اقتصاد عربي نُشر

خبراء لـ «السياسة» : الاستثمارات الكويتية في مهب عاصفة منطقة اليورو

يبدو ان أزمة مالية عالمية جديدة قادمة هذه المرة من أوروبا بدأت تكشر عن انيابها والدليل التحذيرات التي جاءت أخيراً على لسان محافظ البنك المركزي البريطاني ميرفيني الذى توقع هبوب عاصفة مالية مقبلة على وقع انهيار منطقة اليورو .

«السياسة» التقت مجموعه من الخبراء الذين اجمعوا على ان الكويت ليست بمنأي عن التأثر بالازمة الاوروبية المقبلة, وذلك رغم عدم توافر ارقام وبيانات عن حجم الاستثمارات الكويتية في اوروبا الا ان المعطيات تؤكد ضخامتها ما يؤكد ان التداعيات ستكون وخيمة .

فريق من الخبراء قال ان الاقتصاد الكويتي مرتبط بشدة بالاقتصاد الاوروبي مشيرا الى ان الاول سيتكبد خسائر فادحة وسيدفع فاتورة استثماراته في تلك المنطقة المكتظة بالمخاطر .

فريق اخر عاب على الهيئة العامة للاستثمار عدم اصدارها تقارير دورية توضح حجم استثماراتها في اوروبا ما قد يحول دون ايجاد حلول ملائمة تجنب حدوث خسائر فادحة من هذه الاستثمارات.

فريق ثالث توقع ان تقوم الدول الاوروبية بشطب ديون الدول الخليجية ومنها الكويت داعيا الى توجيةهالاستثمار الى النطاق المحلي وزيادة حجم الانفاق الحكومى على المشاريع التنموية واصفا الاستثمار في المنطقة الاوروبية بالاستثمار في حقول الجمر .

والى تفاصيل التحقيق

خسائر

«بداية استبعد كبير الاختصاصين في المنظمة الدولية لقانون التنمية د.ناصر المصرى ان تنجح الجهود الحثيثة التي تبذلها اوربا لانقاذ منطقة اليورو من الانهيار لاسيما في ظل عدم التزام بعض الدول الاوربية بمعايير وقوانين السياسة النقدية السليمة ناهيك عن عدم التزامهم في شؤون اخري كالتأمينات الاجتماعية وقضايا الحروب لاسيما وان اوروبا تلعب دورا اكبر من حجمها فيما يتعلق بالمنازعات السياسية بين الدول وتابع المصري قائلا » اما الاقتصاديات الخليجية فما هي الا توابع للاوروبية التي تضع مصلحتها في المقدمة ومن ثم يأتي الباقون, وقال لا شك ان الدول الخليجية والكويت بشكل خاص ستدفع ثمن استثماراتها في الدول الاوروبية وستتحمل هى واخرون كلفة عملية الانقاذ المنتظرة لانتشال دول منطقة اليورو من الانهيار, جدير بالذكر ان الكويت من اكبر الداعمين لبريطانيا حيث ان هناك معاملات تجارية واسعة بين البلدين لاسيما فيما يتعلق بشراء المنتجات والاسلحة وغيرها من المواد الحيوية ولهذا رأى المصري ان الكويت ستدعم الاقتصاد البريطاني الذى اصبح على مشارف الانهيار وهو ما قد ينعكس سلبيا على الاقتصاد الكويتي نفسه .

«في السياق ذاته قال المصري رغم ان الكويت مرتبطة بسلة عملات وعلى رأسها الدولار الا انها لن تمر من الازمة الاوروبية بسلام بيد انه عاد ليقول اما بالنسبة لمداخيل الدولة فأري انها قد لا تتأثر بشكل كبير حيث الكويت تعتمد على مصدر احادى الا وهو النفط ولكننا نستطيع ان نتجنب الاضرار بشكل اكبر اذا ما تحولنا الى دولة ذات اقتصاد منتج .

» واختتم المصري حديثه ل¯ «السياسة» قائلا لابد ان نعيد النظر في قضايا الاستثمار ونحدد البوصلة الاستثمارية مجددا ونوضح الامور لاسيما واننا نعاني من نقص في البيانات المتعلقة بخارطة الاستثمارات الخارجية, هناك سؤال اود ان اجد له اجابة لدى المسؤولين وهو هل تصدر الهيئة العامة للاستثمار تقارير ثانوية عن حجم استثماراتها في الخارج ? نحن نعاني من مشكلة حقيقية تسمي عدم المصداقية.

