آراء وأقلام نُشر

اليمن والجزيرة في خطر

في الوقت الذي يخال لكل من قناتي «الجزيرة والعالم » بأن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قد خرج من البلاد بلا عودة ، كان احتفال المحتجين في ساحاتهم بطريقة لم يعرف فيها العرف القبلي من قبل ؛ ويعم الاحتفال من أجل قتل بغدرٍ ما وذبح الثيران ابتهاجا لمقتل شخص ..

صورة مشمئزة زادت من شعبية صالح وتعاطف الناس معه ، في حين كانت قناة الجزيرة قد أعادت اعتماد مراسليها منتهكة بذلك السيادة اليمنية أمام مرمى ومسمع الجميع دون أن يوجد فيها مقدار ذرة احترام للسيادة اليمنية ، والغريب أن من يدعون إلى الحرية واحترام اليمني ناصروها وسمحوا لها أن تدوس فوق سيادتهم بالرغم من تحذيرات وزارة الإعلام اليمنية التي هددت بمقاضاة الجزيرة دولياً..

ليس ذلك فحسب .. بل جعلت مغادرة الرئيس اليمني إلى المملكة العربية السعودية للعلاج هو فرارا إليها ، وأصبحت تتحدث عن نظامه بالسابق .. ؛ أضف إلى ذلك هو تحريضها المستميت على أن تجعل اليمن « ليبيا» آخر دون أن يكون لها أو للقائمين عليها أدنى ضمير إنساني أو احترام للجانب الآخر من اليمنيين المحبين لرئيسهم المجروح من خلال دعوتها إلى تكوين مجلس رئاسي انتقالي أثناء مرض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح..

أسلوب قناة الجزيرة .. لا يختلف عن أسلوب قناة العالم بالرغم أن الأولى يدعمها دولة سنية والأخيرة شيعية .. عجباً بأن يتفق أخيرا قناة العالم والجزيرة في الهدف.. الأمر فيه الكثير من اللبس وخفايا عدة ..

طريقة احتفال المحتجين بمحاولة اغتيال صالح،سببا رئيسا بزيادة شعبية الرئيس اليمني وتعاطفهم معه.

النظام القطري« ذو المنهج السني» وجه كل طاقاته لإقامة الثورات العربية .. وقام بجولة مكوكية إلى مصر بعد رحيل مبارك سبقها إلى منزل السيد  أوباما ليعلن بعدها أنه سيستثمر في مصر بعشرات مليارات الدولارات دعما لثورتها ، مع دعمه لاقتصاد تونس ومشاركته في الحرب الدولي على ليبيا ..!! ؛ ليواصل تحركاته بدعم المعارضة في اليمن باسم الثورة الشعبية اليمنية والزج بوزير خارجيته لبث تقارير وتصريحات من شأنها تضعف الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وشعبيته؛ لكنه اصطدم بحكمة وخبرة الرئيس اليمني الذي أوقفه من أن يتدخل مزيدا بالشأن اليمني ، وأعتقد أنه إذا لم أدرك خطأه وانسحب ونصت في الوقت المناسب، لكان الرئيس صالح بدهائه قد أوقع النظام القطري بخلافات وحروبا ستنهي النظام القطري عن بكرة أبيه.. وبالفعل كان قد بدأ ذلك من خلال بث الكراهية لدولة قطر من قبل المنظومة الخليجية ..وخروج الصحفيين والمحلليين الخليجيين بتصريحات مفادها أن الرئيس اليمني قد بدأ يزرع التفرقة في الصف الخليجي .

أما النظام الإيراني «ذو المنهج الشيعي »لا يختلف عن أفكار النظام القطري تجاه احتجاجات الشعوب شيئا ويبدو للمتأمل أن هناك اتفاق سرياً للغاية فيهما على الجزيرة العربية ، بحيث أن النظام الإيراني دعم احتجاجات البحرين ودان بشدة تدخل قوات درع الجزيرة ، وعندما أدرك أن مواجهته لدول الخليج العربي مستحيلة في حال وأن فكر بأن يقدم على خطوة الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا ، اجزم يقينا أن نجاح الاحتجاجات اليمنية الجارة القريبة للمملكة العربية السعودية ستعطي شهية الشعوب في المنطقة إلى التغيير في الأنظمة وبدأ بالفعل بدعم الاحتجاجات في اليمن وأصبح إعلامه ودعوات نظامه لا يختلف عن ما تدعو إليه قناة الجزيرة والنظام القطري لتكوين مجلس رئاسي انتقالي في اليمن .

