعوة لطرفي النزاع وفي حال التوصل إلى اتفاق فلا بد أن يطرح ذلك على كافة الفصائل لتكون المصالحة شاملة. وإذا قرأت نص المبادرة ستجد أنها تنص على استئناف الحوار بين حركتي فتح وحماس وبما يكفل تحقيق المصالحة الفلسطينية ويعزز وحدة الصف الفلسطيني، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل القوى السياسية الفاعلة، ولذلك فالمصالحة ستشمل كل القوى الفلسطينية وهذه هي رؤية اليمن لرأب الصدع الفلسطيني وإنهاء الانقسام.

كلمة أخيرة تريدون توجيهها؟
أتمنى لصحيفتكم كل النجاح والتوفيق في تحري الدقة والموضوعية والمصداقية عند طرح ومناقشة القضايا الهامة.


عن مال وأعمال


 

مواضيع ذات صلة :