ثقافة وفنون نُشر

هل يمكن أن تغير برامج الفضائيات حياة الناس؟

Imageهل يمكن أن تغير البرامج الفضائية حياة الناس إلى الأفضل؟ تساءلت وأنا أقارن بين برنامجين شاهدتهما في اليوم نفسه، الأول برنامج «استديو مصر» على قناة نايل سينما، وكان يتناول فيلم «إبراهيم الأبيض» للنجم أحمد السقا ويطرح
 سؤالا: هل شخصية إبراهيم الأبيض حقيقة أم لا؟ أما الثاني فكان برنامج «أوبرا وينفري» على قناة MBC4.
كان برنامج «استديو مصر» يتناول فيلم «إبراهيم الأبيض»، وهل هو شخصية حقيقية كما تدعي عائلة مجرم راحل يحمل الإسم نفسه؟ وكان ضيوف الحلقة مخرج الفيلم مروان حامد وشقيق إبراهيم الأبيض المزعوم الذي قال إن الفيلم يجسد شخصيته (الابيض) وأحد اصدقائه القدامى والمحامي.
شقيق إبراهيم الأبيض راح يقسم باغلظ الايمان بأن الذي تناوله الفيلم، هو شخصية شقيقه، وراح يعدد مزايا المرحوم إبراهيم الأبيض: بطلجي ومجرم ومسجل خطر وقلبه ميت، وكان يتشاجر مع «دبان وشه» كما يقول المصريون، ولا يهمه قانون ولا يحزنون، وان الفيلم يجسد شخصيته كاملة حتى العرج الذي أصاب قدمه.
مخرج الفيلم مروان حامد، الذي شعرت وكأنه يرتعد رعبا من شقيق إبراهيم الأبيض، راح يؤكد أن سيناريو الفيلم مكتوب منذ عشرة أعوام، وأن أسرة الفيلم استعانت بمجموعة من المجرمين لإمدادهم بثقافة العراك وضرب المطاوي. تعجبت من تخصيص ساعة كاملة من الثرثرة للإجابة عن سؤال سخيف: هل شخصية إبراهيم الأبيض حقيقية أم لا؟ ومن هو إبراهيم الأبيض الذي تفرد له كل هذه المساحة للحديث عن سيرته العطرة، ساعة كاملة للحديث عن إبراهيم الأبيض، إذاً كم ساعة سيحتاجها البرنامج لو كان الفيلم يتناول شخصية العالم أحمد زويل؟

أوبرا الرائعة

بعد دقائق من برنامج «استديو مصر» شاهدت برنامج الرائعة أوبرا وينفري. كانت أوبرا تستضيف عارضة الأزياء والممثلة الأميركية المشهورة جيني ماكارثي، وكان موضوع الحديث عن الأطفال الذين يعانون مرض التوحد وهو المرض الذي يصيب طفلا من بين كل 150 طفلا. لكن لماذا تستضيف أوبرا ممثلة للحديث عن مرض التوحد؟
جيني ماركارثي اكتشفت عام 2007 أن ابنها الوحيد (إيفان)، الذي يبلغ من العمر عامين، يعاني مرض التوحد، عندما قال لها الطبيب ذلك لم تصدق نفسها وشعرت بصدمة، كانت أمام طريقين: إما أن تترك نفسها للإحباط وابنها للمجهول، او أن تفعل شيئا لتخفيف معاناته.
بدأت تبحث على الإنترنت عن أي شيء يتعلق بمرض التوحد، سهرت الليالي في جمع كل المعلومات عن مرض التوحد، دخلت غرف الدردشة وتحدثت مع أمهات وأطباء عن المرض، حتى اكتشفت عن طريق موقع {غوغل» مقالة غيرت حياتها وحياة ابنها، ملخص المقالة يقول: إن التوحد يمكن الشفاء منه، وأنه بالفعل هناك حالات كثيرة لأطفال مثل ابنها نجوا من هذا المرض.
يومها قررت جيني أن تكون هي طبيبة ابنها، وأن تترك كل شيء من أجل مساعدته على الشفاء، وهو القرار الذي كلفها حياتها الزوجية، حيث وقع الطلاق بينها وبين زوجها الذي كان له دور سلبي في علاج ابنه.
رحلة جيني لعلاج ابنها من مرض التوحد استمرت ثلاث سنوات، كان وقود هذه الرحلة غريزة الأم، استعانت بالأطباء واستخدمت الحميات والألعاب وكل شيء يمكن أن يساعده على الشفاء، وبعد ثلاث سنوات نجحت في شفاء ابنها من التوحد.
جيني قررت أن تصدر تجربتها مع شفاء ابنها من التوحد في كتاب بعنوان «أعلى من الكلمات: رحلة أم لمعالجة التوحد»، وأصبح الكتاب من أكثر الكتب مبيعا في أميركا.
كانت جيني تحكي لأوبرا بحماس عن مرض التوحد، حيث أصبحت بمثابة المتحدث الرسمي عنه، الدموع في عيون الجميع بالاستديو، والرسالة التي أردات أوبرا توجيهها من خلال استضافة جيني، هي الأمل والإيمان بالشفاء لمساعدة كل أم تعاني مع طفلها مرض التوحد كما عانت جيني.
بالطبع يمكن أن تغير برامج الفضائيات حياة الناس إلى الأفضل وتمنحهم الأمل والإيمان لو كانت من نوعية برنامج أوبرا وينفري، بينما لو كانت هذه البرامج من نوعية «استديو مصر»، الذي خصص ساعة كاملة للحديث عن بلطجي تم تخليده على الشاشة، فهي مجرد زبد يذهب جفاء.

نقلاً عن القبس


 

مواضيع ذات صلة :