النظام القطري صمت بعد أن أدرك خطورة صالح على هيبة نظامه.

وقد نقلت وكالة الأنباء الإيرانية « فارس» عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) قوله : أن الشعب اليمني أظهر جدية حقيقية لأهداف سعى لها قبل الثورة وان اليمنيين يدركون أن ثورتهم تصب في خانة الحفاظ على المصالح الوطنية.

ورداً على ما يشاع عن عودة وشيكة للرئيس اليمني إلى اليمن، قال انه حتى لو نجح علي عبد الله صالح في العودة إلى اليمن فإنه لن يكون له أي تأثير كما كان عليه الوضع من قبل لأن صالح يعتبر الآن« ميت سياسياً»  لأن وجوده إذا ما عاد إلى اليمن سيكون شكل خارجي لا قيمة له.

ودعا إلى ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة تأخذ في الاعتبار وجهات نظر الشعب اليمني نظراً إلى وجود قلق كبير يسود المواطنين من احتمالات «خروج الثورة عن مسارها الصحيح  »بعد كشف الخداع الأميركي وما يدبر للثورة اليمنية.

وقال إن مصير الدكتاتوريات في اليمن وليبيا بعد ارتكابها جرائم قتل مفجعة بحق المواطنين كان معلوماً منذ البداية، ما دعا إلى تنظيم احتجاجات للتعبير عن سخط الشعوب من تلك الأنظمة بعد عقود من الزمن تحكمت فيه تلك الدكتاتوريات.

وللمتأمل أن يفكر..!! ماذا لو كانت المعارضة اليمنية أقدمت بالفعل على ما تملي الجزيرة عليهم أو قام المحتجون بفعل ذلك حقاً.. هل ذلك سيمر مرور الكرام ؟! .

هذا الأمر سيجعل من النظام الحاكم ومناصروه يستنفرون استنفارا بكل طاقتهم .. وسيتفجر الاقتتال ويتنقل من حارة إلى حارة .. ومن شارع إلى شارع .. ومن منزل إلى منزل..

نحن على عكس ليبيا تماما .. فالنظام الليبي لم يكن له مؤدين سوى القليل.. لكن الرئيس اليمني له الكثير من ذلك .. وسيصبح الاقتتال في كل مكان في اليمن وكل سيدافع عن نفسه .

أحمرت سماء اليمن بالرصاص وازدانت بالالعاب النارية احتفالا بشفاء صالح قصمت ظهر شورى إيران الذي قال أنه مات سياسيا وانفض مؤيدوه من حوله.

ربما ما حدث في الأمس من احتفالات عمت كل أرجاء اليمن واحمرت السماء بألوان الرصاص لسبع ساعات متواصلة حينما خرج الرئيس اليمني من العناية الفائقة ونجاح العملية الجراحية لهو تأكيدا واضحاً على ما ذهبت إليه في الحديث آنف الذكر، وتكذيبا لما أعلنه رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني .. كان ذلك فقط لخروجه من العناية المركزة .. فكيف سيكون الأمر حينما يعود .. ؟ وماذا لو قامت المعارضة أو مناصروها في ساحات الاعتصام بتشكيل مجلس رئاسي انتقالي ..؟

لماذا قناة الجزيرة والنظام الداعم لها وقناة العالم والنظام الداعم لها يدعون على عجل «إلى تشكيل مجلس رئاسي انتقالي »في اليمن ؟ ما مصلحتهما من اندلاع الحرب الأهلية ، ومن تحول سلمية الثورة  كما يدعون في اليمن إلى ثورة مسلحة ،وحرباً طاحنة كما يحدث الآن في ليبيا؟..

يجب علينا أن ندرك بأن هذه اللعبة التي لم يكتشفها المعتصمين بعد في الساحات اليمنية ستكون على رؤوسنا نحن جميعا ؛ عدى فقط كبار المسئولين وأصحاب النفوذ التجاري والحسابات الجارية في البنوك الخارجية ، الذين يستعملون شباب الساحات كقذائف مدفعية يقصفون بهم المكان الذي يراد لهم .. ؟

متى سيفوق الجميع من سباتهم العميق !!؟؟


 

مواضيع ذات صلة :