
وتتطرق الصحيفة في البداية إلى الصعوبات التي يواجهها المستثمرون ورجال الأعمال في مصر فيما يخص مسألة الاقتراض من البنوك، وتضرب المثل بأحدهم، ويدعى "أحمد عبد الوهاب" وهو أحد منتجي ومصدري دواسات الفرامل، الذي يجد صعوبة في مساعيه الرامية إلى الحصول على قرض بقيمة 10 مليون جنيه مصري ( 1.8 مليون دولار ) من أي بنك من أجل استثماره في بناء مصنع جديد لإنتاج دواسات الفرامل.وقالت الصحيفة أنه وبرغم امتلاك عبد الوهاب لأسهم بمجموعة من الشركات تعادل قيمتها مبلغا ً قدره 25 مليون جنيه مصري ( 4.5 مليون دولار ) ، بالإضافة لامتلاكه سجل ناصع في مجال تصدير الدواسات إلى القارة الأوروبية، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإقناع المقرضين بإقراضه ما يحتاج إليه من أموال.
ونقلت الصحيفة عن عبد الوهاب قوله :" كانت الأمور العام الماضي أكثر سهولة، ومع هذا فلم أفشل حتى الآن.
فهناك مفاوضات مبشرة مع أحد البنوك، لكن الأمر ليس بالسهل".
وتقول الصحيفة أيضا ً أن عملية جمع الأموال من أجل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في مصر كانت على الدوام عملاَ شاقاً، لكن عبد الوهاب – الذي يترأسأيضا ً مجلس المصدرين الهندسيين – فيرى أن الأزمة المالية العالمية جعلت البنوك أكثر حذرا ً.
من جانبه، يشير أدهم نديم، المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة التابع للحكومة، إلى أن تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة تشكل غالبية القطاع الخاص الصناعي.
وأضاف أن المركز يتعامل مع 12400 شركة تسهم بأكثر من 95 % من شركات التصنيع المصرية، وأن معظم هذه الشركات هي عبارة عن شركات صغيرة، يعمل بـ 13 % منها فقط أكثر من 200 عامل. ويتابع نديم حديثه بالقول :" مع مرور الوقت، يزداد الوضع صعوبة على القطاع، لكن معظم أصحاب المشاريع لازالوا قادرين على الصمود، ولا يوجد اتجاه كبير نحو تسريح العمالة".
وبرغم تزايد معدلات نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.3 % في الربع الأول من العام الجاري ( بعد أن كان المعدل نسبته 4.1 % في نفس الفترة الزمنية من العام الماضي ) ، إلا أن محللين يحذرون من أن هذا المعدل قد لا يكون قابلا ً للاستمرار نظرا لضعف الطلب الخارجي، علماً بأن متوسط معدل النمو في السنوات الثلاثة الماضية كان 7 %. وأشار نديم كذلك إلى أن العمل على تأمين مبالغ مالية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أصبح أكثر صعوبة، على الرغم من سلامة الجهاز المصرفي المصري، ومع ارتفاع الودائع إلى نسبة القروض.
وتابع قائلا ً :" يعتبر الحصول على التمويل أمر كارثي، بسبب وجود عدد كبير من الأشخاص الذين لا يرغبون في اتخاذ قرار جريء في القطاع المصرفي". كما أشار نديم إلى أن الاقتراض المتزايد من جانب الحكومة ربما يكون المسؤول عن تراجع رغبة البنوك في إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبخاصة في أجواء تتزايد فيها الحساسية تجاه المخاطر.
وقال :" تدخل أذون الخزانة في منافسة مباشرة مع القطاع الخاص.
فلما يقوم أحد ضباط الائتمان بإقراض القطاع الخاص في الوقت الذي يكون بمقدوره إعطاء الأموال للحكومة وينتظر عودتها مرة أخرى.
وفي حالة المستثمر أحمد عبد الوهاب، نجد أن المشكلات التي تحيط خلال هذه الأثناء بصناعة السيارات على الصعيدين المحلي والعالمي قد أدت إلى التزام المصرفيون بقدر أكبر من الحذر".
لكن نديم عاود ليؤكد على أن التأثير النفسي للأزمة في مصر غالبا ً ما يكون أكبر من تأثيرها الحقيقي.
مشيرا ً إلى أن كثير من الأشخاص الذين باستطاعتهم شراء سيارات، قد أحجموا عن الشراء أملا ً في انخفاض الأسعار، بينما أقدم المقرضون على تخفيض القروض الخاصة بسياراتهم، وهو ما أثَّر على السوق أيضاً. ونسبت الصحيفة إلى نهال بدوي، رئيسة قسم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالبنك التجاري الدولي، وهو أكبر بنك في مصر من حيث القيمة السوقية، قولها :" لقد حظيت المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتحديداً تلك التي لا تعتمد على الصادرات، بوضع أفضل للتكيف مع الأزمة من الشركات التي تفوقها في الحجم وتعتمد على التصدير".
وفي النهاية، يختم نديم حديثه بالقول :" تعد مصر هدفا ً لما يعرف بالإغراق ( إغراق السوق بالبضائع ) لأنها لم تتأثر كثيرا ً بالأزمة.
فجميع الأشياء يتم شحنها إلى هنا.
أما الحصول على الائتمان المحلي فيعتبر أمرا ً غاية في الصعوبة، لذا عندما يُقدِّم أحد الأشخاص منتجا ً هاما ً مع وضع فائدة على القرض على مدار أربعة سنوات مع عدم دفع شيء في خلال العام الأول، فهذا هو ما أعتبره إغراق ".
المصدر : وكالات