مجازفة غير محسوبة

من ناحية اخرى قال الخبير الاقتصادى حجاج بو خضور ان زيادة حجم الانفاق الحكومى هو السبيل الوحيد للخروج من تداعيات ازمة منطقة اليورو المتوقعة , مشيرا الى انه على المسؤولين في الدولة ضخ المزيد من النقد الى مفاصل المشاريع التنموية والاستثمارات المحلية المجدية التي ستنعكس ايجابيا على نهضة البلاد وستساهم بشكل كبير في حمايتها من الازمات المالية , ولاشك ان الاستثمار في منطقة اليورو يعد مجازفة غير محسوبة ولعباً بالنار , لابد ان نعيد الدفة نحو الاستثمار المحلى شريطة هيكلة الاقتصاد ومعالجة الفساد الاداري والمالي عن طريق دمج الشركات بعضها مع بعض ومعالجة الحراك السياسي وتغير قانون الشركات ومراجعة القروض كما يجب اعادة النظر في مسألة توجيه الفوائض المالية نحو السندات الاميركية , اما بالنسبة للاجراءات التي يجب اتخاذها حيال مشكلة منطقة اليورو فلا اجد ان ثمة حلول جذرية لتلك المسألة لاسيما في ظل توقعات بشطب الديون السيادية للكويت. نحن الان نواجه مشكلة عقيمة وهى السندات ولهذا اكرر ان الاستثمار الكويتى في اوروبا ما هو الا استثمار في حقول الجمر .

التخارج

في السياق ذاته قال رئيس مجلس ادارة شركة رساميل للهيكلة المالية عصام الطوارى ان الازمة الاوروبية معقدة الى ابعد الحدود مشيرا الى ان الخروج من هذه المنطقة الشائكة ليس بالامر الهين لاسيما وان الاستثمارات انواع واصناف فمنها الطويل الامد كالعقار المعتمد على الاصول غير القابلة للتسييل بسهولة لاسيما في ظل تردى الاوضاع وهناك الاستثمارات القصيرة المدى مثل الاستثمار في العملات والسندات والتي من الممكن التحكم في آلياتها والخروج منها بسرعة , ولكن لا شك ان الدول الاوروبية تبذل جهودا حثيثة لانقاذ دولها من مغبة ازمة مالية جديدة والدول لا تملك سوى الانتظار ولكن لابد ان ندرك ان المستثمر في النهاية لديه كامل الحرية في توجيه استثماراته وهو من يحدد في اى قطاع او منطقة سيوظفها , لا ريب ان منطقة شرق اسيا ستصبح محط انظار المستثمرين خلال الفترة المقبلة لاسيما في ظل تردى الاوضاع في اوربا ولهذا يرى البعض ان توجيه قاطرة استثمارات الدول لاسيما الخليجية الى تلك المنطقة يعد حلا للخروج من تداعيات الازمة الاوروبية .

ولفت الطوارى الى ان الهيئة العامة للاستثمار قادرة على توجيه استثماراتها وتوظيفها بشكل جيد مشيرا الى انها تراجع اداء ووضع استثماراتها بشكل دورى ومنتظم , ولم يحدد الطوارى حجم تأثير مداخيل الدولة بتلك الازمة المستقبلية بيد انه قال ان المداخيل ستتأثر لا محال .

زيادة السيولة

«دعا استاذ الاقتصاد في جامعه الكويت د. صادق البسام الى ضرورة تغيير ستراتيجية توزيع الاستثمارات عما هى عليه الان حيث قال يجب ان تعدل نسب الاستثمار على ان يراعي زيادة حجم الكاش كما يجب وضع التشريعات والقوانين التي تحمى الاستثمارات وتنأى بها عن المخاطر والازمات , يجب ان نخلق ما يعرف بمنظومة الاستثمار الضمانى كما يجب على الدول خاصة الخليجية ان تغير خط سيرها الاستثماري وتتجه الى منطقة اكثر امانا لاسيما وان وضع اليورو حاليا ليس جيدا ومن المتوقع ان ينهار في اى لحظة , كما ان على الكويت ان تتمهل وتتريث في وضع اموالها وعليها ان تستعين بالخبراء واصحاب المعرفة .

» اما حول تأثر مداخيل الدولة بالمشكلة الاوروبية فقال البسام بالطبع ستتأثر تلك المداخيل بالازمة المقبلة وستتدهور الاوضاع وستهبط معدلات النمو الحالية وستغلق العديد من المصانع والشركات لاسيما فيما يخص الدول احادية الدخل والمورد حيث ان النفط ونظرا لما يتوقع حدوثه سيفقد قيمته وسيقل الطلب عليه .

