اقتصاد خليجي نُشر

السعودية الأولى خليجيا في نمو الناتج المحلي والـ 12 في الأسواق الواعدة

توقع تقرير اقتصادي تصَدّر السعودية دول الخليج في نمو الناتج المحلي بنسبة 5.3 في المائة، يليها عُمان وقطر بنسبة نمو 5 في المائة، ثم الإمارات بنسبة نمو 4.5 في المائة، والكويت بنسبة 3.2 في المائة، وأخيرا البحرين بنسبة 2.8 في المائة، فيما توقع أن تأتي السعودية الثانية بعد عُمان في التضخم، بنسبة 4.8 في المائة.

وجاءت السعودية في المركز الـ 12 على مستوى الأسواق الواعدة في مؤشر قوة الدول، وفق تصنيف مؤسسة "روبيني جلوبال إكونوميكس"، فيما تصدرت عُمان الترتيب محتلة المركز الأول، وجاءت قطر في المركز الثاني، والإمارات في الرابع، وليبيا في المرتبة الـ 29، وتونس في الـ 31.

وقال التقرير: إن النمو في السعودية يرتفع مع تزايد جميع مؤشرات الطلب المحلي، التي تشير إلى إمكانات استمرار النمو بنسبة 5 في المائة. وأوضح أن ذلك يعوّض نقص الإنتاج النفطي، إذ انخفض الإنتاج 0.7 مليون برميل، بينما انخفضت الصادرات من المشتقات النفطية نحو مليون برميل يوميا.

ورغم النمو، ستستمر الزيادة في التباطؤ من قمة النمو التي بلغت 7.2 في المائة في عام 2011، كما توقعت المؤسسة تناقص صادرات السعودية النفطية إلى تسعة ملايين برميل يوميا، مع الزيادة الموسمية في الاستهلاك في النصف الثاني من العام، في الوقت الذي يغيب فيه النفط الخام الإيراني. وسيحقق قطاع الائتمان نسبة نمو تفوق 15 في المائة، مدعوما بارتفاع الطلب على تمويل الاستثمارات في قطاع البناء وزيادة الاستهلاك.

أما على مستوى الأسواق المتقدمة، فقد حلت الدنمارك في المركز الأول في مؤشر قوة الدول، ثم نيوزيلندا وسويسرا، في حين جاءت الولايات المتحدة في المركز الـ 11، وبريطانيا الـ 18، وفرنسا الـ 20، واليونان في المركز الأخير الـ 24. ويأتي تصنيف الدول ضمن التحليل الكَمي للدول الذي تعتمده "روبيني جلوبال إكونوميكس" أداة لتقييم مخاطر الدول، من خلال قياس احتمالات مواجهة تلك الدول للصدمات المالية المحلية والخارجية، ومدى قدرتها على النمو.

والتحليل الكمي في جوهره منهج دقيق، يعتمد على تقييم نوعية المؤسسات والمخاطر السياسية، وشمول الأبعاد الاجتماعية، لإلقاء نظرة متعمقة على جاذبية الدولة من جهة الاستثمار، وقياس قوتها من النواحي الاجتماعية والاقتصادية.

ووفقا لهذا التحليل، يتم تصنيف الدول في مراتب متسقة وشفافة، تساعد على تحديد المسارات المحتملة للدولة ضعفا أو قوة، إما ضمن محيطها الجغرافي الإقليمي، أو في إطار نطاق محدد للمخاطر الاقتصادية، مثل الانكشاف الخارجي، أو الدين الإجمالي، أو المشكلات الهيكلية.

وقال لـ "الاقتصادية" الدكتور محمد الزهراني أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن: إن التصنيف اعتمد على مجموعة من المؤثرات الكمية وليست النوعية، ويعتمد على مؤشرات موجودة أصلا تقيس قدرة الاقتصاد على النمو، وتحمل المخاطر الخارجية والداخلية، بغض النظر عن مصادر المخاطر سواء كانت مالية أو سياسية.

