اقتصاد خليجي نُشر

شركات التأمين الإسلامية في الخليج لا تزال تواجه تحديات

 
 
 
 
 
قال تقرير اقتصادي صادر عن وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز ان النمو السنوي لإجمالي أقساط التأمين خلال السنوات السابقة وصل إلى 20% في قطاع التأمين الإسلامي (التكافل والتأمين التعاوني الإسلامي) في دول مجلس التعاون الخليجي، تراجع النمو بشكل كبير إلى أقل من 1% في العام 2016.
وأضاف التقرير ان ذلك جاء إلى حد كبير نتيجة لتباطؤ نمو أقساط التأمين في المملكة العربية السعودية، التي تمتلك أكبر سوق للتأمين الإسلامي في منطقة الخليج.
 
إلا أنه وبالرغم من هذا التباطؤ، شهد صافي الدخل قبل اقتطاع الضريبة لدى الشركات المدرجة علنا في القطاع تحسنا كبيرا ووصل إلى نحو 683 مليون دولار في العام 2016، من نحو 274 مليون دولار في العام 2015، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى رفع الأسعار في المملكة العربية السعودية بعد تطبيق التسعيرة الاكتوارية.
 
وبغض النظر عن التحسن الكبير في إجمالي صافي الدخل قبل اقتطاع الضريبة، فإنه من المبكر جدا الإعلان عن أخبار سارة فيما يخص القطاع ككل.
 
هذا لأن الأرباح لا تزال موزعة بشكل غير متساو في القطاع، ولأن الوتيرة السريعة للنمو التاريخي، إلى جانب صافي الخسائر المتراكمة، لا تزال تضعف قوة رأس المال وتلحق الضرر بالأوضاع الائتمانية لعدد من الشركات في القطاع.
وهذا ينطبق تحديدا على بعض شركات التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي غالبا ما تنافس نظيراتها التقليدية (غير الإسلامية) الأكبر والأكثر تنوعا في سوق مكتظ بشركات التأمين.
 
إن السجل القصير لشركات التكافل في دولة الإمارات إلى جانب قلة التنوع في أعمالها يجعلها في وضع غير ملائم الآن مع اعتماد دولة الإمارات العربية المتحدة للوائح تنظيمية أكثر صرامة في قطاع التأمين.
 
 
من جهة اخرى، ذكر التقرير ان إجمالي أقساط التأمين المجتمعة لدى شركات التأمين الإسلامية في منطقة الخليج في العام 2016 وصل إلى نحو 11 مليار دولار (استنادا إلى البيانات المتوافرة من الشركات المدرجة علنا)، ما يمثل ما بين 45% و50% من إجمالي أقساط التأمين الإسلامي العالمي.
وخلال العام الماضي استحوذت المملكة العربية السعودية على نحو 87% من إجمالي أقساط التأمين الإسلامية المكتتبة في منطقة مجلس التعاون الخليجي، جاء بعدها قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة، بنحو 8% من إجمالي أقساط التأمين.
 
عمليات الاندماج
 
قال التقرير ان عدد شركات التأمين في دول الخليج كبير جدا، مشيرا الى ان العديد من هذه الشركات تنقصها وفورات الحجم للعمل بنجاح في أسواق مكتظة وذات تنافسية عالية.
 
وأضاف التقرير: «في حين أننا شهدنا إعلان عدد صغير من الشركات في دول الخليج عن عمليات اندماج خلال العام الماضي أو نحو ذلك، لا نتوقع أن نشهد أي عمليات اندماج تحولية في المدى القريب. 
 
من وجهة نظرنا، ان شركات التأمين ذات الموارد الجيدة والتي تتمتع برأسمال قوي ولديها الوقت لبناء وفورات الحجم وتطوير قدرة تنافسية فعالة هي فقط التي ستكون قادرة على تحقيق النمو».
 
أقساط التأمين ستعود للارتفاع
 
وأوضح التقرير أن الارتفاع الكبير في معدلات نمو أقساط التأمين في قطاع التأمين الإسلامي في منطقة الخليج في العامين 2014 و2015 جاء كنتيجة رئيسية لتطبيق التغطيات الإلزامية الجديدة، وكذلك نتيجة للزيادات القوية في أسعار أقساط التأمين في المملكة العربية السعودية، وذلك لاعتماد تغطيات جديدة ومبادئ التسعير الاكتوارية.
 