ودعا البسام الى تحرى الحيطة والحذر وعدم اللجوء الى تحرك غير محسوب والا فإن النتائج ستكون وخيمة وكارثية .

الكويت بخير

بدوره اكد الاقتصادي ونائب رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي لشركة المهلب للمقاولات والتجارة وعضو اتحاد الصناعات وعضو مجلس الادارة في شركة الشعيبة الصناعية وشركة الصفوة للاستثمار وشركة الصفاة الغذائية خالد العبدالغني ان انهيار منطقة اليورو وما سيترتب عليه من ازمة اقتصادية قد تعصف باقتصاديات العالم ما هي الا نتاج تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية ولن يكون لها تأثير كبير خصوصا على الصعيد المحلي حيث ان ما تعرض له السوق المحلي عام 2008 قد اكسبه خبرة كافية في التعامل مع الازمات وشكل نقطة تحول للبعض, وتصفية للبعض الاخر, وثباتاً للاقوى.

واكد عبدالغني انه لابد من التماس التأثر بتداعيات هذه الازمة سواء على صعيد الاستثمارات الداخلية والخارجية وبعض الشركات المحلية والذي ستكون له انعكاسات على الاقتصاد المحلي ككل, الا انها ستكون بسيطة وغير مباشرة عدا الاستثمارية منها. اما عن اسعار وعوائد النفط فأوضح بأنها لن تتأثر حتى وان انخفضت فسيظل الوضع جيد جدا, فدراسات جهات الاختصاص في هذا المجال تبين ان اسعار الاحتياط تقدر ب¯ 60 دولاراً للبرميل وفي حال حافظت الاسعار على تجاوز هذه القيمة وثباتها فان العوائد تعد جيدة وقوية.

واوضح العبدالغني انه يجب النظر لهذه الازمة كجزء من الازمة المالية العالمية السابقة وهي تعد نقطة تصحيحية يجب ان تصل نهايتها للقاع حتى تتمكن مؤشرات الاقتصاد العالمي من تحويل مسار اتجاهها, ويجب ان يتم تسديد الديون وتصفية الضعفاء ومعالجة اوضاع المتعثرين, واصفا اياها بنهاية العاصفة, متوقعا ان تسود حالة من الركود الاقتصادي خلال العام 2012.

واشار العبدالغني الى اهمية مراعاة بعض الجهات المسؤولة والبنوك المحلية لتحسين علاقاتها مع الشركات المحلية خصوصا الاستثمارية منها باتخاذ قرارات صارمة اتجاهها, بدعم الشركات الجيدة وتقديم التسهيلات لها وتصفية المتعثرين في جميع القطاعات.

التيار السياسي ملام

في غضون ذلك اكد رئيس مجلس ادارة شركة سيتي غروب ونائب رئيس مجلس الادارة لشركة اسمنت الهلال يعقوب الشرهان ان تداعيات الازمة الاوروبية سيكون لها انعكاسات سلبية على اقتصادات المنطقة بشكل عام والاستثمارات الكويتية بشكل خاص, في ظل وجود العديد من الاستثمارات الكويتية في دول منطقة اليورو, متوقعا في الوقت ذاته ان وزارة المالية والهيئة العامة للاستثمار لن تغفلا عن وضع حلول وخطط تحوطية لمواجهة الازمة المقبلة خصوصا أنهما يمدان من المستثمرين الرئيسيين في تلك الدول, وذلك بهدف تقليل حجم المخاطر والتعرض لاقل خسائر ممكنة.

والقى الشرهان اللوم الاكبر على الساحة السياسية وكلا السلطتين في تكبيد الدولة لحجم التزامات عالية واحداث اختلالات في الهيكلة الاقتصادية المحلية, معربا عن تفاؤله بمعالجة الاوضاع وتقوية الملاءة المالية بدفع عجلة التنمية الاقتصادية.

وبين الشرهان احتمالية تأثر العوائد النفطية في حال انخفاض اسعاره تأثرا بتداعيات الازمة الاوروبية الا انه سيعاود النهوض في وقت وجيز وذلك كما حدث اثناء الازمة المالية العالمية التي تعرضت لها اقتصاديات العالم في عام 2008, متوقعا ان تسير اسعار النفط على وتيرة مشابهة لما حدث لها في الازمة السابقة.

