اقتصاد خليجي نُشر

مباني دبي الشاهقة تدفع ثمن الثورة التنموية

نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً قالت فيه إنه في الوقت الذي تقف فيه ناطحات السحاب بدبي شامخة تسر الناظرين، فإن النظر إلى ما يحيط بها على الأرض يبدو أقل جاذبية نظرا للمشاكل البيئية التي خلفها بناء تلك المباني.

وتدعي الصحيفة أن السواح الذين زاروا دبي العام الماضي وسبحوا في بحرها، وجدوا أنفسهم محاطين بالقاذورات والفضلات التي تطرحها نظم شبكات الصرف الصحي في البحر.

وتقول الصحيفة إنه رغم وجود ثروة نفطية هائلة فإن منطقة الخليج تواجه صعوبة في إيجاد مصادر طاقة كافية لإدامة أسلوب حياتها المترف.

وتضيف أن أسلوب دبي أدى إلى رغبة الدول المجاورة في مجاراتها في ثورتها التنموية، خاصة أن هناك توقعا بزيادة سكانية في المنطقة، ولكن في نفس الوقت فإن تجربة دبي تعطي دروسا في أمور يجب على الجميع أن يتوقفوا عندها، فبناياتها الفارهة مثلا لم يراع فيها أي نوع من أنواع نظم المحافظة على البيئة.

تطلعات نووية

كما أن معالجة مياه الصرف الصحي وتوفير مياه الشرب إضافة إلى تشغيل مشاريع صناعية كبيرة، تتطلب الكثير من الطاقة الكهربائية، الأمر الذي دفع المنطقة للتوجه إلى الطاقة النووية. إلا أن ذلك التوجه -والكلام للصحيفة- لا يخلو من المخاطر البيئية والسياسية على حد سواء، فالاعتماد على المحطات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية ينطوي على احتمال وقوع حوادث مأساوية، إضافة إلى كونها هدفا دائما لهجمات الإرهابيين.

وتشبه الصحيفة تجربة دبي بتجربة مدينة لاس فيغاس الأميركية، ولكن التحدي الأكبر الذي تواجهه الإمارة هو الماء. المياه موجودة في كل مكان في الخليج ولكنها غير صالحة للشرب إذا لم يتم تنقيتها من الأملاح، غير أن معامل التحلية التي تقوم بذلك تنتج كما هائلا من ثاني أوكسيد الكربون، مما جعل دبي وباقي الإمارات تحتل الصدارة في لائحة المدن الأكثر تلوثا بهذا الغاز في العالم.

عجز مائي

دولة الإمارات العربية المتحدة تحلّي ما يعادل أربعة مليارات زجاجة مياه في اليوم الواحد، ولكن يبقى احتياطها من مياه الشرب فقيرا حيث لا يكفيها لأكثر من أربعة أيام في أي حال من الأحوال.

وتورد الصحيفة تحذيرا من صندوق طبيعة دبي الدولي حيث يقول إن نسبة الملوحة في مياه الخليج وصلت إلى 47 ألف جزء في المليون، بعدما كانت 32 ألفا قبل ثلاثين عاما، وهذا كاف لتهديد الحياة البرية والبحرية في المنطقة.

ثم تتطرق الصحيفة إلى الصعوبات التي تواجهها دبي في مجال الصرف الصحي، حيث لا يكاد المعمل الوحيد لمعالجة مياه الصرف الصحي يواكب معدل الفضلات التي ترده كل يوم. وتقول الصحيفة إن المعمل يتعامل مع 480 ألف متر مكعب من الفضلات يوميا، وهذا يمثل ضعف طاقته البالغة 260 ألفا.

دروس مستقاة

أما في أبو ظبي، فإن الوقت لم يفت بعد وتحاول الإمارة التعلم من أخطاء دبي، فقد وضعت السلطات هناك نظم مراقبة المياه الجوفية وتعيد استخدام مياه الصرف الصحي التي تنتجها المدن في سقي وإرواء مروج وغابات صحراوية. كما بدأت الإمارة حملة توعية عامة بضرورة الحفاظ على الموارد المائية.

من جهة أخرى، بدأت حكومة أبو ظبي تطبيق النظام الغربي في المحافظة على البيئة والذي يتطلب حدودا معينة من الصرف المائي والكهربائي.

المسؤولون الإماراتيون يقولون إنهم على علم بالمخاطر التي يواجهها بلدهم، وإنهم أنجزو الكثير ويقرون بأنه ما زال أمامهم الكثير لينجزوه.

وتختتم الصحيفة مقالها بتعليق للمدير البيئي في مركز الخليج للبحوث بدبي محمد رؤوف يقول فيه "ما علمته لنا الإمارات هو إذا لم نأخذ في الحسبان موضوع ضمان استمرارية الموارد الطبيعية، فإن الربح السريع الذي نحققه قد يكون مصحوبا بمخاطر جمة".


 

مواضيع ذات صلة :