إلا أنه الآن وبعد أن تم تسعير المزيد من البوليصات بشكل ملائم، تراجع إجمالي نمو أقساط التأمين.
 
وقد تأثر التباطؤ في نمو الأقساط أيضا بتراجع النشاط الاقتصادي في أرجاء دول الخليج، مع محاولة الحكومات خفض أو تأجيل خطط الإنفاق نتيجة لتراجع الإيرادات المتأتية من مبيعات النفط والغاز.
 
وتوقع التقرير أن يعود نمو إجمالي أقساط التأمين في قطاع التأمين الإسلامي للارتفاع قليلا في العام 2017، وذلك للتحسن التدريجي في الظروف الاقتصادية ومواصلة الحكومات خصخصة بعض من خدماتها، ما سيعود بالنفع على قطاع التأمين ككل.
 
مع ذلك، توقع أيضا أن تكون وتيرة نمو إجمالي أقساط التأمين في قطاع التأمين التقليدي في دول مجلس التعاون الخليجي أسرع، بنحو 10%، وأن تتفوق على نمو أقساط التأمين في قطاع التأمين الإسلامي، لأن شركات التأمين التقليدية غالبا تستفيد من مصادر دخل أكثر تنوعا.
 
ومن بين جميع أسواق التأمين الإسلامي في منطقة الخليج، حقق قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة أفضل معدل للنمو في أقساط التأمين في العام 2016، بلغ 6%.
 
وكانت الزيادات في أسعار التأمين على السيارات وفي دخل أقساط التأمين من التغطيات الجديدة (على سبيل المثال، تمديد التأمين الطبي الإلزامي في دبي) من المحركات الرئيسية لهذا النمو في أقساط التأمين.
 
ومن الشركات التي كانت الأكثر استفادة من هذا النمو شركة أسكانا تكافل، التي بلغ معدل نمو إجمالي أقساط التأمين لديها على أساس سنوي 60% في العام 2016، تبعتها كل من تكافل الإمارات وميثاق للتأمين التكافلي، اللتان تجاوز نمو أقساط التأمين لديهما 40% وذلك بفضل خطة صحة دبي الجديدة الممددة للتأمين الطبي الإلزامي.
 
وكما تبين هذه الأمثلة، لاتزال هناك العديد من الشركات سريعة النمو في سوق التأمين الإسلامي في منطقة الخليج، لكن قياس النمو بالنسبة المئوية قد لا يعطي فكرة واضحة عن النمو لأن العديد من شركات التكافل لاتزال تنمو من قاعدة صغيرة نسبيا.
 
ربحية الاكتتاب
 
وذكر التقرير ان شركات التأمين الإسلامية المدرجة علنا في دول مجلس التعاون الخليجي حققت أرباحا مجتمعة قبل اقتطاع الضريبة تقدر بنحو 683 مليون دولار في العام 2016، مقارنة بنحو 274 مليون دولار في العام 2015.
 
ونوه التقرير الى أن سوق التأمين في المملكة العربية السعودية، التي تضم 34 شركة مدرجة علنا تعمل وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، كانت السوق الأكثر ربحية بتفوق كبير في منطقة الخليج.
 
وبلغ إجمالي الأرباح قبل اقتطاع الضريبة التي حققتها شركات التأمين العاملة في المملكة العربية السعودية 666 مليون دولار في العام 2016، إلا أن الشركات الثلاث الأكثر ربحية استحوذت على 64% من إجمالي صافي الأرباح.
 
بينما حققت شركات التكافل المدرجة في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى - البحرين، الكويت، عمان، قطر، والإمارات العربية المتحدة - والبالغ عددها 15 شركة أرباحا مجتمعة بلغت 18 مليون دولار فقط، وقد جاء هذا التحسن بعد أن بلغ صافي الخسائر المجتمعة لهذه الشركات نحو 5 ملايين دولار في العام 2015، ولكن النتيجة لاتزال ضعيفة نسبيا.
 