واشار الشرهان الى انه على الرغم من توفر جميع المقومات المطلوبة في الاقتصاد الكويتي في مختلف المجالات الصناعي الزراعي السياحي وغيرها الا ان تنويع مصادر الدخل تظل قضية صعبة وشائكة, وذلك نتيجة لتواجد البيروقراطية بشكل مؤثر الامر الذي ينعكس على القوانين والتشريعات والتي عادة ما تأتي ضد القطاع الخاص فيتم محاربته بعدم تسهيل الاجراءات والتسهيلات المطلوبة, ضاربا المثل بالشركات الصناعية وعدم توفير الاراضي لها بشكل عادل الامر الذي يحد من امكانية توسعها وتطوير القطاع ككل, مؤكدا ان الحال ستبقى على ماهي عليه للفترة المقبلة في ظل عدم التعديل على القوانين وتشجيع تطوير القطاع الخاص, وسيظل اعتماد الدولة الكلي في ايراداتها على مصدرين فقط هما العوائد النفطية والاستثمارية , وفي ظل تدهور حال القطاع الاستثماري وشركاته فان النفط سيظل الاساس, معربا عن تفاؤله بأن الدولة بالرغم من تراكم حجم الاعباء عليها الا انها ستتمكن من تحملها وتجاوز الازمات بقوة وصمود.

التداعيات صغيرة

من جهته, بين رئيس اتحاد شركات التأمين الاسبق والمدير العام لشركة الكويت للتأمين د. علي البحر انه لابد من تأثر الجانب الاستثماري في حال انهيار منطقة اليورو, مضيفا انه في نفس الوقت على الرغم من كبر حجم الاستثمارات الكويتية المتواجدة في الاسواق الاوروبية الا ان عامل استنادها على سعر الدولار بشكل اساسي وليس على العملة الاوروبية يشكل داعما لها, مبينا بأنها حتى وان تأثرت بتداعيات الازمة الاوروبية فلن تكون التداعيات كبيرة, معربا عن تفاؤله بأن اصحاب القرار لن يغفلوا عن الترقب واخذ الاحتياطات اللازمة للتحوط وحماية الاستثمارات عن طريق تحريكها بأفضل وانسب صورة.

ولخص البحر العلاقات الكويتية الاوروبية بأنها تستند الى ثلاثة محاور اساسية وهي الميزان التجاري وما يشمله من حجم التبادل التجاري بين البلدين, حجم الاستثمارات الكويتية في تلك الدول, بالاضافة الى حجم الطلب على النفط, مبينا انه في حال قل الطلب على النفط من قبل دول منطقة اليورو فانه سيكون من السهل تعويض الكميات المصدرة إلى مناطق اخرى كالصين والهند وغيرها.

واوضح البحر لن يكون من السهل توقع حجم الازمة المقبلة اذا ما قورنت بالازمة المالية العالمية الاخيرة, حيث ان المنظور السياسي الاقتصادي في الدول الاوروبية غير موحد على عكس المنظور الموحد المتبع في الولايات المتحدة, الامر الذي يخلق عدم وضوح الرؤية للفترة المستقبلية ومدى تأثيرها, مؤكدا في الوقت ذاته على مدى اهمية مراعاة اصحاب القرار على الصعيد المحلي لوضع مختلف الحلول وخطط تحوطية للتمكن من مواجهة اية ازمات وتحديات قد تواجه الاقتصاد المحلي مستقبلا.

فرص جديدة

من جانب اخر, اوضح رئيس مجلس الادارة والمدير العام لشركة السكب الكويتية عادل البدر انه يجب النظر لهذا الجانب بايجابية بحتة, حيث انه مع انهيار منطقة اليورو ستنشأ العديد من الفرص الجاذبة للكويت وسيعد الوقت الافضل لاقتناصها, مؤكدا انه سيكون الوقت الانسب لضخ استثمارات جديدة في اصول متنوعة عقارية ومتحركة.

واكد البدر ان الدول المقترضة هي التي ستتأثر بالازمات وتتعثر, في حين تعد الكويت من الدول غير المديونة وتتمتع بملاءة مالية متينة وسيولة واحتياطيات عالية, ناهيك عن ان احتياطاتها وتعاملاتها بالدولار ولا تعتمد على العملة الاوروبية, جميع هذه العوامل تعزز من مكانتها كما ان اسعار الواردات الاوروبية ستنخفض بشكل ملحوظ الامر الذي سيفتح العديد من الفرص والابواب الايجابية للكويت للاستفادة منها.

وبين البدر حتى وان طالت تداعيات الازمة الاوروبية بعض الجوانب في الاقتصاد المحلي كالاستثمارات والايرادات النفطية فانها ستكون بسيطة وموقتة حيث ان هذه الازمة بشكل عام موقتة, فهي بالنهاية نتجت عن الازمة المالية العالمية.
 
السياسية الكويتية

 

مواضيع ذات صلة :