وأكد الزهراني عدم الأهمية الكبيرة للترتيب في التصنيفات، إذ تكمن الأهمية في مدلولات هذه الأرقام، حيث تحدد مواطن الضعف والقوة، وأين يجب الاتجاه، مشيرا إلى عدم اعتماد السعودية على الاستثمارات الأجنبية، لذلك فإن ترتيبها في جذب الاستثمارات ليس ذا أهمية كبيرة. وأضاف أن التفاوت في المراكز بين الدول لا يعطي دلالة حقيقية لصحة البيئة الاقتصادية، لأن هناك مؤشرات نوعية غائبة، ولا يمكن الاعتماد على مجرد قياسات حسابية. واعتبر أن الاقتصاد الواعد للاستثمارات المحلية والخارجية هو القادر على النمو بدرجات معقولة ومستدامة، مضيفا أن قياس الاستدامة يأتي من تقييم عناصر كمية ونوعية، مثل نظام التعليم، والبنية السكانية، ومدى مواءمة النظام التعليمي للمقومات الاقتصادية في المجتمع، وسلامة النظام المالي، ومناسبة البيئة السياسية والاجتماعية والقضائية والقانونية، ومدى تقبل المجتمع، إضافة إلى التطور التقني ووجود مجتمع معرفي يعتمد على الابتكار والتطوير، وأكد أن تلك العوامل هي الجاذبة للاستثمار الأجنبي.

وقال: المؤشرات العامة لجاذبية الأسواق أن يكون النظام المالي منافسا، ويضمن البقاء للمصادر المالية المستدامة ذات التكلفة المعقولة، وأن يتضمن مؤسسات مالية قادرة على دفع الاقتصاد، كما أن هناك مؤشرات عامة أخرى، مثل مستوى الفساد، والتنافسية الدولية. مؤكدا أن هذه المؤشرات كمية لا يعتمد المستثمر عليها فقط.

وتستفيد الدول من الاستثمار الأجنبي بطرق مختلفة وفقا للزهراني، فهناك دول تحتاج إلى الأموال، لكن دول الخليج تحتاج الاستثمار الأجنبي لنقل التقنية، وتوطين المعارف والخبرات بشكل يضمن استدامة النمو الاقتصادي. وشدد على أهمية نظر الاقتصادات المعتمدة على الموارد الطبيعية إلى النمو الاقتصادي بشكل مختلف، وألا تركز على الأرقام فقط، لأن النمو المعتمد على الصادرات النفطية غير مستدام، ومعرّض للعوامل الخارجية، ويتأثر بأي انكماش في الاقتصاد العالمي، مؤكدا: "اعتمادنا على الموارد الطبيعية يحقق نموا سنويا، لكن يفتقد الاستدامة لاعتمادنا على النفط". من جانبه، أشار الدكتور عبد الله المغلوث عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية في "غرفة الرياض" إلى كثرة التصنيفات، في حين أن المرتكزات الأساسية التي تبين قوة الاقتصاد ومتانته هي قوة السيولة، ومدى سلامة التشريعات والإجراءات التي تنظم البيئة الاقتصادية، وقوة الجهات الرسمية في تنظيم الأعمال وترتيب وإدارة المشاريع العامة.

كما أشار إلى وجود مرتكزات أخرى، مثل التدفق المالي، والوضع الاقتصادي، ودعم الحكومة للمشاريع الداخلية والصناديق الزراعية والصناعية والتجارية، وإنشاء وحدات سكنية للمواطنين، إضافة إلى صدور أنظمة مجلس الوزراء ولائحته التنفيذية ومنظومة الرهن والتمويل العقاري، التي تشجع على طلب التمويل المؤسسي والفردي. وبغض النظر عن التصنيفات، قال المغلوث: إن السعودية ضمن دول مجموعة العشرين، وتتمتع بوفرة سيولة وسمعة جيدة تجعلها من الدول التي ينظر إليها العالم كدولة متينة اقتصاديا.

وأكد الدور الكبير الذي تلعبه هيئة الاستثمار في جذب الاستثمارات إلى السعودية، وسن الإجراءات التي تحافظ على حقوق الشركات الأجنبية، بشكل يوفر بيئة جاذبة للشركات للاستثمار في التجارة والصناعة والتقنية. كما أشار إلى جهود وزارة العمل في إيجاد فرص عمل، وإيجاد أنظمة جديدة تساعد على توطين الوظائف، مؤكدا أن نسب البطالة أحد المؤشرات المهمة لمتانة الاقتصاد.


 

مواضيع ذات صلة :