ثقافة وفنون نُشر

"منارات" تناقش الولاء الوطني لدى الشباب

Imageأشار لطفي فؤاد  أحمد نعمان, رئيس منتدى النعمان الثقافي للشباب, إلى أن انشقاق هيئات حركة الأحرار منذ الأربعينيات

حتى الستينيات قد تكرر لكن فكرة الولاء لوطن طبيعي واحد لم يتحول ولم يختلف؛ فكان يجمع المنشقين للتصدي الصريح لبعض المشاريع الاستعمارية التي استهدفت فصل الجنوب تماماً عن الشمال، ومحاولة إلغاء هويته اليمنية وذلك لعدم انسجامهم الفطري وفكرة التبعية التي ما أن تجلت في نمط العمل السياسي اليمني حتى توارت حركة الأحرار محافظة على إرثها الوطني الوحدوي. ونوه في المحاضرة التي ألقاها عصر اليوم في المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل "منارات" بأن الوحدة اليمنية بقيت من بعد حركة الأحرار هدفاً لكل القوى الوطنية التي تسلمت الحكم في شطري اليمن، فحاول من حاول تحقيقها سلماً وعنفاً لتُنبِت أحلامُ الأحرار فوق قبور الشهداء الجمهوريةَ اليمنية في الثاني والعشرين من مايو أيار 1990م بعد اندفاع شعبي وسياسي نحو (الهدف الثابت المقدس): بدأ عام 1972م عندما وقع الأستاذ محسن العيني وعلي ناصر محمد اتفاق القاهرة، ثم تجلي الذاتية اليمنية في طرابلس بالتقاء الرئيسين القاضي عبدالرحمن الإرياني وسالم ربيع علي (سالمين) وتجاوز عقبات المحادثات حول بعض نصوص الاتفاقية. ولقاء قعطبة من بعد بين سالمين والرئيس إبراهيم الحمدي عام 1977م، فقمم الكويت وطرابلس ثانية بين الرئيس علي عبدالله صالح والرؤساء عبدالفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وحيدر العطاس فلقاءات صنعاء وعدن وتعز بين الأمينين العامين للحزبين الحاكمين (المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني) علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض ورؤساء الوزارات عبدالعزيز عبدالغني وياسين سعيد نعمان ووزيري الخارجية سالم صالح محمد وعبدالكريم الإرياني وغيرهم من القادة العسكريين عبدالله البشيري، وعلي صلاح، وهيثم قاسم طاهر، وغيرهم منذ عام 1979 إلى 1990م، وأخيراً اشتراك اليمنيين جميعاً يقودهم الرئيس علي عبدالله صالح ويعينه من موقعه العسكري نائبه عبدربه منصور هادي في تثبيت الوحدة عام 1994م. وقال بأنه أُريدَ من هذه التناولة استحضار بعض محطات حركة الأحرار اليمنيين خاصة ثم تجاوزها قليلاً باستعادة محطات إعادة توحيد اليمن للربط بينهما؛ أُريدَ: استحضار القدوة التاريخية التي اتسمت بروح الطوعية. والوعي بتاريخ اليمن كله، شمالاً وجنوباً، والإحساس بالمسئولية تجاه المستقبل. والتي لم يستزرع فيها الولاء والانتماء الوطني بمنصب زائل، بل بوعي مسئول..ودائم. وكما لا يُشترى الولاء بمنصب، فلا يُزرع الانتماء بمحاضرة واحدة. وهذا ما يجعلنا نطالب وباستمرار عقد بفعاليات نوعية حول الهوية الوطنية والولاء الوطني، في (منارات) وغير (منارات). * * * وبمراعاة الأوضاع المعيشية التي لا تتساوى صعوبتها اليوم مع صعوبة الأوضاع التي واجهها أولئك الأحرار، لأنها أقل كلفة وأبسط تعقيداً أجدني مقتنعاً بأن تلبية وتوفير المصالح الأساسية اليومية من: تعليم وصحة سليمين، ثقافة وطنية، وأوضاع اقتصادية مستقرة. توفر هذه المصالح والاحتياجات تحول وبلا شك دون التخلي عن الأوطان والأهل ومراكز العمل. فالحياة اليوم تقوم على أساس من تبادل المنافع والمصالح بين الأفراد والجهات حتى إذا كانت الجهات وطناً. صحيح ماذا قدمنا لوطننا حتى نتساءل ماذا قدم لنا؟ لكن الوطن وإدارته (تحديداً) مسئولة أكثر من أي مواطن وهيئة عن إشاعة الولاء والانتماء الوطني بتوفير احتياجاته الأساسية. فما هي مسئولية الوطن وإدارته بالنسبة لتنمية الحس الوطني، والوعي بالتاريخ الذي يضمن الولاء الوطني الحق؟ ولا نريد من التوعية بالتاريخ قدح عهد وذم شخص وتعريض بأحد لمدح عهد وتمجيد شخص وتنزيه أحد! لا بد من معالجة جماعية لـ"فقر الوعي" بإغنائه لدى الشباب، وكذا إشباع الحاجات الأساسية للمواطنين، أو محاولة تخفيف تعقيدات الحياة اليومية، ليتأتى للشباب تأدية دوره وفق ما هو منصوص قانوناً ودستوراً ويجنبنا تكرار هذا الحديث، وأيضاً هذه الأزمات. وحتى يتيسر للشباب الاقتداء بأي من عناصر تجارب الماضي، سواء حركة الأحرار أو أي حركة إصلاحية بـ: استخدام الخطاب السياسي الرشيد بدلا ًعن سلوك نهج العنف. واعتماد الرؤى المستقبلية الوطنية الأصدق والأوسع أفقاً لا المشاريع الماضوية الضيقة، التي لا تبلغ مرحلة الولاء للوطن. فالولاء للوطن يختلف عن الولاء للحزب والقبيلة والمنطقة والقرية والشخص. إن الولاء للوطن دلالة سعة أفق يستوعب الجميع –كما نشهد من تجربة احتضان عدن للأحرار ثم مناصرة الأحرار لدعاة التحرر من الاستعمار- أما الولاءات الضيقة فلا مجال فيها لاستيعاب الآخر مع أنها أولى منطلقات الولاء والإحساس بالانتماء، إنما بدون البقاء في أسرها. واختتم محاضرته بقوله: مضامين الخطابات السياسية الأخيرة لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح ودولة النائب عبدربه منصور هادي دلّت على وعي بالتحديات التي يواجهها وطننا، فَدعَوا مع أصدقاء وأشقاء اليمن إلى الحوار تحت مظلة الوحدة الوطنية والاصطفاف الوطني في مواجهة التيارات الهدامة. وهم بذلك يقتربون في خطابهم بعفوية من فكر الأحرار اليمنيين كما فُسِرت من قبل ومن بعد كثيراً من أحلامهم؛ وبقي عليهم وعلينا: ترجمة ما تبقى من أفكارهم الوطنية. والانتقال من مدار القول البليغ إلى رحاب الفعل الأبلغ.. لئلا يرث جيل المستقبل أياً من مشاكل الماضي ومخلفاته. وأخطرها عدم الشعور بالانتماء والولاء الوطني.

 

مواضيع ذات صلة :