آراء وأقلام نُشر

فخ الاستثمار

يجد المسؤولون في البلاد عند أي أزمة مخرجا بالحديث عن جذب الاستثمارات، على أساس أن تشجيعه يضخ أموالا في الخزينة ويشغل عمالة، ما يعيد الامور إلى نصابها عند حدوث ركود أو كساد. في المقابل يجد مستثمرون محليون أنفسهم قد وقعوا في فخ الاستثمار بعد أن ضخوا ملايين الدنانير دون جدوى وعائد، حتى إن عددا منهم وجد نفسه متورطا بقضايا فساد على حين غرة.
ودون ذكر أسماء، حفاظا على سمعة البعض فالأمثلة كثيرة، إذ إن مستثمرا محليا كان قد غادر البلاد ونقل مقر شركته للخارج بسبب البيروقراطية والتلكؤ في الإجراءات ليعود من جديد استعدادا للعمل يجد نفسه محكوما بالسجن وبتهمة الرشوة دون أدلة دامغة.
مستثمر آخر حجزت على أمواله المنقولة وغير المنقولة، بعد أن اكتشف اختلاسات في مشروع موله، وعند التدقيق بالأوراق وتحريف الأرقام استطاع المختلس أن يقلب الطاولة بسبب النفوذ الذي يتمتع به ليجد المستثمر نفسه المتهم الأول ومضطرا للدفاع عن نفسه.
وهنالك حالات كثيرة رواها أصحابها ومنهم من زال مقيما في البلاد، بينما آخرون يروون تلك الحكايات لمستثمرين عرب وأجانب يرغبون بالقدوم، وما إن يسمعوا تلك الحكايات حتى يتراجعوا ويعيدوا حساباتهم.
فخ الاستثمار كما يصفه هؤلاء أفرز أرضية خصبة لاستثمارات غير مجدية، بعد أن حصل مستثمرون آخرون بمعية مسؤولين متنفذين على تسهيلات بنكية وأراضي بأسعار زهيدة إن لم تكن بالمجان ليقتصر النفع على هؤلاء دون تشغيل عمالة محلية أو يلقى الاقتصاد ككل دفعة للامام.
وإن سلمنا بأن هؤلاء يستطيعون تقديم شكاوى وطرح قضاياهم، فإنهم يعجزون عن بلوغ الطرق السليمة بسبب تعدد المرجعيات إن كانت لتنفيذ عمليات الاستثمار أو الشكوى، ما يضيع القضايا ويدخلها في تفاصيل لغايات التأخير، فمثلا هنالك وزارة الصناعة والتجارة، وهنالك مؤسسة تشجيع الاستثمار، وهنالك هيئة الأوراق المالية كلها تتعامل بشكل منفرد، وكل واحدة مرجعية مستقلة.
مطلوب محكمة استثمار ونافذة واحدة لطلب الاستثمارات وتنفيذها، تضمن المتابعة من خلال لجان تشكل لهذه الغاية، وتتضمن مكتبا للشكاوى يتم النظر من خلاله على الشكاوى والقضايا الخاصة بالاستثمار من قبل مستويات عليا لا من موظفين وكتبة يعملون على تقديم شكاوى على حساب أخرى، خصوصا إذا كانت لنفس القضية طرفاها: مستثمر مظلوم، ومتنفذ مسؤول.
 
السبيل

 

مواضيع ذات صلة :