من جانب آخر، قال التقرير ان أداء شركات التكافل المدرجة في دولة الإمارات العربية المتحدة، البالغ عددها 8 شركات، والتي استحوذت على 16% من الحصة السوقية بحسب إجمالي أقساط التأمين في العام 2016، كان ضعيفا على وجه الخصوص مقارنة بجميع الشركات المدرجة في هذا السوق والبالغ عددها 29 شركة.
 
وتكبدت هذه الشركات الثماني صافي خسائر مجتمعة بلغ 24 مليون دولار، في حين حققت الشركات الـ 21 المتبقية أرباحا مجتمعة بلغت 270 مليون دولار.
 
واكد التقرير ان النتائج العامة لقطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة تراجعت بسبب الخسائر الاستثنائية التي تكبدتها إحدى الشركات والتي بلغت 48 مليون دولار في العام 2016 و44 مليون دولار في العام 2015.
 
ولكن صافي خسائر الاكتتاب لدى 5 شركات تكافل من أصل 8 شركات مدرجة بلغ 64 مليون دولار في العام 2016، مقابل 32 مليون دولار في العام 2015.
 
لذلك، يبقى الأداء التشغيلي إحدى القضايا الرئيسية في قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
وذلك لأن الشركات غالبا ما تكتتب على خطوط التأمين الشخصية الأقل ربحية والتي يكون حجم دخل أقساطها صغيرا جدا لكي يخفف من تكاليفها التشغيلية الثابتة.
 
بالإضافة إلى ذلك، كان على بعض الشركات تعزيز الاحتياطات لديها في العام 2016 عملا باللوائح التنظيمية الجديدة، مما أضاف عبئا آخر على نتائجها.
 
مع ذلك، هناك بعض الاستثناءات الإيجابية في قطاع التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
لاتزال شركة أبوظبي الوطنية للتكافل هي الشركة الوحيدة التي تحقق باستمرار نسبا مجتمعة قوية وتتفوق على متوسط النسبة المجتمعة لدى شركات التأمين التقليدية المدرجة في السوق. 
 
وبالرغم من حجمها الصغير نسبيا بحسب إجمالي أقساط التأمين، تستفيد الشركة من تعرضها المنخفض نسبيا لخطوط التأمين الشخصي ذات التنافسية العالية وتركز بدلا من ذلك على الخطوط التجارية ذات الأداء الأقوى والتأمين العائلي على الحياة.
 
القوانين الجديدة في الإمارات
 
تشكل القوانين الجديدة المرتكزة على المخاطر تحديا كبيرا للعديد من شركات التأمين الصغيرة والأقل تنوعا ذات الهوامش الضيقة لرأس المال في دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
وتشكل شركات التكافل جزءا لا بأس به من هذه الشركات الصغيرة، لذلك فإن عددا من شركات التكافل على وجه الخصوص سيتأثر بالقوانين الجديدة، والتي يتعين على الشركات الالتزام بها بحلول نهاية العام 2018.
 
واستنادا إلى بيانات نهاية العام 2016، نلاحظ أن إجمالي حقوق المساهمين لأربع شركات تكافل من أصل ثماني شركات تكافل مدرجة في دولة الإمارات العربية المتحدة كان أقل من الحد الأدنى لرأس المال المطلوب البالغ 27.2 مليون دولار (100 مليون درهم إماراتي)، المطلوب بموجب اللوائح التنظيمية الجديدة.
 
لقد أدت الخسائر المتراكمة نتيجة لضعف نتائج الاكتتاب لدى بعض من شركات التكافل في دولة الإمارات العربية المتحدة في العديد من الحالات إلى تراجع في الأوضاع العامة لرأس المال لديها. 
 
بالإضافة إلى ذلك، تقوم شركات التكافل غالبا باستغلال جزء كبير من أصولها في الاستثمارات العقارية غير السائلة بغرض التوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مما قد يؤدي إلى المزيد من التقلب في حصصهم إذا ما استمرت أسعار العقارات في المنطقة بالانخفاض.
 
© Al Anba 2017
 

 

مواضيع ذات صلة :